هيبة الدولة ومهابة النخب
- تاريخ النشر : 2018-05-01 04:12:29 -
القبة نيوز-التفسير الخفي لخصوصية العلاقة بين الاردنيين تنطلق من وعي وادراك لمخاطر التذمر ومزالق التهور في التعاطي مع الشأن العام في ظل ظروف اقليمية ودولية بالغة الخطورة ، بل ربما يمكن القول ان تزاوج الهيبة والهوية في الدولة الأردنية هي رواية الصمت الواعي الذي ما زال يخضع للأختبار القاسي من الحكومة وقوى الظل الخفي والشد العكسي بنوايا مختلفة وأساليب متباينة .
هيبة الدولة هي احدى الضمانات الأساسية لسيادة القانون وترسيخ مفهوم الهوية الوطنية الجامعة ، ولأنها كذلك فأن تراجع الثقة الشعبية بالمؤسسات العامة الاساسية مرتبط الى حدٍ بعيد بتراجع مهابة النخب السياسية الى مستويات مقلقة والتي لم يعد معها ممكناً مقارنتها بالنخب السياسية الوطنية في حقبة التسعينات وما قبلها ، بل ان النخب نفسها اسهمت في اهتراء صورتها الشعبية وبدرجة لا تقبل الرتق .
منذ نشأة الدولة الأردنية كان كبار المسؤولين الذين غادروا الموقع العام احتياطاً استراتيجياً للدولة الأردنية لتعزيز الثقة العامة وتقديم النصح الصادق للحكومة وكبار موظفيها ، وكان الأقتراب من خوارم المروءة امر يكاد يكون مستحيلاً او صعباً الى درجة تنهي معه الحياة السياسية لمقترفيها دون تردد ، ذلك ان انتقال صفوة النخب في مواقع المسؤولية الى مهمات اجتماعية لا تلائم صورة مواقعهم في أذهان المراقبين وقوى الرصد السلوكي لكبار المسؤولين قد ادى الى نتائج وخيمة على هيبة الدولة ومهابة النخب معاً .
رجل الدولة ليس شخصاً عادياً يفعل ما يريد وفق هواه وانما قدوة مفترضه لرصانة السلوك وعمق التجربة ، واهتراء الصورة يتبعه تآكل الثقة بمفهوم الموقع العام ويؤدي الى انزلاق قناعة الناس وثقتهم الى مساحات مجهولة ، ونحن لا ندعوا الى تعالي المسؤول على المواطن ؛ فالتواضع سمة ترتقي بالمسؤول الواثق من نفسه الى مراتب الثقة ، ولكن هذا لا يعني ان يتحول المسؤول الى حالة احباط يحاول ردم هوتها بالتواجد الانفعالي في الأماكن والتجمعات بمناسبة او بدونها .
علينا ان نعترف ان ثمة خلل بنيوي في ادارة النخب السياسية الرسمية والشعبية لنفسها ولسلوكها السياسي وبطريقة عرضت تلك النخب للتندر والاحتجاج في مواقف كثيرة ؛ الامر الذي يجعلها حالة جدلية في المشهد العام بتطلب معها مدونة سلوك عام تضبط حالة الأنفلات في تقدير الموقف كلما تطلب الأمر ذلك ، اذ قد يكون من غير المناسب ذكر امثلة متكررة في هذا الشأن كان آخرها قبل أيام .
الدولة الأردنية قدمت لكبار رجال الدولة من المتقاعدين والعاملين كل ما يلزم من حفظ المكانة وتقدير المجتمع ودرء الحاجة ، ذلك ان مبررات ودواعي التقائهم لبحث مشكلات الوطن وسبل نهضته ورفعته وتقديم النصح للقائمين على ادارة الدولة اولى بكثير من جاهات الخطوبة وحفلات الاعراس ، وادوارهم الوطنية يعتريها الارتباك والعشوائية واللامبالاة لا بل ربما التشفي بالحكومة احياناً كلما حل بها خطب .
العارض الصحي الذي تعرض له الرئيس اقتضى منا تعظيم بعض القرارات الايجابية للحكومة وتأجيل النقد للاخفاقات في مجالات أخرى التزاماً بقواعد الاخلاق الوطنية ومتطلبات المروءة التي تربينا عليها في هكذا حالات ، وتقديراً لتعفف الرجل في قبض المكافآت في المنطقة الاقتصادية والمخصصات في دار الرئاسة وحرصه على العلاج في الوطن رغم دقة الظرف وصعوبته وقتذاك مما اوجب احترامه واجلال موقفه في هذا الشأن سواء اتفقنا معه او اختلفنا في مجالات اخرى .
اما وقد تعافى الرئيس – بحمد الله – فأن الواجب الوطني يدعونا لأعلاء الصوت وتذكير الحكومة بأن المحاصصة العرقية والمناطقية تقتل هيبة الدولة ومهابة رجالاتها وان الوطن اكبر من الاشخاص والمواقع براً بالقسم بالحفاظ على الدستور وخدمة الأمة والقيام بالواجب والأخلاص للقيادة ، ومن جهة اخرى فأن اعادة الهيبة والثقة للسلطات الدستورية الثلاث والمؤسسات العابة هو واجب وطني لا يسبقه واجب ، وان أختلاف الرأي لا يفسد في الود قضية
تابعوا القبة نيوز على