بسرعة، راقب سلوكك، وراجع حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي
الدكتور عديل الشرمان
القبة نيوز- جاء على هيئة أهبل (غايب فيله) يسعى فرحا، ويظن أنه قد غنم بصيد ثمين، ومع جهينة الخبر اليقين، وإذا به خبر كاذب ومفبرك (بايت) وقديم، تم تداوله الاف المرات.
جعفر ينعاه زميله على حسابه الشخصي، ويطلب من متابعيه الدعاء له والترحم عليه، وصنع الطعام لأهله، هو لا يعلم ان أهله لغاية الان لم يعلموا بوفاته، وفي غير ذلك يا جعفر يتنافس المتنافسون، ليس من الحكمة أن تزفّ خبر كهذا يدخل الألم إلى النفوس حتى وإن كان ذلك بحسن النية (خليها تيجي من غيرك يا أخي، وليبدأ الخبر من أهله) ولا تسارع للنعيق بالأخبار المشؤومة.
الوردة الحمراء والقوالب الجاهزة والتي تتكرر في اليوم مئات المرات، وصباح الخير وجمعة مباركة، وأدعية الصباح والمساء، أرهقتنا تلك الصور والعبارات ولم نعد نقرأها أو نلتفت إليها، وإنما بات همنا ومبلغ علمنا كيف نتخلص منها.
انشر وشارك هذا المنشور أو المقطع أجرا عنك من بعد عمر طويل، وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا، الله ينفعنا ببركاتك يا شيخ، إبدأ بنفسك ثم بمن تعول.
تلقيت الجرعة الأولى، أسأل الله أن تكون قد تجرعت العسل الشافي، وما يدريك لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، أنت تلقيت ونحن ما علاقتنا بذلك، استعينوا على قضاء حوائجكم بالصبر وبالكتمان.
مولود جديد، منصب جديد، انهيت دورة أو متطلبات مرحلة، مبارك لك وعليك، فالحياة كرّ وفر، ولا تستقيم إلا بتعاقب الليل والنهار، خير الأمور الوسط، لا داعي للتباهي والتفاخر كثيرا واحمد الله على نعمه، إن الله لا يحب المختال الفخور، وكل ذي نعمة محسود، تتنافسون ثم تتحاسدون، ففي احدى الدراسات والتي شملت ستمائة شخص، أجاب ثلثهم أن وسائل التواصل الاجتماعي خلقت عندهم مشاعر سلبية، وكان الحسد السبب الرئيسي وراء ذلك، وظهرت هذه المشاعر نتيجة مقارنة حياتهم بحياة غيرهم الأكثر سعادة وتحصيلا.
أما ذلك فهو كالغيث الذي أعجب الزرّاع نباته، فلا يمر بمنشور إلا ويسجل إعجابه، ومن تعليقاته ترى أثر الايمان في قلبه، ثم ما يلبث ان يهيج فتراه مصفرا فبنكب على وجهه، وينكص على عقبيه ليرمي غيره بلسان حاد وبكلمات وتعليقات ذات مدلولات ومعاني يقصد فيها الإساءة لشخص بعينه دون أن يذكر اسمه، أو نقد موقف دون أن يحدد طبيعته وتفاصيله ليعبّر عن حقده وغيضه، ويشفي غليله تلميحا لا تصريحا.
الدراسات العلمية تشير إلى أن حسابك الشخصي مرآة للكثير من جوانب شخصيتك، وهو الغرفة أو الحجرة التي تقضي فيها معظم وقتك، ومن خلاله يمكن للأجهزة الأمنية والمعنية تحليل شخصيتك، ومعرفة اهتماماتك واتجاهاتك السياسية والأخلاقية ومعتقداتك الدينية، ومن خلاله يمكن قراءة سماتك وخصائصك الشخصية ومزاجك وانفعالاتك (حقود، لئيم، منفتح، منغلق، منفصم، متماسك، متزن، أهوج، أهبل، عصابي، عصامي، انفعالي، ساذج..الخ)، ومهما حاولت أن تكون ذكيا فليس بوسعك اخفاء حقيقتك، أو الاختباء خلف حساباتك، فالطبع يغلب التطبّع.
يعتقد البعض أن من يقضون وقتا طويلا على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل خاص، وشبكة الانترنت بشكل عام أنهم أكثر انفتاحا، في حين أن الدراسات تقول عكس ذلك تماما، حيث تشير إلى أن من يقضون وقتا طويلا على مواقع التواصل الاجتماعي وفي العالم الافتراضي يكونون أكثر عزلة وأقل تواصلا في الواقع الحقيقي، فقد توصلت دراسة نشرت في المجلة الأمريكية للطب الوقائي وشملت استطلاع آراء سبعة الاف شخص إلى أن الأشخاص الذين يقضون وقتا أطول على مواقع التواصل الاجتماعي يصبحون أكثر عرضة بمقدار الضعف للشعور بالعزلة الاجتماعية.
يميل البعض إلى التكلم والحديث عن أنفسهم وخصوصياتهم، وما يتناولونه من طعام وشراب، أو لباس، أو مقتنيات وأثاث، فهؤلاء بحسب الدراسات يرتفع لديهم مستوى الشعور بالوحدة، وأكثر ميلا نحو العصابية، وهو نوع من الخوف والإكتئاب والقلق الذي يؤدي إلى الاضطراب في الشخصية والتوازن النفسي.
تبين الدراسات أن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي ممن يظهرون اهتماما بصور المشاهير في الفن والرياضة هم في الغالب شخصيات تابعة وغير قيادية، وينخفض لديهم تقدير الذات، ولا يمتلكون حياة خاصة، (كالقرعة التي تتباهى بشعر بنت أختها).
يذهب بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي إلى الإكثار من تحديث معلوماتهم الخاصة تلك المتصلة بعلاقاتهم العاطفية، فهؤلاء يتصفون بعدم الاستقرار العاطفي، ومن اصحاب الثقة الضعيفة بالنفس.
وبينت الدراسات أن مشاركة الأصدقاء والتفاعل معهم يشير إلى تقدير مستخدم مواقع التواصل الاجتماعي لذاته ولغيره، في حين أن من يقصدون مراقبة وتتبع حياة الآخرين من غير مشاركتهم والتفاعل معهم يعانون أكثر من غيرهم من الحسد والغيرة ويميلون إلى الاكتئاب.
يكثر البعض من الاقتباسات، وابداء الإعجاب بما يكتبه وينشره الآخرون من غير أن يكون لهم رأي خاص، أو بصمة ذاتية، فهؤلاء تضعف لديهم القدرة على التعبير عن آرائهم، وتقل ثقتهم بأنفسهم، ويلجأون إلى الاقتباس للتباهي والتظاهر بالمعرفة، والتغطية على ضعف معرفتهم وضحالة ثقافتهم.
أصدقاؤك ممن قبلتهم هم مؤشر في بعض الأحيان على التشابه بين تفكيرك وتفكيرهم، وربما تقارب في المستوى الاجتماعي والمهني، وفي حال قبلت أصدقاء تختلف معهم فهذا يعنى قبولك بالرأي الآخر والاختلاف وهو مؤشر ايجابي، وفي كلتا الحالتين فإن اختيارك للأصدقاء قبولا أو رفضا في الواقع الافتراضي يعكس إلى حد كبير جوانب من شخصيتك في الواقع الحقيقي، ومدى التزامك بالضوابط الاجتماعية وبقيم المجتمع وثقافته وتقاليده، وبجوانب اهتماماتك في الحياة العامة.
الاهتمام بقراءة المقالات الثقافية واعادة تغريدها ونشرها لا يعد اقتباسا، وهو سلوك ايجابي ودليل على الفكر الناضج والاتزان، والرغبة بالانفتاح والابداع، ومؤشر على مستوى ثقافة مستخدم مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي المحصلة إذا أردت معرفة شخص فلا داعي للانشغال كثيرا بالسؤال عنه، بإمكانك ذلك من خلال حساباته وتفاعله على مواقع التواصل الاجتماعي لتكتشف الكثير من سماته وخصائصه وجوانب شخصيته حتى المخفي منها، وطريقة تفكيره واهتماماته ومستوى ثقافته، ومدى قوة منظومة القيم والأخلاق لديه.