facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

دهاة الإنس والجن من المسؤولين

دهاة الإنس والجن من المسؤولين

الدكتور عديل الشرمان

القبة نيوز- كان جحا رغما عن جهله وقلة مهارته من المقربين من الوزير ومحلا لسخريته، وعلى علاقة حميمة به، وبينهما منافع ومصالح مشتركة، ومكانته عند الوزير تفوق مكانة العلماء المهمشين، وكان جحا فهلويا واسع الحيلة وبارعا في التكيف مع المتغيرات.

من نوادره وطرائفه أن سأله الوزير ذات يوم فيما إذا كان باستطاعته أن يبني سفينة تسير بسرعة القطار، فأجاب جحا على الفور: نعم يا صاحب المعالي، لكن بشرط أن تمهلني عشرة أعوام كي أتعلم فنون المهنة، فوافق الوزير وأمر بصرف راتب كبير له، وتوفير المخصصات والتمويل اللازم.

وعندما فرغ جحا من مجلس الوزير سأله أحد اصدقائه، وقال له: يا أحمق، كيف رضيت بهذه المهمة، وهل أنت اهلا لها، فقال له جحا: عيش يا كديش، خلال عشرة أعوام إما أن أموت، أو يموت الوزير، أو تتبدل الأحوال، فمن منّا الأحمق يا صديقي؟

هذا هو حالنا، مشاريع كثيرة معلقة، وبعضها مؤجل، وأخرى تأخر انجازها سنوات، ومشاريع أنفق عليها مبالغ كبيرة وتعثرت، وما زلنا نتجرع الوهم من حكوماتنا المتعاقبة والتي باتت تجيد اللعب على أوتار الوقت تنفيذا لأجنداتها ومصالحها.

ومع هذا الحال بات جحا وأمثاله يقودون البلاد إلى الافلاس، ويصفون الحليم العاقل والعالم بالأحمق والأهبل، فنشروا اليأس والإحباط في نفوس المخلصين، وبات حال العقلاء جالسين ندبا لحظوظهم، فلا هم بدهاليز جحا عالمين أو راضين، وعن أساليبه مترفعين.

لقد ثبّطنا دهاة الإنس والجن من المسؤولين، الذين ضربوا هيبة بلدهم في الصميم، وأجبرونا أن نقعد مع مع القاعدين والمتفرجين، فخلت الساحة من المحترفين إلا من كمشة من رجال السياسة والمال ومعهم جحا وأمثاله من اللاعبين، وباتت النتيجة محسومة لصالح الخصم، وأصبحنا لثوراتنا!!! وأوطاننا من الخاسرين والجاهلين.

والغريب حد الخيال أنه ما زال فينا بعض المنافقين والمصفقين يضحكون على خيبتهم، ويهتفون لجحا، ويهللون لوزيره، ويصوّرون الهزائم بالانتصارات، ويصفون الخبيث بالطيب.

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير