المجالي يكتب :عقيدة الأمانة في مدرسة الهزاع.. زمنُ الصدقِ لا زيفِ المناصب
بقلم: المتقاعد العسكري نضال أنور المجالي
ليست مجرد ورقةٍ مصفرّة من عام 1941، بل هي وثيقة شرف، وشهادة ميلاد وطن بُني بالدم والعرق والنزاهة. حين تقع عيناك على اسم الشهيد هزاع المجالي وهو يطلب استقراض (16 جنيهاً)، تدرك فوراً أنك لا تقرأ معاملة ورقية، بل تقرأ مانيفستو الرجولة
الأردنية التي لا تنحني، والنزاهة التي لا تُباع ولا تُشترى.
أولاً: صرخة النزاهة في وجه المتسلقين
هذه الوثيقة هي صفعةٌ مدوية على وجوه الذين استباحوا الكراسي لتوريث العجز. هزاع المجالي، الذي قاد الحكومات وقضى شهيداً للوطن، لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب، بل بدأ حياته تحت سقف القانون، مقترضاً بالأصول، صادقاً مع أهله. هذا هو الفرق بين القائد العصامي الذي تخرج من مدرسة الكفاح، وبين من يرى في المنصب غنيمة. نحن في الأردن لم نقم بالاستعراض، بل قمنا
بعزة النفس وكرامة اليد.
ثانياً: تحالف الجبال.. كفالة الدم لا كفالة الورق
انظروا إلى الأسماء التي كفلت "الهزاع": (محمد السالم أبو الغنم، عبد الكريم الفلاح، عبد القادر المعايطة). هؤلاء لم يكونوا مجرد كفلاء ماليين، بل كانوا أوتاد الأرض. في ذلك الزمن، كانت "الكلمة" ميثاقاً غليظاً يُقطع من أجله الوريد. هؤلاء الوجهاء لم يورثوا أبناءهم أرقاماً في البنوك، بل أورثونا تاريخاً من الكبرياء واسماً تهتز له المحافل. هذا هو الأردن الذي نعرفه؛ أردن العزوة، والشهامة، والرجال الذين يسندون بعضهم في الشدائد.
ثالثاً: مدرسة الدولة.. هيبة "الفوتيك" وطهر اليد
من رحم هذا العوز الشريف، ومن قلب "الستة عشر جنيهاً"، خرج القادة العظماء. هذه الورقة هي الدليل القاطع على أن الدولة الأردنية بُنيت بسواعد رجالٍ لم يفرقوا يوماً بين حرمة المال العام وبين قدسية تراب الوطن. لقد صانوا الجنيه كما صانوا الحدود، وبنوا المؤسسات بـ "الزهد" قبل أن يبنوها بالحجر.
خاتمة الصرخة:
إننا اليوم، ونحن ننشر هذا الإرث، لا نتباكى على الماضي، بل نجدد البيعة للقيم. إنها صرخة لاستنهاض الهمم في زمنٍ نحتاج فيه لروح "هزاع" ونزاهة "الكفلاء". نحن مدرسة الرجال الذين تعلموا أن الكرامة لا تُقايض، وأن الانتماء ليس شعاراً يُرفع، بل هو نزاهة يد وطهر سريرة.
رحم الله الشهيد هزاع المجالي، ورحم الله أوتاد الأرض الذين كفلوه، وحمى الله الأردن وطناً للرجال الأوفياء
حفظ الله الاردن والهاشمين
















