بلال حسن التل يكتب:على مكتب دولة الرئيس هل تصنع الجامعة اعلاميا؟

القبة نيوز- تحدثت في المقال السابق عن الفهم السطحي لمشكلة الإعلام الأردني, وهو الفهم الذي حول اداء هذا الإعلام الى اداء كارثي وجعل منه ومازال عبئا على الدولة الاردنية التي تم تجريدها من اهم اسلحة الدولة وعناصر قوتها الناعمة أعني به اعلام الدولة المؤمن بها. سأتحدث في هذا المقال عن مشكلة أخرى يعاني منها الإعلام الأردني, تتمثل في التعامل مع مؤسسات الإعلام كمؤسسات للتوظيف, ينطبق عليها ما ينطبق من شروط التوظيف في سائر دوائر ومؤسسات الدولة,وأولها اعتماد الشهادة العلمية في تخصص الصحافة والاعلام لتوظيف الصحفي والاعلامي، مع تناسي ان العمل الاعلامي هو عمل سياسي فكري إبداعي يرتكز على الموهبة والقناعات الفكرية والسياسية والثقافية اولا، والجامعة ليست الا مصدرا من مصادر الثقافة، هذا في الزمن الذي كانت فيه الجامعات في بلادنا تعنى بالثقافة. وقبل ان يصبح حتى مستواها الأكاديمي والقيام بادوارها التعليمية محل نقاش بعد ان اصاب هذه الادوار هبوطا، لم تنحوا منه كليات واقسام الصحافة والإعلام، رافقه هبوط في مستوى نسبة من مدرسي كليات واقسام الإعلام، ويكفي في هذا المجال ماكتبه الكثير من طلابهم على مجموعات الواتساب يشكون فيما كتبوا بل يسخرون فيه من مستوى بعض من درسوهم في هذه الكليات والاقسام، التي ساهمت باغراق سوق العمل بطوابير العاطلين عن العمل، لان عدد من تخرجهم هذه الكليات والأقسام اضعاف الحاجة الفعلية لقطاع الاعلام في بلدنا بكل مكوناته.دون ان ننكر تميز عددا من. خريجي هذه الكليات والأقسام.
لقد تناسى الذين قرروا اعتماد الشهادة الجامعية في تخصص الإعلام،للتوظيف في المؤسسات الصحفية والإعلامية في بلدنا، حقائق كبرى منها: انه مثلما لاتصنع كليات الآداب شاعرا، او روائيا او قاصا، فانها لاتصنع صحفيا او اعلاميا، فكيف سيكون الحال اذا علمنا ان نسبة كبيرة من الذين التحقوا بكليات واقسام الصحافة والإعلام، انما فعلوا ذلك لان القبول الموحد فرض عليهم ذلك، دون رغبة منهم، بالإضافة الى ان مستوى المعدل المطلوب للالتحاق بهذه الكليات والأقسام كان سببا للالتحاق بها عن غير رغبة بها، بل رغبة بالحصول على وظيفة مهما تكن هذه الوظيفة.
كما تناسى الذين تعاملوا مع الصحافة والإعلام على أنهما مجرد وظيفة، تناسوا حقيقة تقول: ان كبار الصحفيين والإعلاميين لم يدرسوا الإعلام في الجامعات، فعلى الصعيد المحلي لم يكن جمعة حماد او حسن التل او سليمان عرار او رجا العيسى او داود العيسى او عبد السلام الطراونة من خريجي كليات الصحافة والإعلام، ومع ذلك اسسوا وقادوا مؤسسات اعلامية عملاقة وتخرجت على ايديهم اجيالا من الصحفيين.وهو ماينطبق على الصحافة والإعلام في لبنان و مصر وغيرها على الصعيد العربي، ولايختلف الحال اوروبيا وامريكيا. وهذا خطاء لابد من علاجه في مجال اختيار الصحفيين والاعلاميين واسس هذا الاختيار.
اعتماد الشهادة العلمية لتوظيف الصحفي والإعلامي، أدى إلى تجاهل شرط رئيسي من شروط العمل الصحفي والإعلامي، خاصة الذي يعمل في المؤسسات الإعلامية الحكومية، وهو شرط الولاء للدولة، لأن غياب الولاء و القناعة بسياساتها يفقد الصحفي والإعلامي القدرة على الدفاع عن مواقفها وسياساتها.وهو مابرز في الكثير من المواقف والمنعطفات التي مر بها بلدنا.وللحديث بقية