facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

تلوث مصادر المياه العربية كارثة تدمر الانسان والحيوان

تلوث مصادر المياه العربية كارثة تدمر الانسان والحيوان

سارة طالب السهيل

القبة نيوز-يجيئ احتفال الامم المتحدة باليوم العالمي للمياه سنويا في 22 من مارس الجاري لابراز اهمية الحفاظ على المياهوحسن ادراتها واثارة الوعي بالحفاظ عليها وحسن ادارة مواردها تحقيقا لأهداف التنمية المستدامة بضمان اتاحتها للجميع بحلول عام 2030.


وفيما قدرت الامم المتحدة عام 2010، الحق فى الحصول على مياه شرب مأمونة ونقية، وخدمات الصرف الصحى، هو حق من حقوق الإنسان ولا بد منه للتمتع التام بالحياة وبجميع حقوق الإنسان، فان هذا الحق لا يصل الى الملايين من البشر لغياب المياه الصالحة للاستهلاك الآدمي نتيجة انتشار التلوث في البحار والانهار والمحيطات بفعلالتدهور البيئى وتغير المناخ والنمو السكانى والصراعات والنزوح القسرى وتدفقات الهجرة.

ولما كان الماء هو مصدر الحياة لكل المخلوقات الطبيعية كما قال الله تعالى في محكم كتابه "وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون" صدق الله العظيم، حيث يعد الماء بأنواعه العذب المكوّن الأساسي لتركيب مـادة الخلية الحية في الانسان والحيوان والنبات، فان تلوث مصادره،وما تخلفه من امراض تنتقل من الماء الى كل الكائنات الحية.

وقد زادت معدلات تلوث المياة في البحار والانهار والميحطات بشكل متنامي بعد الحرب العالمية الثانيـة، نتيجـةً لزيادة الإنتاج الصناعي ومخلفاته من الأحماض والمعادن والقلويات والأملاح والزيوت بجانب المخلفات الإنسانية أو النباتية أو الحيوانية أو المعدنية أو الصناعية أو الكيماوية التي تُلقى أو تُصبّ فيالمجاري المائيةكالبحار أو البحيرات أو الأنهار أو المياه الجوفية.

ويتخذ تلوث المياهأشكال مختلفةـ كما ذكرها العلماء المختصين، ومنهااستنـزاف كميات كبيرة مـن الأوجميلجين الذائب في مياه المحيطات والبحار والبحيرات والأنهار مما أدى إلى تناقص أعداد الأحياء المائية. وكذلك زيادة نسبة المواد الكيماوية في المياه مما يجعلها سامة للأحياء.

ويتسبب نمـو الجراثيم والطُفَيليّات والأحياء الدقيقة بالمياه تقليل قيمتها كمصـدرٍ للشـرب أو ريٍّ للمحاصيل الزراعية، أما مياه البحيرات المالحة فقد تلوثت هي الاخرى بالزئبق والزرنيخ والنحاس وغيرها، بينما انتقل التلوث الى المياه الجوفية بفعل تسرب مياه المجاري ومياه الصرف اليها وما تحتويه من الميكروبات ومركبات كيماوية، تكسب المياه الجوفية رائحة كريهة ومذاقا غير مستساغا.
وانتقلت عدوى التلوث بدورها الى المحيطـات والبحار نتيجة تنظيف البواخر وتسرب زيت النفطفي المحيطيينالهادي والهندي، وهو ما يؤدي الى تكوين طبقة عازلة تمنع التبادل الغازي بـين الماء والهـواء، فتمنع وصول الأوجميلجين إلى الكائنات البحرية ويصيبها بالامراض وقد يتسبب في نفوقها وتلف النبات.

وكما يؤكد العلماء، فان البحار مسؤولة عن انتاج نصف ما يحتاجه الإنسان من الأوكسجين، وتساعد على إيجاد التوازن الغذائي لثاني أجميليد الكربون، واي تلوث في هذه البحار يؤثر في انتاجها للاوكسجين ويخل بالتوازن البيئي.

تلوث المياه العربية
تتعرض العديد من البلدان العربية لكوارث بيئية تلوث مائها خاصة نهر النيل في مصر والانهار في لبنان والعراقتتسب انتشار الامراض ونفوق الاسماك والكائنات البحرية الضرورية لاستمرار التوازن البيئ،وناهيك عن النقص الحاد في المياه الضرورية الصالحة للشرب والزراعة.

الامرض المعوية والكبدية
ففي مصر تعددت مصادر تلوث شريان الحياة نهر النيل نتيجة القاء الناس مخلفاتهم المنزلية والحيوانات النافقة في النيل، ومصادر صناعية ناتجة عن طرح المصانع مخلفاتها بما تحتوبه من مواد سامة في النهر بما يؤثر سلبا على سلامةالكائنات البحرية وأيضا المحاصيل الزراعية التي تروى بماء النيل.

وهناك مصادر زراعيةللتلوث تنتجعبر استخدامالمبيدات الزراعيةوالاسمدة الكيماوية فيالتربة وهذهالعناصر تتحلل في باطن الأرض وتصل لمياه نهر النيل فتلوثها بالعديد من المركبات السامة كالتيتانيوم والمنجنيز. بجانب نمو بعض أنواع النباتات السامة في المياه، مثل نبتة وردة النيل السامة والضارة، وهي تتكاثر وتنمو بسرعة وتستهلك جزءا مهما من مياه النهر وتسبب في انتشارالعديد من الأمراض مثل البلهارسيا والملاريا الكبدية، كما يعرض الثروة السمكية للموت، وخاصةً التي تتغذى على العوالق البحرية والنباتات.

السرطان وانعدام الطحالب
ففي لبنان أظهرت دراسة أجرتها مصلحة الأبحاث الزراعية، أن مياه لبنان بمعظمها ملوثة بنسب متفاوتة، تلوثا جرثوميا وكيميائيا وبالمعادن الثقيلة ومنها الزئبق السام، ووصلتنسبة التلوث في بعض الشواطىء خاصة الصناعية نسبة 100%، ومنها بيروت وعكار وبعض مناطق الجبل والبقاع" .

ويطال التلوث مختلف الأنهار والشواطىء ومنهانهر الكلب وانطلياس وبيروت والليطاني والبردوني والغزيل.

وكشفت الدراسات ايضا عن انتلوّث نهر الليطاني (يستفيد منه ثلث اللبنانيين) وبحيرة القرعون بلغ حد عدم إمكانية لاستعمال مياههما سواء للريّ أو الشرب. رصدت هذه الدراسةالتي اعدها المجلس الوطني للبحوث العلمية بلبنان وجود 4 مصادر للتلوّث، هي النفايات المنزلية والمخلفات الطبية، ومياه الصرف الصحي،فضلاً عن المنشآت الصناعية التي تطرح نفاياتها الملوثة بالمبيدات والمخلفات المعدنية في حوض النهر، بجانب المبيدات الكيماوية الزراعية غير القابلة للتحلّل وتصل للأنهار.

وتوجد، بحسب الدراسة ذاتها ـ في بحيرة القرعون ثلاثة أنواع من الجراثيم البكتيرية الخطيرة من نوع Cyanobacteriaظهرت للمرة الأولى عام 2007، وتتغذّى من النترات والفوسفات وتفرز سموماً وتقضي على كلّ أشكال الحياة، فيما اكدت التجارب العالمية التي أجريت عليها صعوبة التخلّص منها. وهو ما أدى إلى انعدام وجود الطحالب في القرعون بعدما كان يوجد نحو 160 نوعاً منها، كذلك تراجعت أنواع الأسماك من 110 أنواع إلى نوع واحد. فيما تراكمت الرسوبيات في قعر البحيرة. وتسبب هذا التلوث في ظهور وارتفاعنسبة الاصابة بمرض السرطان وسط سكان هذه المنطقة.

كما ترددت اخبار عن رمي المخلفات الطبية الملوثة في الأنهار و البحار مثل الحقن الطبية وغيرها مما ينقل الجراثيم و الأمراض بخطر شديد على البشرية
التسمم ونفوق الاسماك

أما حال التلوث المائي في العراقفقد بلغ مستويات شديدة الخطورة، خاصة بعد انخفاض منسوب المياه، عقب إقامة السدود التركية والإيرانية والتي أدت إلى ارتفاع نسب التلوث في نهاية الأنهار، مما تسبب في تسمم آلاف الحالات إثر تلوث مياه الشرب في محافظة البصرة.
كما شهدت العراق في الأشهر الأخيرة ظاهرة نفوق الأسماك بشكل لافت للنظر، وكشفت منظمة الصحة العالمية عن سبب ظاهرة نفوق الأسماك، والمتمثل في ارتفاع نسب المعادن الثقيلة والأمونيا والبكتيريا القولونية (coliform bacteria) في مياه نهر الفرات.

ناهيك عن رمي المخلفات الصناعية او مخلفات المطاعم اضافة لعدم وعي المواطنين بالحفاظ على نظافة النهرين

اضافة لما مرت به العراق من حروب و تلوث حربي كان من الممكن إنقاذ ما يمكن انقاذه من البيئة
انقاذ حياتنا

لما كان الماء بأنواعه عذب ومالح هو اساس في استمرار حياتنا على الكرة الارضية، فالمحافظة على نقائه وتوزانه الطبيعي يمثل ضرورة لحياة الانسان، ولكن بعد ان و قعت الفأس الرأس ـكما يقال في الاثر الشعبي ـ وتلوثت مصادر المياه فليس أمامنا سوى معالجة الامر و محاولة تنقية المياه و تنظيف الأنهر و البحار والمحافظة على ما تبقى من مياه صالحة للاستهلاك الادمي، ومحاولة انقاذ المياه الملوثة بمعالجتها باحدث النظم العلمية العالمية، مع العمل الحازم لوقف استمرار مصادر تلوث المياه ووضع قوانين صارمة و عقوبات مشدده لمن يفعل مثل هذه الأفعال
وفي تقديري ان الحكومات خاصة فى بلادنا العربية التي ارتفعت فيها نسبة الملوثات في المياه لدرجات مخيفة، مطالبة بالاسراع في وضع خطط واسترتيجيات قصيرة وطويلة الاجل لانقاذ ما يمكن انقاذ في حياتنا المائية، على ان تكون هذه الخطط جاهزة للتطبيق الفعلي على الارض لتؤتي ثمارها بأسرع وقت وهو ما يستلزم معه سن تشريعات وطنية حاسمة ورادعة لكل ما يمس الامن المائي من التلوث.

تغيير الثقافة
في تقديري ان مشكلة تواجه البشر تنبع من سيطرة رؤى وافكار تدفعه لاستغلال الطبيعة ومياهها لتحقيق مكاسب مادية سريعة، وهذه الرؤية قد اهلكت الطبيعة وانهكتها وقد تقضي على أية احلام في التنمية البشرية مستقبلا كما في الزراعة .

وهنا اتصور ان المجتمع الانساني بعامة والعربي بخاصة في اشد الحاجة الى تغير رؤيته الثقافية وفلسفتها في التعاطي مع الطبيعة ونعمة مياهها، لتتحول الى نظرة اكثر رفقا بلامياه واكثر محافظة عليها من نظرة الاستغلال الاقنصادي والمكسب المادي السريع الذي يفتك بالبشرية والكونية وخيراتها.

فالحكومات العربية، مطالبة بتبني فلسفة ترعى صحة الانسان قبل ان ترعى منظومة اقتصاده، هذا يعني وقف اي نشاط اقتصادي من مصانع وغيره بجوار مجاري الانهار والبحار ، ونقل ما هو قائم من هذه المصانعالى اماكن بعيدة عن الانهار، و الاسراع بممارسة رقابة مشدد على المصانع التي لا تقوم بمعمل معالجات صحية لمخلفاتها الصناعية وتشديد العقوبة على مخالفيها.

ونشر الوعي الثقافي الكامل عبر كل وسائل الاتصال الحديثة والقديمة كالمؤسسات التربوية والتعيلمية والدينية والرياضية بأهمية الحفاظ على المياه من التلوث وشن حملات توعوية باهمية النظافة في المجتمع الاسريبصفة عامة، والوعي بمخاطر القاء مخلفات المنازلومخلفات الانسان او النبات في مياه الانهار والبحار، وشن حملات توعوية اخرى لعدم إلقاء المواد البلاستيكية في المياه وتوضيح نتائجه الضاره حيث تقتل الأسماك والطيور.

وإيجاد توصيـلات لنقل المياه الملوثة مـن أماكن تواجدها إلى المنخفضات مع الإكثار من حملات التشجير التي لا تحتاج إلى ري بالماء إذ إنها تصل بجذورها إلـى المياه الجوفية الموجودة فـي باطن التربة.

ولابد للحكومات العربية ان تمارس دورها الرقابي على المزارعينوتحدد أماكن رشّ المبيدات التي تستعمل للمحاصيل الزراعية في الاماكن البعيدة عن البحيرات و السدود والقنوات والأنهار.
وفي تقديري ان ازمة تلوث المياه تمثل كازمة انسانية عامة لابد وان تتعاون فيها الشعوب والحكومات معا في انقاذ ماء الحياة، ومن ذلك التعاون في معالجة مياه الصرف الصحي قبل أن تصل إلى المسطحات المائية، وكذلك التخلص من النفط ومخلفات السفن في الصحراء عن طريق الحرق، بعيد عن طرحها في المسطحات المائية حفاظا على مياه البحر وثروته السمكية وكائناته البحرية.

وكذلك التعاون في مجالإعادة تدوير النفايات بدل من إلقائها في مياه البحر، ومنعتصريف المياه الحارة الناتجة عـن المفاعلات النووية أو مراكز التحلية أو توليد الطاقة، إلى الأنهار والبحار، وهو ما يتطلب عقد اتفاقيات دولية لتحقيق هذا الهدف الضروري.

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )