الدكتور علي البقوم يكتب :مجالس المحافظات بين المركزية واللامركزية طموحات المواطنين أصبحت بين الواقع والخيال …..
من خلال ممارسة أعضاء مجالس المحافظات لأعمالھم، خاصةُ بعد إقرار موازنات المحافظات التي ستضاف إلى الموازنة العامة للدولة لعام 2018 ،وقد صدر قانون اللامركزية رقم (49)لعام 2015 وكان الفھم العام لمجالس المحافظات بأن يكون المواطن شريك حقيقي في البرامج التنموية حيث سبق موعد الانتخابات الذي عقد في 15 آب الماضي زخم إعلامي كبير مما جعل المنافسة شديدة للوصول الى ھذا المنصب،
وقد توھم الناخبین بأن العصاة السحرية لانقاذھم سوف تأتي ممن انتخبوھم بكافة المجالات الاقتصادیة والاجتماعیة. لكن ماتم تطبيقه على أرض الواقع يختلف عما ھو مخطط لھ حيث تم تخصيص مانسبتھ %3 من الموازنة العامة للمحافظات وبقي %97 في المركز وقد تتلاشى ھذه النسبة للأعوام (2020-2019) بسبب ان المبالغ المخصصة لھذه الأعوام مرتبطة اصلاُ بمباني تم البدء بھا من موازنة عام 2018 ،
وعند عرض الموازنة على مجالس المحافظات التي جاءت مفصلة بكافة بنودھا من المجالس التنفیذیة في المحافظات ولم تتاح الفرصة لأعضاء مجالس المحافظات اجراء المناقلات بين بنود الموازنة حسب أولوية الاحتياجات وقد تم رفع الموازنة في اغلب المحافظات كما ھي، وبرزت الكثير من المناقشات خلال عرض الموازنة بين الأعضاء متأملين تلبية طموحات ممن انتخبوھم بالرغم من محدودية المبالغ المخصصھ ولم يتمكن أحد من تغییر ماھو موجود وبقي رأي الحكومة ھو النافذ، وحسب القانون فإذا أصر الأعضاء بتغییر أي بند من بنود الموازنة فسيتم تشكيل لجنة من المجلس التنفيذي ومجلس المحافظة ويتم التصويت على الموازنة بسبب رجحان كفة الجانب الحكومي والمكون من المدراء التنفیذیین والاعضاء المعینین وبالتالي سيبقى أمر الحكومة ھو النافذ ؟؟؟؟.
يضاف إلى ذلك بأن المفھوم العام لأعضاء مجالس المحافظات ھم نواب محافظات الأمر الذي جعل الشارع العام ینظر الیھم كنواب خدمات مطالبين بمراجعة الدوائر الرسمية وتحقیق طلبات ناخبیھم الاّ ان واقع الحال يختلف تماماُ عن ھذا المفھوم لعدم امتلاكھم أية صفة رقابة أو مساءلة قانونية وعدم منحھم اية صلاحيات إدارية تخولھم مراجعة الدوائر الرسمية يضاف إلى ذلك عدم امتلاكھم الحق بمراجعة الدوائر الرسمية او استدعائھم الاّ من خلال المحافظ. لذلك تعتبر مجالس المحافظات شكلية.
وتجربة جديدة على الوطن تضاف إلى تجربة الصوت الواحد والكتل النیابیة وغیرھا، وكل تجربة في المفھوم العام تكون بدایتھا صعبة وبما ان البداية صعبة ولا تلبي طموحات المواطنين واعضاء مجالس المحافظات فكيف للمواطن أن یصبح شريك حقيقي في اتخاذ القرار التنموي في منطقتھ وقد فرضت علیھ عوامل محددة تجعلھ یقف حائراُ فیما كان متوقع. نستطيع الحكم على أن مجالس المحافظات ومن خلال الواقع العملي لھا محكوم علیھا بالفشل بھذا النھج، يبقى على الحكومة ومجلس الامة إعادة النظر في قانون اللامركزية وتخصيص مبالغ إضافية في موازنات الأعوام القادمة ليكون أكثر واقعية مما ھو علیھ الآن حتى يلبي طموحات الوطن والمواطن بالإضافة إلى حوكمة تضبط طبيعة العلاقة ما بين مجالس المحافظات والمجالس التنفیذیة…
(الدكتور علي البقوم السردي)
عضو مجلس محافظة المفرق و رئیس اللجنة المالية والاقتصادية والتنموية السیاحیة….