لاتشوهوا صورة الإسلام
الدكتور نسيم ابو خضير
القبة نيوز- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم الواجبات في الإسلام ، ومن فرائضه العظام ، ومن أعظم الأسباب لصلاح المجتمعات الإسلامية ونجاتها من عقاب الله في العاجل والآجل ، واستقامتها على الصراط المستقيم ، يقول الله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ . (آل عمران: 110) فجعلهم خير أمة أخرجت للناس بسبب هذه الأعمال الطيبة.
وقال تعالى : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . (آل عمران: 104) فوصفهم بالفلاح المطلق لهذا الأمر العظيم، وهو دعوتهم إلى الخير ، وأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر ، فجعلهم سبحانه مفلحين بعملهم الطيب ، والفلاح هو الحصول على كل خير، وهو من أسباب السعادة في الدنيا والآخرة .
وقال سبحانه وتعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.) (التوبة: 71) فوعدهم بالرحمة على أعمالهم الطيبة التي منها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهذا يدل على أنه واجب على جميع المؤمنين والمؤمنات كل بحسب طاقته ، وليس خاصا بأحد عن أحد ، وهو من صفاتهم العظيمة ، وأخلاقهم الكريمة ، لكن يجب أن يكون ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة ، والعلم ، لا بالجهل ولا بالعنف والشدة ، فينهى عن المنكر ويأمر بالمعروف عن علم وبصيرة ، فالمعروف هو ما أمر الله به ورسوله ، والمنكر هو ما نهى عنه الله ورسوله .
فالواجب على الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ، أن يكون على بصيرة وعلى علم ، سواء كان رجلا أو امرأة ، وإلا فليمسك عن ذلك ، قال الله تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي.) (يوسف: 108) ومعنى على بصيرة أي على علم .
ويقول جل وعلا . ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ). (النحل: 125).
والحكمة هو العلم والدعوة إلى الله من جنس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لأنها بيان للحق وإظهار له للناس ، والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر قد يكون عنده من السلطة ما يردع بها صاحب المنكر ، ويلزم بها من ترك المعروف الواجب ، والدعوة إلى الله أوسع من ذلك، وهي البيان للناس وإرشادهم إلى الحق .
إن الواجب على المسلم الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون على علم وبينة ، حتى لا يتصرف بما يخالف الشرع ، ويشيع الفتنة ويعمق الخلاف .
فالمسلم لابد أن يكون متصفاً بالرفق ، وعدم العنف ، بل يجب علبه أن يكون كلامه طيب وأسلوبه حسن ، يتصف بالرحمة واللين .
قال الله عز وجل . ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ). ( آل عمران: 159) وقال سبحانه وتعالى لموسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون الذي إدعى الألوهية . ( فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى). (طه: 44)
إن سلوكاتنا وتصرفتنا يجب أن توافق هذا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فلايجوز الإعتداء على مرتكب الخطأ بالضرب أو السب ، أو الشتم ، لأنه ليس مخولا" بذلك ، فهناك قوانين وأنظمة وقضاء وحاكم هو من يتولى ، إصدار الأحكام وتطبيقها على المخالفين ، ولو تركت الأمور على عواهنها ، وقام كل شخص مقام الحاكم بإصدار الأحكام وتنفيذها لعمت الفوضى ، وأنتشر الفساد ، وأُسيئ فهم الإسلام على غير حقيقته .