المستشارية العشائرية .. مشاعل هاشمية ...تضيء دروب المحتاجين وتعيد الأمل للمشردين
عبد الله اليماني
القبة نيوز- مستشاريه شؤون العشائر ،كانت ومازالت ، همزة الوصل ، مابين جلالة الملك ( عبد الله الثاني ) حفظه الله ، والعشائر الأردنية . وهو استمرارية ، لاهتمام الملكي ، ( للملوك الهاشميين ) ، الذين تولوا حكم الأردن ، خلال مئوية الدولة الأولى.وكانوا على الدوام ، يبادلون إخوانهم أبناء الشعب الأردني ، الاحترام والتقدير. وبنفس الشعور والإحساس بادل أبناء الشعب الأردني ، ( الملوك الهاشميين ) ، حبا وإخلاصا ،ووفاء وتضحيات لا مثيل لها ، دفاعا عن الأردن ، أرضا وشعبا ، ونظاما هاشميا.
وتجلى الاهتمام الهاشمي في تأسيس ، (مستشاريه شؤون العشائر) ، من أقدم إدارات (الديوان الملكي الهاشمي العامر). منذ تأسيس ، إمارة شرق الأردن، وكان ذلك عندما ، عين المغفور له ، سمو ( الأمير عبد الله الأول ابن الحسين ) ، رحمه الله ، الأمير ( شاكر بن زيد ) ، ( نائبا للعشائر ) ، في أول حكومة أردنية، تشكلت في ، عهد ( إمارة شرق الأردن ) ، في ( 11 ) نيسان 1921م .
وقد عهد إلى دولة الأستاذ ( رشيد طليع ) ، في تشكيلها ليكون ( أول رئيس) ،لأول حكومة أردنية ، وكانت تحمل اسم ،( مجلس المشاورين ) . وفي تاريخ ( 1-10- 1924 ) م . صدر ( أول قانون ) ، أطلق عليه قانون ( محاكم العشائر ) ، حيث أسس من اجل ( محكمه للعشائر ) . لـ ( تسوية ) ، بعض ( الجرائم العشائرية) . وفي عام( 1933 ) م . صدر ( قانون ) ، رقم ( 105 ) لسنة ( 1936) م .حيث خول ، قائد الجيش العربي ، آنذاك في النظر ، بالقضايا العشائرية ، وإيقاع العقوبات اللازمة من خلاله.
وتوالى الاهتمام الملكي ، في شؤون العشائر ، إذ صدر في عام ، ( 1971 ) م. من اجل استقرارهم في آماكن سكناهم .
وقانون شيوخ العشائر رقم (52) لسنة( 1972)م. الذي على أثره جرى تشكيل ، ( مجلس شيوخ العشائر ) . برئاسة المغفور له صاحب السمو الملكي ( الأمير محمد بن طلال ) رحمه الله . وكون من شيوخ العشائر ورموزها .
ولم يستمر العمل بهذا ( القانون ) ، طويلا حيث صدر ، في عام ( 1976) م. قانون يتضمن ( إلغاء القوانين العشائرية )، رقم (4) لسنة ( 1976) م. و( قانون مجلس شيوخ العشائر ) رقم ( 52 ) لسنة ( 1972) م. وقانون رقم ( 4 ) لسنة( 1972) م . مع استمرارية مواصلة العمل، بالعرف العشائري ، المتعلق ب(الدم والعرض وتقطيع الوجه ).
وقد كان إنشاؤها ، من اجل الوقوف، على همومهم ،ومطالبهم واحتياجاتهم ،ومعرفة أحوالهم ، في آماكن سكناهم . إذ منذ ذاك التاريخ ، ولغاية يومنا الحالي ، و(المستشارية ) . وهي تؤدي دورها العشائري ، والريادي والاجتماعي والاقتصادي، لأبناء الأردن ، من شتى المنابت والأصول . وحسب الظروف والمستجدات ، المحلية والإقليمية والدولية .
وهذا يأتي ترجمة لاهتمام ، جلالة الملك ( عبد الله الثاني ) حفظه الله . في الشأن العشائري ، وتأكيده وحرصه المتواصل على ضرورة الاهتمام بالعشائر الأردنية . حيث يؤكد جلالته ... على اعتزازه بالعشائر الأردنية . التي قال عنها : أن (العشيرة ساهمت بشكل ، رئيسي في تأسيس ، الدولة الأردنية الحديثة ، كدولة مؤسسات وقانون . و(( العشيرة كانت وستبقى رمزا للنخوة ، والقيم الأصيلة والانتماء، للوطن والحرص ، على الأمن والاستقرار ، وسيادة القانون ، وأنا ( عبد الله ابن الحسين ) ، اعتز بالعشائر الأردنية ، لأنهم أهلي وعشيرتي الكبيرة ) .
وترجمة للاهتمام ( الملكي السامي ) تولي المستشارية العشائرية ، ديمومة تواصلها ، مع العشائر الأردنية ، كافة حيث تتابع القضايا العشائرية العالقة ، في محافظات المملكة جميعها . وانطلاقا من الدور ، الريادي والاجتماعي والعشائري الذي يقوم فيه الديوان الملكي ، في مسانده أجهزة الدولة،واذرعها المختلفة. قامت المستشارية، وبتوجيهات ( ملكية سامية ). في أداء مهامها وواجباتها ، من خلال مواصلة عملها ، بما يخدم أبناء الوطن، واستقراهم في أماكن سكناهم . عبر تناول وبحث ومعالجة ( القضايا العشائرية ) العالقة ، والتي تشكل حالة قلق للمواطنين ، ممن يعانون من ويلاتها .
وقد تنبهت المستشارية ، للنواحي الاجتماعية الهامة والخطيرة . التي تواجه المواطنين على اعتبار أنها مشاكل تهم العامة وليس الخاصة ، ومنها قضيتي ( الجلوة ) ، و( الدية ) .
وخير دليل على ذلك أنه، لا يكاد يمر يوم ، إلا وتستقبل ، ( المستشارية ) ، عددا من أبناء العشائر، لغايات نقل معاناتهم، التي يشكون منها . من اجل إيصال صوتهم ، وأوجاعهم ومظالمهم ، إلى (سيد البلاد وعميدها ) الملك ( عبد الله الثاني ) رعاه الله .
وبناء على ذلك ،تم الوقوف على مجمل تلك القضايا والاستماع إلى جميع الأطراف ذات العلاقة ، لإيجاد مخرج لها . وعلى وجه الخصوص المتعلقة (بأم ) القضايا ( الجلوة ) وتبعاتها . ولان القائمين على ، مستشاريه شؤون العشائر ، هم (أهل النخوة والشهامة) . وخير من ينقل صوتهم المؤتمنون ، هؤلاء رجال الملك الأوفياء.
توجهت ( المستشارية ) ، إلى أهل الخبرة والرأي ، لأخذ رأيهم فيها . وهم ( شيوخ ووجهاء العشائر والقبائل والجهات ذات العلاقة ) لغايات بحث . كيفية الخروج بحل شامل واف لها .ولان هؤلاء ( الرجال ) من ( البطانة الصالحة ). وقد اقسموا ، يمين الولاء والإخلاص وعاهدوا الله والملك ، أن يؤدوا عملهم على أكمل وجه ، بكل مصداقية وعمل جاد ودؤوب . كانت الانجازات تتوالى في حل ( مآسي الجلوة ) .. وتسببت بفقدان فقيد خطفه الزمن من بينهم ، وترك رحيله لوعت، لدى ذويه نيرانها ، تشتعل في القلوب ، وان الأوان لإيجاد مخرج لها.
أولاها ...
(الجلوة )
بالرغم أنها لم تكن ( غائبة سابقا ) ، عن ( المعنيين والمهتمين ) فيها ، ومناقشتها ووضع تصورات لها لكنها ، جميعا ذهبت جميعها ،( أدراج الرياح ) . وأبرزها وثيقة وقعت عام 1986م. ولكنها بقيت حبرا على ورق ، وبقي الحال كما هو عليه.
المتمثل في (ترحيل أقارب الجاني حتى الجد الخامس) . من منطقة الجريمة. تنفيذا للتقاليد والعادات العشائرية ، التي تقضي بترحيلهم من مكان سكنهم (المحافظة ) التي يقطنونها ، إلى ( محافظة ) أخرى . وهذه الإجراءات كانت مقبولة بذاك الزمان لأجل اختصار الشر ، عندما كان الناس يسكنون في ( بيوت الشعر ) . ولكن اليوم من الصعوبة بمكان،ترحيل العشرات ، من أماكن ( سكنهم ) ، استجابة ( للجلوة ) . نظرا لانتقال السكان ، من بيوت الشعر إلى بيوت ( الطين والحجر..)
وهذا التشريد والتهجير الذي يحصل ،للعائلات الأردنية ، كان ينظر إلية ، صاحب القرار بأنه تعدي ،على الأنظمة ،والقوانين المرعية ،لان الأردن بلد يحكمها القوانين والأنظمة . فقد بات إجلاء ( المدميين ) ، وعددهم ب (مئات العائلات)، من منازلها لغايات تطبيق (أعراف القضاء العشائري). عمل كإرثي ،كون ( المجليين ) يستمرون (لأشهر وسنوات) على هذا الحال. يرافقه العيش في ظروف اجتماعية قاسية وصعبة للغاية ،جراء ترحيلهم عن منازلهم .
ومن بواكير انجازاتها ، التي جرى تطبيقها ، على ارض الواقع وثيقة ( الجلوة العشائرية) ، التي باركها جلالة الملك ( عبد الله الثاني ابن الحسين ) المفدى . وحولها الديوان الملكي العامر ، إلى رئيس الوزراء الذي بدوره ، أصدر قرارا بتنفيذها على ارض الواقع من قبل وزارة الداخلية ( الحكام الإداريين ). والتي استفاد منها للان ما يزيد عن ( 3 ) مواطن أردني .
وثانيها ...
المبالغة ب ( الــديــة )
وقد تبين ، للمستشارية ، من خلال تواصلها الدائم ، مع شيوخ ووجهاء العشائر والقبائل الأردنية، أن اكبر تحدي يقف عائقا، في وجه (إصلاح ذات البين ) . المبالغة في مقدار ( قيمة ) المبالغ المطلوبة ، من قبل أهل المجني علية . الذي يتوجب على أهل الجاني دفعه ، لحل تلك القضية . والتي قد تصل في بعض الأحيان إلى ( ربع مليون ) دينار .
وهنا تبرز الإدارة الحكيمة التي تعمل من اجل الصالح العام ، بأنه لابد من إيجاد مخرج لهذه القضية التي تعتبر من أهم ( المشاكل ) العشائرية . ألا وهي ( المبالغة بالدية ) . لان ذلك يعطل دور (شيوخ ووجهاء العشائر ) ، والجهات ذات العلاقة ، في العمل على حلها بما يرضي الله وجميع الأطراف .
ويسهم في حقن الدماء بين أبناء المجتمع الأردني . ويتم من خلاله تحديد سقف ثابت لـ ( مقدار قيمة الدية ) . عبر وضع تصور لمشروع قانون ينهي كل هذه التباينات في تحديد قيمة الدية . وقد جرى بحث عمل تشريع لهذه القضية ، لا يتعارض مع أحكام ( الشريعة الإسلامية والأعراف العشائرية ). ولدى البحث وجد مشروع قانون لدى دائرة الإفتاء منذ عام 1990م . لم يتم إقراره من السلطة التشريعية ، لتعمل فيه محاكم دائرة قاضي القضاة . على ارض الواقع .
وقد تمت ألتوصية ، بضرورة إعطاء ( مشروع قانون الديات ) المقترح ، صفة الاستعجال . في إقراره . والذي الهدف منه إلغاء ( الفروق ) ،في ( تقدير الدية ) ،بين قضية ، وأخرى مع مراعاة مصلحة المدعي والمدعى علية . وكذا اعتماده حكم (التغليظ في الدية ) للجناية العمد وحدد مقدار التغليظ بزيادة مقدارها إلى (الثلث ) ،يضاف إلى الدية المقدرة من قبل المحكمة العليا وذلك ردعا للجاني وزجرا لغيرة وفق ما هو مقرر فقها . وحسم المشروع التعدد في اجتهادات المحاكم الشرعية في عدد من المسائل المتعلقة (بالدية ) . بما يضمن توحيد الإجراءات القضائية الخاصة بدعواها كمثل تحديد المستقين لها ومتى تتحمل العاقلة الدية ، واعتبار الجاني هو الذي تجب علية الدية .
ومن أهم مخرجات المشروع تقصير أمد التقاضي في دعاوي الدية وحل النزاعات عبر اعتماد ( مقدار محدد للدية ) الكاملة وتحديد (دية الأعضاء والحواس والجراحات والشجاج ). لتحكم به المحاكم من دون الحاجة إلى إجراءات التقدير المعمول فيها حاليا في كل قضية ، والتي تتطلب نفقات ومددا زمنية تؤخر الفصل في الدعوى . ومن ثمراته بأنه سوف يساهم ، مساهمة فاعلة ، في تحقيق الأمن ، والاستقرار المجتمعي ، عبر حل العديد ، من المشاكل الاجتماعية الناجمة عن ( جرائم القتل ) ، أو (الإيذاء ) .
ومشروع قانون الديات ) هو ثمرة جهود مخلصة شارك فيه العديد من المختصين ( شيوخ العشائر ورجال الدين والقانون ). لتنظم العادات والأعراف العشائرية المتبعة ،وحصر القضايا العشائرية التي تطبق عليها أحكام قانون منع الجرائم في (قضايا القتل والعرض وتقطيع الوجه) . وتشمل الجلوة ( الجاني وأبنائه ووالده ) فقط ، ولا تزيد مدتها على (سنة ) . قابلة للتجديد بموافقة الحاكم الإداري . وتكون من لواء إلى لواء داخل المحافظة ( الواحدة ) ، وتقدير ( الدية ) في قضايا القتل التي تنتهي بالصلح (لقاضي القضاة ). وإلزام من قام بتقطيع الوجه، في قضايا ( القتل والعرض ) ، بدفع مبلغ لا يقل عن ( خمسين ) ألف دينار . وقد تم ارتكاب ( 370 ) قضية ( دم وقتل ) عام 2021 م .
وعند إقرار مشروع ( الدية ) ، من مجلس الأمة , سيكون انجازا آخرا ، ( للمستشارية) يسجل في سجل انجازاتها ،وتلك ( اللقاءات الملكية ) ، التي تمت في بيت الأردنيين ( الديوان الملكي العامر ). مع ( شيوخ ووجهاء وممثلين ) عن العشائر والقبائل الأردنية. وهذا الاهتمام ،( الملكي الهاشمي ) والزيارات الملكية المتكررة ، إلى البوادي والأرياف والمدن الأردنية ، والتطور والنقلات النوعية التي شهدها الأردن ، كان من محصلته استقرار المواطن في آماكن تواجده ، وأدى ذلك الانتقال ، من بيوت الشعر ، إلى بيوت الطين والحجر..
ولم يتوقف هذا الاهتمام ( الملكي ) حيث يقوم (مستشار جلالة الملك لشؤون العشائر ) ، وبتوجيهات (ملكية سامية ) بزيارات للعديد من مناطق ، البادية الأردنية ، يتفقد خلالها ، ( شيوخ ووجهاء وقضاة العشائر) .
وخلالها ينقل تحيات (الملك ) وولي عهده الأمير( الحسين بن عبد الله ) . حفظه الله . والاستماع إلى مطالبهم والعمل على حلها ، وخاصة تلك القضايا ، التي تشغل بال الشباب . المتعلقة في الفقر والبطالة . من خلال إقامة أقاليم تنموية فيها . وهذه الزيارات لها أطيب الأثر في نفوس أبناء البادية، (صغارا كبارا شيوخا ونساء وأطفالا ) . وفي المستشارية العشائرية ، تلقى حفاوة، تعطرها ( ريحه القهوة والهيل وتقديمها بالفناجيل ) .
هؤلاء هم الرجال ، الذين يداوون الجـراح والنواح ، وفزعة لكل من رجاهم . كلمتهم عند الملك مسموعة ، لأنهم يحملون وجع (مكلوم) . ضاق صدره ووضعه تعكره (مأساة ) .
يغادر المراجعون ( المستشارية ) وهم ( يشكرون الله ) ويدعون للملك ( عبد الله الثاني ) بأن يحفظه الله ، كثر عداد ذرات تراب الوطن ، ونجوم السماء، ومن دعا لربه في صلواته .
وعيد ميلاد سعيد سيدنا . وحماكم الله وحمى الأردن والأردنيين .