القيسي يكتب... بين سلامة الطرق وضغوط المعيشة: قراءة هادئة في ملف المركبات منتهية الترخيص
بقلم رئيس مجلس إدارة مجموعة القبة الإعلامية حمزة القيسي ابو سامر
أعادت دعوة مديرية الأمن العام لمالكي المركبات منتهية الترخيص إلى تصويب أوضاع مركباتهم، وتسليطها الضوء على خطورة هذه المخالفة، فتح نقاشاً واسعاً في الشارع الأردني، بين من يركز على أولوية السلامة المرورية، ومن يرى أن الواقع المعيشي للمواطن لا يمكن فصله عن هذه الظاهرة المتزايدة.
لا خلاف على أن قيادة مركبة غير مرخصة تشكل خطراً حقيقياً على مستخدمي الطريق، خاصة في حال غياب الفحص الفني أو انتهاء عقد التأمين، وهو ما قد يضاعف الخسائر في حال وقوع حادث مروري.
كما أن تحذيرات الأمن العام تستند إلى معطيات واقعية تتعلق بالأعطال الفنية التي قد تصيب المركبات غير الخاضعة للفحص الدوري، الأمر الذي يجعل تطبيق القانون ضرورة لحماية الأرواح والممتلكات.
في المقابل، يرى مواطنون أن انتهاء ترخيص المركبات في كثير من الحالات لا يعود إلى الاستهتار أو تجاهل القانون، بل إلى عجز مالي حقيقي فرضته ظروف اقتصادية ضاغطة، تشمل ارتفاع تكاليف المعيشة، وزيادة الالتزامات الشهرية من إيجارات، وأقساط، وفواتير خدمات.
ويؤكد مختصون في الشأن الاقتصادي أن المواطن الأردني بات مضطراً في أحيان كثيرة إلى ترتيب أولوياته المعيشية، حيث تُقدَّم متطلبات الأسرة الأساسية على الالتزامات الإدارية، لا سيما في ظل ثبات الدخول أو تراجعها، وارتفاع نسب البطالة، ما يجعل تأجيل الترخيص خياراً قسرياً وليس رغبة شخصية.
كما أن المركبة بالنسبة لشريحة واسعة من المواطنين ليست وسيلة رفاه، بل أداة عمل يومية يعتمدون عليها في الوصول إلى وظائفهم أو تحصيل رزقهم، وهو ما يضعهم أمام معادلة صعبة: إما الالتزام بالقانون وتحمل كلفة لا يستطيعون توفيرها، أو المخاطرة بقيادة مركبة منتهية الترخيص لتأمين لقمة العيش.
وفي هذا السياق، يبرز تساؤل مشروع حول الحاجة إلى حلول توازنية، تجمع بين تطبيق القانون ومراعاة الواقع الاجتماعي، مثل دراسة تسهيلات في رسوم الترخيص، أو جدولة المبالغ المستحقة، أو إطلاق حملات تصويب أوضاع مؤقتة دون غرامات، بما يخفف العبء عن المواطنين ويحقق الهدف الأساسي المتمثل في السلامة العامة.
يبقى أن سلامة الطرق مسؤولية مشتركة، تتطلب التزاماً من السائقين، وفي الوقت ذاته تفهماً رسمياً لظروفهم.
تابعوا القبة نيوز على 
