اقتصاديون: تقدم الأردن بمؤشر "جودة الحياة" يعكس نجاح التحديث الاقتصادي

القبة نيوز - في ظل سعي الحكومة المتواصل لتحسين جودة حياة مواطنيها وتعزيز بيئة العيش والاستثمار، حقق الأردن إنجازا بتقدمه إلى المرتبة 56 عالميا والسادسة عربيا في مؤشر "جودة الحياة - 2025"، بحسب تقرير صادر عن مؤسسة "Numbeo" العالمية للأبحاث والدراسات الإحصائية.
ويعكس هذا التقدم الجهود الحكومية في تنفيذ أولوياتها ضمن رؤية التحديث الاقتصادي 2033، التي تضع جودة الحياة في صميم أهدافها عبر تحسين مستوى المعيشة ونمط الحياة.
وأكد معنيون بالشأن الاقتصادي، أن النتائج الإيجابية التي حققها الأردن تمثل فرصة لتعزيز جاذبيته الاستثمارية رغم التحديات الإقليمية، مشددين على ضرورة مواصلة الإصلاحات لتجاوز هذه التحديات.
وتقدم الأردن إلى المرتبة 56 عالميا من بين 88 دولة ضمن مؤشر جودة الحياة للعام الحالي، مقارنة مع المرتبة 57 العام الماضي، ليحل بذلك في المرتبة السادسة عربيا، حيث أظهر مؤشر "Numbeo" أن مستوى جودة الحياة في الأردن يصنف على أنه معتدل، إذ بلغ عدد النقاط التي تمكن من حصدها في مؤشر العام الحالي نحو 125 نقطة مئوية.
وتعد جودة الحياة أحد المحاور الأساسية في رؤية التحديث الاقتصادي، حيث تهدف إلى النهوض بتطوير مستوى مرتفع ومستدام لجودة الحياة للجميع، حيث بلغت نسبة الرضا عند إطلاق الرؤية نحو 40 بالمئة، والهدف الرئيس في ركيزة جودة الحياة هو مضاعفة هذه النسبة لتصل لـ80 بالمئة بحلول 2033.
ويبدأ تحسين جودة الحياة باستحداث الوظائف وفرص العمل ذات الدخل المرتفع، وإعداد منظومة تدعم تأسيس معايير مستوى المعيشة وخيارات نمط الحياة المتسم بالشمولية، وتحفيز المشاركة للمواطنين في المجتمع.
وينقسم مفهوم جودة الحياة في رؤية التحديث الاقتصادي إلى مكونين رئيسيين: أولا "مستوى المعيشة"، الذي يشمل العناصر الأساسية الضرورية للتمتع بحياة كريمة ومرضية، وثانيا "نمط الحياة"، الذي يشمل الخيارات الإضافية لنمط الحياة الكفيلة بحصول المواطن على ما ينشده من راحة.
وتتطلع الرؤية إلى النهوض بنوعية الحياة لجميع الأردنيين من خلال إجراء تحسينات على "مستوى المعيشة" و"نمط الحياة"، وبما يكفل تحويل مدن المملكة إلى مدن نابضة بالحياة وتوفير مستوى عال من الرفاهية للمجتمعات فيها.
وتستند ركيزة جودة الحياة في رؤية التحديث الاقتصادي على 6 أسس هي: الميزة التنافسية، السعادة، مستوى الرضا، المجتمعات المحلية الحيوية، مدن المستقبل، والمدن الذكية.
وبين مدير عام جمعية رجال الأعمال الأردنيين طارق حجازي، أن تقدم الأردن عبر مؤشر جودة الحياة، جاء متوافقا مع عناصر تقييم جودة الحياة في رؤية التحديث الاقتصادي، التي تقوم على مكونين رئيسيين هما (مستوى المعيشة ونمط الحياة) ليعملا معا دورا أساسيا في تحسين جودة الحياة للأردنيين وتحقيق الرضا الشامل في عدد من مناحي الحياة، أهمها تحسين البنية التحتية والاقتصادية
للمواطن مثل تحسين نوعية البنى التحتية والمرافق، نوعية خدمات التنقل، ونوعية التعليم والصحة، ونوعية المرافق العامة والخدمات، تطوير خدمات الأمن والأمان، إضافة إلى تعزيز فرص التنمية البشرية والأمن الغذائي لتكون الأردن ضمن أفضل 100 مكان عالمي للعيش فيه.
وأكد حجازي، أن برنامج عمل أولويات الحكومة الذي شمل العديد من المبادرات والآليات التي حققت بالفعل تلك العناصر، أسهم في ارتفاع تصنيف المملكة في جودة المعيشة، ما يشير إلى أن هناك مزيدا من الفرص التي يمكن استغلالها لرفع هذا التصنيف خلال السنوات المقبلة.
وأضاف أن هناك العديد من المستثمرين الدوليين وصناديق الاستثمار يعتمدون على تصنيف "Numbeo" من خلال توفير قاعدة بيانات شاملة وموثوقة لصانعي السياسات والشركات وللأفراد حول تكلفة المعيشة ونوعية الحياة والعوامل الاجتماعية والاقتصادية عبر المدن في جميع أنحاء العالم، بما يمكن صانعي السياسات والشركات من اتخاذ قرارات مستنيرة حول مكان العيش أو العمل أو الاستثمار أو السفر.
من جانبه، قال الخبير في الشأن الاقتصادي منير ديه، إن حصول الأردن على هذه المرتبة عربيا يعني أنه قادر على الحفاظ على مستوى متقدم في ترتيب مؤشر جودة الحياة بالرغم من التحديات الجيوسياسية والاقتصادية التي تمر بها المنطقة، خاصة خلال العام الماضي الذي شهد أحداثا سياسية وعسكرية كان لها تداعيات على الاقتصاد المحلي.
وأضاف أنه رغم كل ذلك استطاع الأردن المحافظة على ترتيبه بعد 5 دول خليجية، متقدما على دول كثيرة، مبينا أنه عند تحليل نتائج المؤشرات الفرعية نجد أن الأردن حصل على نتائج متقدمة وإيجابية في عدة مجالات أبرزها المناخ والتلوث والرعاية الصحية وانتشار الجرائم، وهذه مؤشرات يجب التركيز عليها وتقديم المزيد من الإصلاحات اللازمة ليبقى الأردن في مقدمة الدول في تلك المجالات.
أما بخصوص بعض المؤشرات التي حصل الأردن على نتائج متدنية فيها، وخاصة أسعار العقار وتكلفة المعيشة مقارنة بالدخل، أوضح ديه، أنه يجب تقديم حلول مناسبة وعملية لتحصيل نتائج أفضل في الأعوام المقبلة.
وحول مؤشرات أسعار العقارات، أكد ضرورة التوسع في المشاريع السكنية التي توفر أسعارا مناسبة وتخصيص مساحات من الأراضي لإقامة المشاريع السكنية، مشيرا إلى أن الحكومة اتخذت مجموعة من القرارات الجديدة تصب في هذا الاتجاه، وكذلك زيادة الرواتب والحد الأدنى للأجور ليتناسب الدخل مع تكلفة المعيشة، وهذا يتطلب الكثير من العمل.
بدوره، أكد الخبير الاقتصادي حسام عايش، أن رؤية التحديث الاقتصادي، بأسسها ومشاريعها وأولوياتها، تهدف بشكل رئيسي إلى تحسين جودة الحياة وتطوير الواقع الاقتصادي في المملكة. مبينا أن هذه الرؤية تسعى إلى رفع معدلات الدخل من خلال زيادة النمو الاقتصادي إلى نحو 5.6 بالمئة وزيادة العائد الحقيقي للفرد بنسبة لا تقل عن 3 بالمئة.
وأشار إلى أن تحقيق هذه الأهداف سيتم عبر توفير نحو مليون فرصة عمل من خلال تطوير وتحديث وتجويد مخرجات القطاعات الاقتصادية، ما يعني بناء بنية اقتصادية أكثر تطورا وجودة في الإنتاج، وتعزيز الاستثمار في رأس المال البشري لزيادة القدرات الوطنية لمواكبة المتغيرات الاقتصادية محليا وعالميا.
وأضاف أن الرؤية تسعى أيضا إلى استثمار التكنولوجيا والبنية الرقمية والذكاء الاصطناعي بما يسهم في رفع معدلات النمو، وزيادة فرص العمل، وتحقيق دخل أعلى للأسر، ورواتب أفضل للعاملين، إضافة إلى تعزيز فرص اكتساب المهارات الرقمية والتقنية بما يتناسب مع متطلبات الاندماج في الاقتصاد العالمي.
وبين أن النتائج المتوقعة من تنفيذ الرؤية ستقود إلى تنمية بشرية أعلى، وصحة وتعليم أفضل، ومهارات أكثر تطورا، ما يفتح أبوابا أوسع أمام المواطنين ليس فقط داخل الأردن، بل على مستوى العالم أيضا.
وأكد أن الرؤية ستحدث نقلة نوعية في الاقتصاد المحلي والحياة المدنية بجوانبها كافة، سواء من حيث المعارف أو المهارات أو التقنيات، مشددا على أن تنفيذ الرؤية يتطلب تطوير الخدمات العامة، وزيادة انتشارها وجودتها، ومواءمتها مع المعارف والمهارات التي يكتسبها الأردنيون خلال السنوات الـ10 المقبلة، لتصبح هذه الخدمات انعكاسا حقيقيا للنقلة النوعية التي تطمح إليها الرؤية.