غور الاردن وزيارة بوتين لتل ابيب
د.حسام العتوم
القبة نيوز-بدأت ملامح زيارة رئيس الفدرالية الروسية فلاديمير بوتين المقبلة لإسرائيل تتضح تدريجياً، وهي المتوقعة أن تكون منتصف شهر نوفمبر المقبل بعد عيد رأس السنة القديم 14 منه وحتى نهايته، وسوف تشمل الأراضي الفلسطينية التي تقع تحت مظلة "السلطة"، وسبق لبوتين أن تحدث في موضوع الزيارة مع بطريرك موسكو وعموم روسيا كيريل الأول، ومع بنيامين نتنياهو اثناء زيارته الأخيرة لموسكو هذا العام 2019، واعلنت عنها وكالة (سبوتنيك) الروسية، وصحيفة (يديعوت احرنوت الاسرائيلية)، وهي اي الزيارة الرئاسية الروسية هذه تأتي بدعوة من رئيس اسرائيل (رؤوفين ريفلين) مباشرة وقبلها بوتين بكل سرور كما اعلن بنفسه. وكشف سفير فلسطين في موسكو عبد الحفيظ نوفل عن زيارة بوتين لفلسطين ايضا اوائل عام 2020 متمنياً ان تصب في صالح الشعبين الفلسطيني والروسي. (وكالة سند للانباء. موقع النجاح الاخباري، فلسطين الآن. العرب مباشر، بوابة الاسبوع).
وهدف زيارة بوتين وكما عرفت هو مواصلة حماية المسيحيين في الشرق، بالتعاون مع الكنيسة الارثوذوكسية الروسية، والكنائس المحلية بعد اجتماعه مع كيريل وثيوفيلوس الثالث اللذين يمثلان روسيا وفلسطين. وتأتي الزيارة تزامنا مع ذكرى المحرقة النازية، ولافتتاح نصب تذكاري جديد في القدس مرتبط بتخليد حصار مدينة ليننغراد في الحرب الوطنية العظمة (الثانية) 1939/1945.
وقبل تحليل مفردات الزيارة الروسية رفيعة المستوى وهدفها المعلن يتوجب علينا ان نعرف بأن اسرائيل تشبه الصياد الماهر الذي لا يكتفي بقذف سنارته لصيد سمكة واحدة مثل امريكا، وانما عينها الفارغة
على الثانية مثل روسيا، وشتان بين الدولتين العملاقتين اميركا وروسيا بطبيعة الحال، وعلاقتهما مع الشرق، ومنه العربي، والايراني، ومع اسرائيل.
فما هي الملفات الممكن لروسيا واسرائيل بحثها على طاولة تل ابيب؟ وماذا يمكن ان تبحث روسيا مع السلطة الفلسطينية في رام الله؟ وماذا يمكن ان نستفيد اردنياً وفلسطينياً من مثل هكذا زيارة روسية هامة مقبلة؟
مهم لروسيا ان توازن قوتها وسط الحرب الباردة بين امريكا والغرب عبر (حلف الناتو العسكري)، وبينها من خلال المحورين العربي والاسرائيلي، ومن دون تغليب جانب على الآخر، وهي في حراكها تختلف عن امريكا بكل تأكيد التي تعتبر اسرائيل خطاً احمراً وتساندها اقتصادياً وعسكرياً وتفضلها حتى على العرب. بينما هي روسيا توازن سياستها وتلعب دور (بيضة القبان) وسط الصراع العربي الاسرائيلي، ووسط الشرق الأوسط في الموضوع الايراني، ومن خلاله النووي السلمي، ومع عدم اقتناع روسيا بمشروع عسكرة ايران نووياً بعكس امريكا تماماً والتي تحرضها اسرائيل وبشكل دائم على ذلك.
روسيا ومنذ ان كانت سوفيتية كان لها مواقف صلبةَ مع العرب، ولم ينحازوا لإسرائيل رغم العلاقات الاقتصادية والعسكرية معها، وادحض هنا اعتراف الاتحاد السوفيتي بقيادة روسيا بإسرائيل اولاً عام 1948، فالتاريخ في عمقه شاهد عيان على اعتراف الولايات المتحدة الامريكية بالحكومة المؤقتة الاسرائيلية اولاً بعد الاعلان عن قيام (دولة) اسرائيل بتاريخ 14 مايو 1948. وذكر المفكر السياسي المرحوم يفغيني بريماكوف في كتابه "الشرق الاوسط، خلف الكواليس وعلى المسرح بأن اعتراف السوفييت بإسرائيل عام 1948 جاء بسبب الحاجة لنشر الاشتراكية.
وكان للاتحاد السوفيتي وقفة مع العرب عام 1967 (عبر الفيتو)، واخرى افضل منها عام 1973 بواسطة تزويد سوريا بالسلاح الصاروخي البالستي الدفاعي، ومع مصر من خلال السد العالي، ومع الجزائر عبر سلاح الجو، ومع الخليج بمحطات نووية سلمية وهكذا دواليك. وفي الموضوع الايراني رفضت روسيا الغاء الاتفاقية النووية (1+5) لكونها الضابطة لأية نوايا سرية ايرانية باتجاه النووي العسكري، ولتحقيقها للسلام العالمي.
اسرائيل باعتبارها كيانا احتلالياً واستيطانيا على شكل (دولة) يهمها بالدرجة الاولى أمنها، وحماية نفسها قبل تحقيق السلام العادل مع الجوار العربي ممثلاً بفلسطين، والاردن, ولبنان، وسوريا، واستغرب هنا خروج اسرائيل من جنوب لبنان عمان 2000، ومن سيناء مصر عام 1979، ومن غزة عام 2005، بينما ابقت على وجودها في الجولان، وتعاونت مع امريكا ترمب على أسرلته بتوقيع غير شرعي خارج اوراق مجلس الامن، وهو ما اعترضت عليه روسيا بطبيعة الحال. وفي خروجها من لبنان، ومصر، وغزة، ومن (الغمر، والباقورة) الاردنيتين مؤخراً هذا العام 2019 اعترافاً ضمنياً بسيادة كل دولة ومنطقة عربية على ارضها، وبأن حربيها على العرب عامي 1948 و 1967 لم تكن شرعية. وفي موضوع الهضبة السورية (الجولان) لم تستطيع اسرائيل الوصول إلى سلام من دون شروط مع سوريا، واستغلت سحب الامم المتحدة وبجهد روسي – امريكي واوروبي ولمجلس الامن مباشر للترسانة الكيماوية السورية عام 2013، وبسبب غياب وجود علاقات دبلوماسية سورية امريكية، ذهبت لجلب توقيع امريكي على (الجولان) لاعتباره اسرائيليا خارج الشرعية الدولية، ولقي معارضة روسية واضحة. وحاليا اسرائيل نتنياهو (الليكود)، وغينتس (ابيض – ازرق) احدثا حراكاً رمادياً صوب غور الاردن، وشمال البحر الميت (سلة الخير الفلسطينية)، والموقع الاستراتيجي الهام الرابط بين فلسطين والأردن، والمؤسس والهام لبناء دولة فلسطين بهدف التوسع، والاحتلال، واحباط قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، والذهاب لحل الدولة الواحدة الاسرائيلية العنصرية، وهو الخيار المرفوض فلسطينياً، واردنياً، وعربياً، ودوليةً ايضاً.
وما نريديه من روسيا بوتين وهي الصديقة لكل العرب، ولنا هنا في الأردن وفي فلسطين في الجوار، وهي المؤثرة والمسموع صوتها بقوة في الداخل الاسرائيلي وعلى قيادتها واحزابها وبحضور ديموغرافي 1.5 مليون نسمة الضغط باتجاه دعوة اسرائيل لصرف النظر عن ضم غور الأردن وشمال البحر الميت، وبتصريح رسمي اسرائيلي، واعلان روسي يعقب الزيارة الرئاسية من شأنه المساهمة فعلاً لا قولاً فقط ببناء دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، وتجميد المستوطنات، وفتح الطريق امام حق العودة، والتعويض، وهو استحقاق ورد في بنود الامم المتحدة. وعكس ذلك فإن اسرائيل ستدفع بنفسها لمرحلة سوداء تضفي إلى تعليق وهدم معاهدة السلام الأردنية الاسرائيلية الموقعة عام 1994، وتهدد المعاهدة المصرية – الاسرائيلية ايضا الموقعة عام 1979. فأما السلام العادل والشامل، وأما اللاسلم واللاحرب.
واخيرا وليس آخراً هنا، فإن ذكرى المحرقة النازية (الهولوكست) التي تزعم اسرائيل بأن ادولف هتلر والنازية الالمانية استهدفوا اليهود في الحرب الوطنية العظمى (الثانية) 1939/1944 فقط، فإنها شملت الاوروبيين ايضاً، وامتد ارتدادها إلى داخل بلاد السوفييت قبل طرد النازية من قبل الزعيم جوزيف ستالين، وقائد الجيش الاحمر جيورجي جوكوف، والسوفييت. والادهى هو ان اسرائيل كررت المشهد بتطاولاتها وجرائمها على ارض فلسطين، ووسط اراضي العرب التي احتلتها بعد هروبها من نازية هتلر.
وتكرر اسرائيل الحدث بالنصب التذكاري الذي تجهزه في القدس تخليداً لحصار مدينة ليننغراد في نفس الحرب العالمية الثانية، والذي استمر ثلاثة أعوام من 1941 -1944 استعدادً لزيارة بوتين، وهو الذي جاء نتيجة لعملية (بارباروسا) لهتلر، وهي اي اسرائيل بخطواتها هذه تغازل موسكو، وتعطي انطباعاً على ان حالة المأساة التاريخية الروسية – السوفيتية – الاسرائيلية بأنها واحدة، وبأن مصيرهما واحد, بينما هي روسيا ميزان دولي هام، وتقدم العقلانية على العواطف.
وهدف زيارة بوتين وكما عرفت هو مواصلة حماية المسيحيين في الشرق، بالتعاون مع الكنيسة الارثوذوكسية الروسية، والكنائس المحلية بعد اجتماعه مع كيريل وثيوفيلوس الثالث اللذين يمثلان روسيا وفلسطين. وتأتي الزيارة تزامنا مع ذكرى المحرقة النازية، ولافتتاح نصب تذكاري جديد في القدس مرتبط بتخليد حصار مدينة ليننغراد في الحرب الوطنية العظمة (الثانية) 1939/1945.
وقبل تحليل مفردات الزيارة الروسية رفيعة المستوى وهدفها المعلن يتوجب علينا ان نعرف بأن اسرائيل تشبه الصياد الماهر الذي لا يكتفي بقذف سنارته لصيد سمكة واحدة مثل امريكا، وانما عينها الفارغة
على الثانية مثل روسيا، وشتان بين الدولتين العملاقتين اميركا وروسيا بطبيعة الحال، وعلاقتهما مع الشرق، ومنه العربي، والايراني، ومع اسرائيل.
فما هي الملفات الممكن لروسيا واسرائيل بحثها على طاولة تل ابيب؟ وماذا يمكن ان تبحث روسيا مع السلطة الفلسطينية في رام الله؟ وماذا يمكن ان نستفيد اردنياً وفلسطينياً من مثل هكذا زيارة روسية هامة مقبلة؟
مهم لروسيا ان توازن قوتها وسط الحرب الباردة بين امريكا والغرب عبر (حلف الناتو العسكري)، وبينها من خلال المحورين العربي والاسرائيلي، ومن دون تغليب جانب على الآخر، وهي في حراكها تختلف عن امريكا بكل تأكيد التي تعتبر اسرائيل خطاً احمراً وتساندها اقتصادياً وعسكرياً وتفضلها حتى على العرب. بينما هي روسيا توازن سياستها وتلعب دور (بيضة القبان) وسط الصراع العربي الاسرائيلي، ووسط الشرق الأوسط في الموضوع الايراني، ومن خلاله النووي السلمي، ومع عدم اقتناع روسيا بمشروع عسكرة ايران نووياً بعكس امريكا تماماً والتي تحرضها اسرائيل وبشكل دائم على ذلك.
روسيا ومنذ ان كانت سوفيتية كان لها مواقف صلبةَ مع العرب، ولم ينحازوا لإسرائيل رغم العلاقات الاقتصادية والعسكرية معها، وادحض هنا اعتراف الاتحاد السوفيتي بقيادة روسيا بإسرائيل اولاً عام 1948، فالتاريخ في عمقه شاهد عيان على اعتراف الولايات المتحدة الامريكية بالحكومة المؤقتة الاسرائيلية اولاً بعد الاعلان عن قيام (دولة) اسرائيل بتاريخ 14 مايو 1948. وذكر المفكر السياسي المرحوم يفغيني بريماكوف في كتابه "الشرق الاوسط، خلف الكواليس وعلى المسرح بأن اعتراف السوفييت بإسرائيل عام 1948 جاء بسبب الحاجة لنشر الاشتراكية.
وكان للاتحاد السوفيتي وقفة مع العرب عام 1967 (عبر الفيتو)، واخرى افضل منها عام 1973 بواسطة تزويد سوريا بالسلاح الصاروخي البالستي الدفاعي، ومع مصر من خلال السد العالي، ومع الجزائر عبر سلاح الجو، ومع الخليج بمحطات نووية سلمية وهكذا دواليك. وفي الموضوع الايراني رفضت روسيا الغاء الاتفاقية النووية (1+5) لكونها الضابطة لأية نوايا سرية ايرانية باتجاه النووي العسكري، ولتحقيقها للسلام العالمي.
اسرائيل باعتبارها كيانا احتلالياً واستيطانيا على شكل (دولة) يهمها بالدرجة الاولى أمنها، وحماية نفسها قبل تحقيق السلام العادل مع الجوار العربي ممثلاً بفلسطين، والاردن, ولبنان، وسوريا، واستغرب هنا خروج اسرائيل من جنوب لبنان عمان 2000، ومن سيناء مصر عام 1979، ومن غزة عام 2005، بينما ابقت على وجودها في الجولان، وتعاونت مع امريكا ترمب على أسرلته بتوقيع غير شرعي خارج اوراق مجلس الامن، وهو ما اعترضت عليه روسيا بطبيعة الحال. وفي خروجها من لبنان، ومصر، وغزة، ومن (الغمر، والباقورة) الاردنيتين مؤخراً هذا العام 2019 اعترافاً ضمنياً بسيادة كل دولة ومنطقة عربية على ارضها، وبأن حربيها على العرب عامي 1948 و 1967 لم تكن شرعية. وفي موضوع الهضبة السورية (الجولان) لم تستطيع اسرائيل الوصول إلى سلام من دون شروط مع سوريا، واستغلت سحب الامم المتحدة وبجهد روسي – امريكي واوروبي ولمجلس الامن مباشر للترسانة الكيماوية السورية عام 2013، وبسبب غياب وجود علاقات دبلوماسية سورية امريكية، ذهبت لجلب توقيع امريكي على (الجولان) لاعتباره اسرائيليا خارج الشرعية الدولية، ولقي معارضة روسية واضحة. وحاليا اسرائيل نتنياهو (الليكود)، وغينتس (ابيض – ازرق) احدثا حراكاً رمادياً صوب غور الاردن، وشمال البحر الميت (سلة الخير الفلسطينية)، والموقع الاستراتيجي الهام الرابط بين فلسطين والأردن، والمؤسس والهام لبناء دولة فلسطين بهدف التوسع، والاحتلال، واحباط قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، والذهاب لحل الدولة الواحدة الاسرائيلية العنصرية، وهو الخيار المرفوض فلسطينياً، واردنياً، وعربياً، ودوليةً ايضاً.
وما نريديه من روسيا بوتين وهي الصديقة لكل العرب، ولنا هنا في الأردن وفي فلسطين في الجوار، وهي المؤثرة والمسموع صوتها بقوة في الداخل الاسرائيلي وعلى قيادتها واحزابها وبحضور ديموغرافي 1.5 مليون نسمة الضغط باتجاه دعوة اسرائيل لصرف النظر عن ضم غور الأردن وشمال البحر الميت، وبتصريح رسمي اسرائيلي، واعلان روسي يعقب الزيارة الرئاسية من شأنه المساهمة فعلاً لا قولاً فقط ببناء دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، وتجميد المستوطنات، وفتح الطريق امام حق العودة، والتعويض، وهو استحقاق ورد في بنود الامم المتحدة. وعكس ذلك فإن اسرائيل ستدفع بنفسها لمرحلة سوداء تضفي إلى تعليق وهدم معاهدة السلام الأردنية الاسرائيلية الموقعة عام 1994، وتهدد المعاهدة المصرية – الاسرائيلية ايضا الموقعة عام 1979. فأما السلام العادل والشامل، وأما اللاسلم واللاحرب.
واخيرا وليس آخراً هنا، فإن ذكرى المحرقة النازية (الهولوكست) التي تزعم اسرائيل بأن ادولف هتلر والنازية الالمانية استهدفوا اليهود في الحرب الوطنية العظمى (الثانية) 1939/1944 فقط، فإنها شملت الاوروبيين ايضاً، وامتد ارتدادها إلى داخل بلاد السوفييت قبل طرد النازية من قبل الزعيم جوزيف ستالين، وقائد الجيش الاحمر جيورجي جوكوف، والسوفييت. والادهى هو ان اسرائيل كررت المشهد بتطاولاتها وجرائمها على ارض فلسطين، ووسط اراضي العرب التي احتلتها بعد هروبها من نازية هتلر.
وتكرر اسرائيل الحدث بالنصب التذكاري الذي تجهزه في القدس تخليداً لحصار مدينة ليننغراد في نفس الحرب العالمية الثانية، والذي استمر ثلاثة أعوام من 1941 -1944 استعدادً لزيارة بوتين، وهو الذي جاء نتيجة لعملية (بارباروسا) لهتلر، وهي اي اسرائيل بخطواتها هذه تغازل موسكو، وتعطي انطباعاً على ان حالة المأساة التاريخية الروسية – السوفيتية – الاسرائيلية بأنها واحدة، وبأن مصيرهما واحد, بينما هي روسيا ميزان دولي هام، وتقدم العقلانية على العواطف.