صالح الطبور يكتب : أوراق الخريف المتساقطة ... ومواعط الأخرة

بقلم صالح راتب الطبور - باحث في الفقه وأصوله - الأردن - الطفيلة
حين يدخل الخريف تهب الريح فتتناثر الأوراق الصفراء عن الأغصان كلها رسائل موقعه بيد الزمان تقول للإنسان ما دمت حيا فأنت إلى طريقك للسقوط كما تسقط الأوراق.
إن أوراق الشجر في الخريف تذكرنا بدورة الحياة فهي في الربيع خضراء نضرة وفي الصيف مكتملة العطاء حتى إذا جاء الخريف ذبلت وتهاوت ثم جاء الشتاء فواراها التراب تمهيدا لبزوغ حياة جديدة في ربيع جديد اخر وهكذا هو حال الإنسان طفولة كالربيع وشباب كالصيف وشيخوخةكالخريف ثم موت يشبه الشتاء ثم يعقبه بعث ونشر يوم القيامة.
إن مشهد الأوراق المتساقطة موعطة بليغة فهي تعلمنا أن مهما أزهرت الحياة فهي إلى زوال أن العمر مهما طال فهو قصير قال تعالى ( اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ).
الأوراق حين تذبل لاتعود خضراء وكذلك الإنسان إذا انتهى أجله لايعود إلى الدنيا ليعوض ما فاته في الدنيا بل ينتقل إلى الأخرة حيث الجزاء والحساب.
فليكن سقوط الأوراق درسا لنا قبل أن نسقط في قبورنا وليكن تلون الأوراق تذكرة أن القلوب تتقلب فمن وفقه الله وثبت قلبه على الإيمان فاز ومن غفل هلك .
وأخيرا يا من تتأمل في أوراق الخريف إجعلها مرأة لقلبك وتذكر أنك راحل وأن وراء هذه الحياة ربيعا أبديا لأهل الجنة أو خريفا لاينتهي لأهل النار فالعمل العمل قبل أن تنقضي الأوراق وتطوى الصحف.
والحمد لله رب العالمين