بخط يده ورغم انه تسلم حقيبة وزارة التنمية الاجتماعية منذ خمسة أيام فقط، سارع الوزير الاسبق المهندس وجيه العزايرة الى تقديم استقالته خطيا الى رئيس الوزراء آنذاك فايز الطراونة على خلفية ظهور نتائج تحقيق احدى القضايا التي أثيرت في الإعلام آنذاك حول أحد مراكز المعاقين. قبل أن تصل نتائج التقرير الى الرأي العام ارفق المهندس العزايزة التقرير الى رئيس الوزراء ومعه ورقة مكتوبة بخط يده يضع فيها نفسه واستقالته تحت تصرف الرئيس. حينها، لم يوافق الرئيس على الاستقالة، وطلب من العزايزة الاستمرار في عمله. لكنها لحظة أخلاقية وثّقت نفسها بتحمّل الوزير المعيّن للتو فيها المسؤولية. العزايرة وبعض من الشخصيات الأردنية، استثناء طارئا. وبالتأكيد لا يمكن إدراج وزير الأوقاف والمقدسات الاسلامية وائل عربيات ضمن فئة الاستثناء. كأن وزراء الحكومات في الأردن يعانون من 'ثقافة عيب' تمنعهم من تقديم استقالتهم على الاخطاء التي تقع فيها وزاراتهم. إنهم وزراء تحمل صدورهم 'ثقافة عيب'، معها لا شيء يمكن أن يخلعها ويخلعهم عن كرسيهم سوى الإقالة التي اعتدنا على وصفها بالاستقالة، أو باقالة الحكومة كلها. لكن هذه الثقافة ليست عند كثير من الأمم الأخرى. في أعقاب التأكد من مقتل المواطن الياباني هارونا يوكاوا المحتجز لدى تنظيم 'داعش'، شتاء عام 2015 كان قلق وسائل الاعلام هناك ان يقدم رئيس الوزراء شينزو آبي على الانتحار. وفي الصين، انتحر مسؤول كبير كان يقود وكالة مسؤولة عن تنظيم مكب نفايات انهار الأسبوع الماضي مما أدى إلى فقد أكثر من 70 شخصا، محملا مسؤولة الانهيار الارضي عليه شخصيا. ورغم ان المسؤولين الغربيين لا ينتحرون، لكنهم يستقيلون. وفي العادة يجري تصفيتهم سياسيا، بضمان عدم عودتهم الى العمل العام. ولا ندري إن كان رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، أيهود أولمرت يستمتع بالطعام الذي يقدمه له حرّاس السجن الذي يقبع فيه بعد اتهامه بالفساد. لكنه بالتأكيد يستحق اقامته غير المرفّهة اليوم. طبعا لا نريد أن ينتحر مسؤوليننا حزنا على مجرزة حافلة المعتمرين أو تحملها للمسؤولية عنها، لكنهم بالتأكيد يستحقون الاستقالة، فإنْ تقع مجزرة ثم يكون كل شاغل وزراء الحكومة المسؤولين البحث عن كبش يفتدون به أنفسهم، فهذا يصل حد الاستهتار بأرواح الاردنيين. نص الاستقالة بخط يد المهندس العزايزة: دولة رئيس الوزراء الأفخم تحية طيبة وبعد، ارجو اعلام دولتكم ان اللجنة المكلفة بالتحقيق في التجاوزات الواردة في التقارير الاعلامية عن مركز المعاقين قد انهت أعمالها هذا اليوم، وقمت بارسال نسخة عن التقرير لدولتكم. وأرجو احاطة دولتكم علما أني كنت وزيرا للتنمية الاجتماعية في الفترة من 2- 7- 2011 ولغاية 17- 10- 2011 وتم بث التقرير بعد اسبوع من المباشرة الفعلية لعملية في الوزارة الحالية. وقد تسلمت نسخة من التقرير وبقيت لتقوم اللجنة بالاعلان عن مضمونها عند عرض التقرير على الرأي العام. وإيمانا مني بالمسؤولية الاخلاقية والأدبية وحرصا على سمعة الوزارة ومؤسساتها التراكمية في العمل فانني اضع نفسي بتصرف اي قرار ترونه مناسبا بما فيها الاستقالة من منصبي في حال وجدتم ذلك يخدم الصالح العام ويحافظ على وجه أردننا الحبيب بابعاده الحضارية والانسانية امام العالم، والأمر لمتروك لدولتكم سيدي. مع خالص التحية. المهندس وجيه عزايزة 28/5/2012