الشربجي تكتب : اذا استطاعت الدول العربيه فهم أهمية الجغرافيا في عالم السياسه الجديد فإنها سوف تقرأ مستقبلها
- تاريخ النشر : 2018-03-17 23:13:32 -
عــلا الشربـجي
القبة نيوز - بعد الحرب العالميه الثانية قفز العلم السياسي قفزات سريعة بسبب متطلبات المرحله وهو الصراع بين الدول الكبرى ، و بدأنا باستخدام مصطلحات جديده ذات علاقة يبنى عليها حركة الجيوش و هيمنة الاقتصاد و تطويع الحلفاء و عزل الخصوم .
تفرد مصطلح واحد لفهم ما يجري في المرحله الحاليّه و مستقبل البلدان الا و هو الجغرافيا بالمفهوم السياسي الذي اصبح اللاعب الرئيسي في تفكيك الأشياء و فهمها و السعي لها.
و يأتي ذلك من خلال المسميات الجديده لمصطلحات مثل الجيوستراتيجي و الجيوسياسي و الجيو اقتصادي و و الجيومواصلات و الجيوستهلاكي ،وبناءا عليه بنيت عليها نظريات الحراك العالمي في مصالح القوى العالميه و عليه تم تصنيف العالم كما يلي :-
الصنف الاول الجيوستراتيجي : الدول المنتصره محاور حراك "الجغرافيا الاستراتيجية " بمعنى انها بدأت تبحث عن الهيمنه و مد الأذرع مما اضطرها دوما النظر الى خارطة العالم و دراسة جغرافية البلدان لانتقاء مكامن القوى.
الصنف الثاني الجيوسياسي : الدول التي تمتلك مكامن قوى محدودة سمحت لها ان تلعب دورا اقليميا محدودا صنفت بأنها دول ذات تأثير جيوسياسي مثل اندونسيا و ماليزيا و سنغافورة و تركيا و ايران و الكوريتين.
الصنف الثالث الجيوقتصادي : دول تمتلك مصادر الطاقة و الثروات و المعادن و النفط و التي تعد من اهم عوامل تأرجح الاقتصاد بين المحاور العالميه الكبرى ليبدأ تنافس و صراع الدول الكبرى في محاولة منها لوضع دول الجيوسياسي و الجيوقتصادي في محورها سواء كان بشكل دبلوماسي أم قسري .
الصنف الرابع الجيوبرمائيه : مصطلح ابتكاري لكاتب المقال تأمين جغرافية الملاحه البرية و البحرية للنفوذ العسكري و نقل الموارد و الطاقة مثل الاحتلال الروسي لجزيرة القرم و الصراع على مضيق باب المندب و خط طهران بغداد دمشق و جنوب لبنان .
الصنف الخامل الجيوستهلاكي : مصطلح ابتكاري لكاتب المقال دول مستهلكة شحيحة الموارد ،تفتعل فيها الأزمات حاليا الى ان يحين موعد توظيفها لخدمة المحاور الكبرى العالميه .
و اعتمادا لتلك التصنيفات رسمت جغرافية العالم الحاليّه القابله للتغيير أراد العراق الدخول الى لعبة التوازنات الدولية الكبرى بعد ان امتلك ثلاثة تصنيفات ( السياسية و الاقتصاديه و البرمائية ) فما كان من المعسكر الغربي الا ان سارع الى إقصاء العراق عن لعب هذا الدور ، بالتدخل العسكري المباشر ليفتح باب الدخول للجيوش الى دول اخرى كما حصل بدخول جيش روسيا الى سوريا و هذا ما سنتطرق اليه في مواضيع اخرى .
من أراد ان يعرف ما يواجه وطنه من تحديات و اَي مستقبل قادم ..عليه ان يقرأ الجغرافيا ليفهم الى أين ستتجه البوصلة بناءا على لعبة التصنيفات الجغرافية.
اذا استطاعت الدول العربيه فهم أهمية الجغرافيا في عالم السياسه الجديد فانها سوف تقراء مستقبلها لعشرات السنين تتحرك الجيوش للدول الكبرى عندما يهدد العامل الجيوستراتيجي الموقع الجيوسياسي هو صراع نفوذ بين البلدان في فرض الأيدلوجيات .
في 2003 عندما احتل أمريكا العراق تعرض العراق الى ثلاث منقلبات جذريه هزت أركانه و غيرت نظامه حيث ترتب عليها ما يلي :
1-نقل العراق من النظام الشمولي الى نظام ديمقراطي متعدد منقوص
2-التحطيم المتعمد لدولة العراق و إنهاك مقومات النهوض السريع .
3-ارتهان الاقتصاد العراقي بالنظام الاقتصادي العالمي وتكبيله لعقود من الزمن مما ترتب عليه تحطم الهوية العراقيه المنضويه تحت النظام الشمولي لتبرز مكانها الهويات الفرعية ..
وبالتالي خرجت الى الساحة هويات المذهب و العرق و الأقليات هذا التعدد في الهويات في تاريخ العراق الحديث يعتبر حالة جديده تواجه المجتمع العراقي .. و من المعروف ان تعدد الهويات للمجتمعات له مسارين اما مسار في اعلى القمم لبناء الحياة الإنسانيه مثل التجربة السويسريه و السنغافورية والماليزية بحيث نقلت الاقتصاد فيها و الدخل الاجمالي للفرد الى مستويات متقدمة تفوق حتى الدول المتقدمة عنها .
اما المسار الثاني الذي يتجه اليه صراع تغليب الهويات مثلما جرى في يوغسلافيا و بتشيكوسلوفاكيا حيث انقسمت الى التشيك و سلوفاكيا و يوغسلافيا الى سبعة دول.
وفِي ظل هذا التعدد وجد الشعب العراقي نفسه امام خيارين اما المضي في تعدد الهويات لتكون سمة دافعه للانسانية و الوجود ،و اما الانغلاق تحت مظلة الهوية و صراعاتها التي ستؤدي به في نهاية المطاف الى التقسيم، اذا ما زال العراق يعيش حالة مخاض تتوقف على خيارات الشارع العراقي في وحدة العراق و قدرته على محاربة محاولة شرذمته و تقطيعه من قبل التدخلات الاقليميه و الدولية في الساحة العراقيه، اذ ان هناك صراع نفوذ حقيقي بدأ يظهر في العراق و هو الصراع الإيراني الامريكي على هوية الدولة العراقية حيث تغلغلت التحالفات الطائفيه و القومية و العرقية و لكنها فشلت لتعود اليوم مغلفة برداء المدنية امام المجتمع العراقي و الدولي .
حاول السياسيون العراقييون اضفاء مسميات جديده على تكتلاتهم لتبدو وكأنها تيارات مدنية لكن في مكنونها ما زالت مقيده للتيار الراديكالي ،و هو ما عمل على نقل الطائفية التي تنخر العراق من الاقتتال الى ترسيخ الهوية بمعنى انه بعد ان عانى العراقيون من القتل و الاٍرهاب لمجرد ان هويتهم من احد المكونات الثلاث (سني ،شيعي،كردي) تم ترسيخ هذه الهويات ليكون نتاج ذلك ان يعتاد العرف على وجوب ان يكون " رئيس الوزراء " من المكون الشيعي ضمن مفهوم أغلبية المكون الاجتماعي و ليس مفهوم الفكر و المنهج السياسي .
و لكن للإنصاف يجب أن نتذكر ان أساس بناء هذه الطائفية بدأ منذ احتلال الأمريكان للعراق حيث قام الرئيس الامريكي جورج بوش بتعين بول بريمر رئيسا لسلطة الائتلاف المؤقتة الذي تبنى تأليف التقاسم الطائفي للسلطه و الذي بات يخضع لضوابط دستورية لتتحول الدولة الى كعكة مقتسمه بناءا على توزيع طائفي للسلطه والذي بات يخضع لضوابط دستورية .
لتتحول الدول الى كعكه متقسمة بناءا على توزيع طائفي للسطلة لى الرئاسيات الثلاث ( سنية ، شيعية ،كردية ) وتم هندسة الدولة العراقية على نهج الطائفي ، وبهذا تمرق النسيج الوطني العراقي ، وأفسد التمثيل الوطني والعمل على السياسي في البلاد .
امريكا زرعت بذرة الهويات في العراق و ايران عززت المفهوم و النهج الطائفي و الشعب وقف مشلولا امام ما فرض عليه من واقع جديد . و بذلك كرست الطائفية قاعدة لها في السياسة و النظام ،و عززتها الكتل السياسية
و بناءا عليه غابت أغلبية الفكر و المنهج عن الساحة السياسية التي كان من المفروض ان تتشكل من جميع الهويات الفرعيه اثنيه قوميه عرقيه لتنهض بالعراق و يقابلها معارضه برلمانيه بذات التكوين .
تجسيدا لمقولة تقديس الانسان و تفعيله من خلال المواطنة.
تابعوا القبة نيوز على