المرأة العراقية في الصفوف السياسية الخلفية
- تاريخ النشر : 2018-03-30 17:55:21 -
القبة نيوز - لا يحتاج الأمر الى كثير من التمحيص والتدقيق لندرك التغييب الحاصل للمرأة العراقية في الحياة السياسية، فعلى الرغم من ان النساء يشكل تقريبا نصف عدد السكان وفقا للبيانات المنشورة من قبل البنك الدولي وكذلك تقريبا نصف عدد الناخبين الا اننا لن نجد أي انعكاس لهذه النسبة في المشهد السياسي العراقي على الاطلاق.
وعلى الجميع ان يعترف ان المرأة في العراق تعاني من التمييز ووقع انتهاكات بحقها سواء على مستوى التشريع او الممارسة المجتمعية، والامثلة على ذلك كثيرة بدءا من نصوص العديد من القوانين وصولا الى ممارسة اشكال مختلفة من العنف ضد المرأة في مختلف ارجاء العراق، ولعل مؤشر حالة المرأة الذي صدر عن الأمم المتحدة في الربع الأخير من عام 2017 يؤكد على ذلك، حيث جاء العراق ضمن أسوأ الدول فيما يتعلق بأوضاع المرأة بشكل عام وكان ترتيبه السادس من حيث السوء على المقياس الذي شمل 153 دولة
ومع اقتراب الانتخابات التشريعية المقررة في منتصف شهر أيار/مايو المقبل فأننا لا نكاد نلمح أي دور حقيقي للمرأة العراقية فيها، حيث تغيب المرأة عن قيادة الغالبية الساحقة من القوائم والتحالفات، بل أنها غابت عن لعب أي دور في تشكيل هذه التحالفات او حتى صياغة برامجها الانتخابية الا في حالات نادرة جدا تظل في دائرة الاستثناء. ولا يختلف الحال كثيرا في الأحزاب السياسية، حيث لا وجود للمرأة في المناصب القيادية داخل الأحزاب الا في حالات نادرة جدا.
وعلى الرغم من ان نسبة النساء في مجلس النواب العراقي تتجاوز الربع بقليل، الا ان هذه النسبة كانت نتيجة لاعتماد نظام الكوتا النسائية، ولو لم يكن هذا النظام موجودا لربما لم تتجاوز نسبة النساء في المجلس خمسة بالمائة، هذا اذا كنا متفائلين، وحتى في هذه الحالة فأن الدور الذي تلعبه المرأة في مجلس النواب يعيش في ظل الرجال، فعلى سبيل المثال فأن النساء في المجلس يترأسن ثلاثة لجان نيابية من اصل ستة وعشرين لجنة، أي أن نسبة ترؤس النساء للجان لا تتجاوز 12% وبالتالي فلم يصل تمثيل النساء في رئاسة اللجان حتى الى نسبة مقاعدهن في المجلس، ناهيك عن ان رئاسة المجلس نفسها لا تضم أي سيدة على الاطلاق.
واستمرار في الحديث عن الانتخابات فلا يمكننا ان نغفل أن تشكيلة المفوضين في المفوضية العليا للانتخابات خلت من أي عنصر نسائي، كما ان السيدات لا يتبوأن مناصب عالية في المفوضية ولا حتى في لجان الاقتراع والعد والفرز، وبهذا فأنه قد تم تغييب المرأة عن لعب دور رئيسي في إدارة العملية الانتخابية.
أما المرأة كناخبة، وعلى الرغم من توجه النساء الى صندوق الاقتراع الا ان المرأة في اغلب الحالات تشارك نزولا عند رغبة الزوج او الاب وتقوم بالانتخاب وفقا لما يقرره زوجه أو اخيها ولا تنتخب عن قناعة ذاتية، مع التأكيد ان نسبة مشاركة المرأة العراقية كناخبة تظل دون الطموح بكثر ولا تعكس الوزن الانتخابي للنساء في العراق.
وإذا أردنا ان ننظر الى وجود المرأة في المناصب العامة فأن الحال لن يختلف كثيرا، ومع معرفتنا بأن توزيع هذه المناصب في العراق كما هو في اغلب دول المنطقة لا يكون على أساس الكفاءة، ومع ذلك فان هناك غيابا واضحا للمرأة العراقية عن تولي مناصب قيادية، وان حدث ذلك فهو جزء من عملية المحاصصة بأبعادها المختلفة.
انه لأمر محزن ان تجد المرأة العراقية نفسها في الصفوف الخلفية سياسيا وهي صاحبة تاريخ نضالي مشرف، وكانت على مدى عقود في طليعة النساء في المنطقة، ودفعت اثمانا غالية في سبيل وطنها وحقوقها، ويصبح المشهد اكثر حزنا عندما نعرف ان العراق مليء بالنساء الكفؤات القادرات على شغل المناصب العامة وخوض الحياة السياسية بكل اقتدار، وبدلا من ان نراهن في هذه المناصب يتم حرمانهن منها، بل ويتم تصدير نساء لا يمثلن ما تحمله المرأة العراقية من ثقافة ومهارات الى المشهد السياسي، الا من رحم ربي طبعا!
تابعوا القبة نيوز على