facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

المجالي يكتب :خطاب العرش السامي لحظة تحديد المسار وإطلاق الرؤى الاستراتيجية للأردن

المجالي يكتب :خطاب العرش السامي لحظة تحديد المسار وإطلاق الرؤى الاستراتيجية للأردن
بقلم الكاتب - نضال المجالي 

​ليس خطاب العرش السامي الذي يفتتح به جلالة الملك عبدالله الثاني أعمال الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة العشرين مجرد "إجراء دستوري سنوي"، بل هو نقطة انطلاق محورية ولحظة تاريخية فارقة يتم فيها تجديد الميثاق الوطني، وتحديد مسار الدولة الاستراتيجي للعام المقبل وما يليه. هذا الخطاب هو وثيقة سيادية يُعبّر فيها رأس الدولة عن الرؤية العليا، ويُلقي فيها بأثقل المسؤوليات على عاتق السلطتين التشريعية والتنفيذية.
تكمن الأهمية القصوى لهذا الخطاب في كونه:

​1. الإعلان عن الأجندة التشريعية والقضائية العليا (التزام دستوري وسيادي)
​الخطاب ليس بياناً سياسياً عابراً، بل هو توجيه سيادي ملزم للسلطات كافة. فعندما يستعرض جلالته "السياسات الوطنية"، فإنه يضع بين يدي مجلس الأمة الأجندة التشريعية الأكثر إلحاحاً، والتي يجب أن تكون بؤرة النقاش والعمل. هذا التوجيه يُلزم الحكومة بتقديم مشاريع قوانين بعينها، ويفرض على البرلمان مسؤولية حاسمة في الرقابة على تنفيذ مسارات التحديث السياسي والإداري والاقتصادي، التي هي ضمانة مستقبل الأردن. إنه تحديد للمحاسبة قبل تحديد المسار.

​2. ترسيخ الثوابت في محيط مضطرب (العمق الإقليمي والدولي)
في ظل محيط إقليمي بالغ التعقيد والاضطراب، يأتي الخطاب ليُعيد ترسيم حدود الثوابت الوطنية ويؤكد على مكانة الأردن كـ "دولة راسخة الهوية". التأكيد الملكي على "مرتكزات القضايا المهمة في المنطقة" يمثل صمام أمان سياسي ودبلوماسي، لا سيما في الدفاع عن القضية الفلسطينية، حماية المقدسات، ورفض أي محاولات لتصفية القضايا الإقليمية على حساب الأمن الوطني الأردني. هذا الموقف هو بوصلة السياسة الخارجية التي لا تحيد، وهو ما يمنح الأردن ثقلاً ومصداقية دولية.

​3. إطلاق الرؤى التنموية ومحاسبة الأداء الحكومي (اقتصاد المواطن ومعيشته)
يشكل الخطاب إعلاناً للحكومة عن المشاريع الكبرى ذات الأولوية، فهو يركز على تفعيل رؤى التحديث الاقتصادي والإداري الهادفة إلى تحسين مستوى معيشة المواطن الأردني. الأهمية هنا ليست في إطلاق الوعود، بل في تكريس مبدأ المساءلة. فالملك، من خلال الخطاب، يضع معايير واضحة لتقييم أداء الحكومة خلال الدورة البرلمانية، مما يدفع السلطة التنفيذية إلى العمل بكفاءة أعلى ويُفعل الدور الرقابي للبرلمان لضمان تحقيق العدالة في توزيع الموارد والخدمات.

​4. تجديد الشراكة بين العرش والشعب (ركيزة الدولة الهاشمية)
جوهر الخطاب هو تأكيد العلاقة العضوية بين القيادة والشعب من خلال مؤسساته الدستورية. إنه تجسيد عملي لـ "النظام النيابي الملكي الوراثي"؛ حيث يُجدد الملك ثقته في البرلمان كشريك أساسي في البناء والتحديث، ويدعو القوى السياسية، خاصة الأحزاب البرامجية، إلى تفعيل دورها. الخطاب بذلك يُصبح منصة للإلهام والتحفيز، ويُرسل رسالة قوية بضرورة توحيد الصفوف لمواجهة التحديات المصيرية التي تواجه الوطن.
خلاصة القول: إن خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة العشرين ليس مجرد مناسبة بروتوكولية، بل هو لحظة الحقيقة الوطنية التي تُلخّص الأولويات، وتُلزم المؤسسات، وتُعلن عن الثوابت، وتمنح الأردن خارطة طريق واضحة المعالم نحو المستقبل المأمول.
حفظ الله الاردن والهاشمين

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير