facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

يا بحر مهلك علينا

يا بحر مهلك علينا

القبة نيوز-صوت المنادي من بعيد: لم يبق لدينا أي جثة مفقودة في فاجعة البحر الميت . بهذه الكلمات خُتم المشهد و انطفأ القنديل  فاعتصر قلبي أنا..و خفت أكثر  نعم خفت أكثر ! لست أعرف اذا كانت جمله ذلك المنادي هي سيدة الموقف فعلا في حدث ربما كان الأكبر أثرا و صدمة علينا في الأردن حيث أسدل الستار -على الأقل- على عملية البحث عن المزيد من الإبتسامات و الدموع و بذلك سيتوقف الحديث عنها  ليستمر الحديث عن التحقيق .. تحقيق المسوؤلية. هل علمتم ماذا أخافني اذا؟   أن الفاجعه حقيقة و واقع حدث  فعلا عكس أمنياتنا جميعا و كم خِلت خلال الساعات الثقيلة الهامدة فوق روحي و ذاك الكرسي الذي لم أفارقه أن يكون الخبر مجرد  كابوسا و حلما سيئا أو لعلّه شائعة و كذبة كتلك التي تسري في زوايا البلاد بين وقت و آخر. مؤلم جدا كل ما حصل مسّ انسانيتنا و انفطرت القلوب و انقلب بيت كل أردني إلى مكلوم. إنه البحر الميت الذي أنعشته أخيرا ضحكاتهم البريئة و أرواحهم الطاهرة و غرتّه أجسادهم الغضّة فعاش مرة واحدة ليلهو معهم فابتلعهم ...و غابوا ... فعاد البحر ميت ! كم تساءلت مرارا و لازال السؤال هل سيبقى هناك حماس يشعل قلوبنا لنتجه إليه من جديد طلبا للراحة و الاستجمام ؟ و هل سَتُسمع صرخات الاستغاثة في هدوء الغروب على شواطئه الذي طالما وقفنا جميعا هناك لنلتقط صورا..  كم أنت مكلوم يا وطني، و إنه البحر الوحيد هنا و قد أصبح ميتا مرتين . أيها الملائكة نعتذر منكم  فلن تطفئ أحضان الأمهات بعودتكم ككل يوم و لن يعود صدى صوتكم ليثلج قلب أم كعادتها إن غاب عنها طفلها نادته : أنت وين ؟  ردّ : أنا هون ... فاطمأنت أن القلب بخير. و برغم الفراق القسري لن تتوقف و لن تنتهي  قصة العشق التي تبدأ منذ اللحظة الأولى التي تتيقن كل أنثى أنها بداخلها الآن بذرة حياة فترعاها لحظة بلحظة ثم تفرح و تستعجل أن يكبر أبناؤها فتحتفل بأول خطوة لهم ايذانا أنهم ولدوا للحياة و تنسى أن معنى ذلك حرفيا: أنهم يفارقون أحضاننا الآمنة ليواجهوا قسوة الطريق . أطفال الفاجعة ..ملائكة الوطن بغيابكم اعلموا أن اليتم ليس للأبناء فقط بل أيضا للآباء و الأمهات و أن الحاجة إلى عناق طويل للشعور بالأمان ليس مطلب للأطفال فقط حين يعانقون أهاليهم بل هي حاجة الآباء و الأمهات إن ضموكم إلى صدورهم. فسلام عليكم ..ناموا بهدوء و أمان سلام عليكم أيها الراحلون إلى أعلى السماء التاركين وراءكم شوقا لا تطفئه السنين و ذكرى لن و لم تمحوها كل مشاغل الحياة...   الرحمة للقلوب الصغيرة و الصبر لك يا أردن .

الدستور
تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير