facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

مـقترح تــرامب : سلام مؤقــت وصــراع دائــم

مـقترح تــرامب : سلام مؤقــت وصــراع دائــم

القبة نيوز - بقلم الباحث في الشؤون السياسية والاقليمية لافي العمارين ..

بعد الاعلان عن خطة السلام من قبل الرئيس الامريكي ترامب مساء يوم الامس، بدأت الآمال والتوجس يعم دول منطقة الشرق الاوسط، بين متفاءل ومتشائم نظراً لغموض بعض مؤشرات السلام الحقيقية، فأنهاء حرب غزة ليست الا جزء من هذا السلام وهي اللبنة الاولى لانطلاق هذه المبادرة التي تمثل الدول العربية والاسلامية القطب الرئيسي فيها، ان الامل المعقود على هذا الاتفاق محفوف بمخاطر جما ابرزها ظروف الموافقة على المبادرة العربية لمشروع السلام في الشرق الاوسط، ومدى تقبل اسرائيل لكل المحاور المطروحة عربياً واسلامياً 

ما طرح يوم أمس خطة سلام تمثل خارطة طريق لمستقبل منطقة الشرق الاوسط، فمحاور الخطة تجاوزت انهاء حرب غزة، لا بل تحدثت عن مستقبل المنطقة برمتها، وتجاوزت في نطاقها الجغرافي الدول العربية الى مشاركة بعض الدول الاسلامية في تنفيذ هذه الخطه، فالحديث عن ادارة دولية لقطاع غزة يعني وضع الوصاية الكاملة عليها مالم تكن هذه الادارة عربية بحته، فلم تنقل الادارة للسلطة الفلسطينية بشكل مباشر لتأكيد النية الحقيقية تجاه السلام المنظور لا بل اشترط على السلطة ذاتها الاصلاحات، واي اصلاحات يمكن لدولة الكيان القبول بها ؟، هذا فيما يخص الصعيد الفلسطيني 

وعلى صعيد المنطقة ككل تحدث ترامب عن توسيع رقعة الاتفاقيات الابراهيمية لمزيد من الدول العربية، وتجاوز ذلك الى ان إيران قد تكون جزء من هذه الاتفاقات في المستقبل المنظور، فما شهدناه في العامين الماضيين لم تمنع الاتفاقيات الابراهيمية إسرائيل من الاعتداء على السيادة القطرية وعلى سيادة سوريا والعراق في هجومها على إيران، وما يثير الاستغراب الصمت الايراني حول الخطة المطروحة، يعني انها جزء أصيل من الخطة في المستقبل، وماذا لو كان رفض ايران لهذا الطرح اليس في ذلك تحييد لدور العربي والاسلامي عن دعمها في حال تجدد الاعتداء الاسرائيلي، وعلى صعيد سوريا فبالرغم من المحادثات الامنية بين الطرفين الا انها بقيت خارج اطار خطة السلام 

لم تناقش الخطة فيما أعلن عنه مستقبل مشروع الاستيطان لدولة الكيان في الضفة الغربية، ولم تضع حداً لتجاوزات إسرائيل المتكررة في مناطق سيطرة السلطة الفلسطينية، ولم تنص على ان القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، في هذا الاتفاق يصب اليمين المتطرف في دولة الكيان غضبة على نتنياهو على اعتبار ان هذه الصفقة لم تحقق اهداف الحرب، في وقت انه حسب الخطة لن يكون هناك انسحاب مباشر من قطاع غزة بشكل مباشر، وبالتالي تنتظر اسرائيل رفض حماس لتتخذ منه ذريعة لتبرير اعمالها العسكرية في القطاع وضمن منطقة الشرق الاوسط ككل، ففي الوقت الذي تسمى فيه خطة سلام فهي تتجاوز وتتجاهل مواطن الخلاف الكثيرة بين الدول العربية مجتمعة ودولة الكيان، فلم يتم طرح ما يدور بين الحوثي واسرائيل وبالتالي الابقاء على مبرر الانشطة العسكرية مفتوحة بالمنطقة 

في الجانب الايجابي فأن هذه الخطة تمثل نجاح للدبلوماسية العربية على الصعيد الدولي، فالاعتراف بالدولة الفلسطينية هو ترجمة لجهود الاردن ومصر والمملكة العربية السعودية وقطر وعدة دول اخرى، وتبقي هذه الخطة على العلاقات الاستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية في المنطقة، وضمان اعادة اعمار غزة بمساهمة مالية دولية وأنشاء منطقة اقتصادية خاصة في القطاع مما يعني توافق المصالح الدولية الاقتصادية على حساب المجتمع والارض 

ان المتتبع لمؤشرات هذه الخطة المستقبلية يجد بأنها الخطوة الاولى نحو حرب المستقبل، فقياساً بين ايجابياتها وسلبياتها، نجد بأن المدة الزمنية المطروحة لموافقة حماس على المقترح هي وضع العالم على حافة الهاوية، ففشل احد محاور خطة ترامب ينسف الخطة برمتها مما يعني تجديد اعلان الحرب، ثم ان المحدد الزمني يصب في صالح دولة الكيان من حيث عدم قدرتها على الاستمرار في حرب استنزاف مع قطاع غزة وبالتالي يشكل هذا المقترح فترة تكتيك استراتيجي بالنسبة لإسرائيل، لاستجماع قوتها واعادة ترتيب اوراقها للمضي في تنفيذ مشروعها الصهيوني من جديد، فالضامن الامريكي لم يستطع منعها من الاعتداء على قطر، كذلك تم اقحام ايران في هذه الخطة مما يفتح الاحتمالات لاعتداء اخر على ايران لاجبارها على الاتساق ضمن مشروع الشرق الاوسط الجديد 

بقي أن نقول بان انتصار الدبلوماسية العربية تسبب في هز المكانة الدولية لدولة الكيان، لا بل وضعها في خانة العزلة الدولية، فترى إسرائيل في هذا المقترح مناخا مناسبا لاستعادة هذه المكانة في المستقبل، ولم يكن هذا الخيار الا شعوراً من الولايات المتحدة الامريكية بأن هذا التحول العالمي ينعكس سلبا على ذاتها، فغضب بعض المسؤولين الاسرائيليين يعني ان نتنياهو تعرض لضغوط امريكية بدت كمحدد لارادته السياسة حول المضي قدما على حساب امريكا، بهذه المؤشرات يبدو ان التحديات كثر والصعاب متعددة، وان فشل هذا المقترح يعني تطور الحالة الصدامية بين دول المنطقة ودولة الكيان 

كلمات دلالية :

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير