الباحث السياسي لافي العمارين يكتب : المؤسسة بين الاستراتيجية ومركزية القرار
أن استراتيجية المؤسسات تصاغ وفقاً لأهداف وغايات أنشئت المؤسسة من أجلها سواء اقتصادية او تنظيمية او سياسية او على شكل شركات متخصصة ، ولتحقيق هذه الاهداف في اطار الخطة الاستراتيجية يتم توزيع مهام المؤسسة على عدة افراد متخصصين ليقوموا بدورهم بالعمل الفردي او الجماعي لتحقيق الاهداف وتنفيذ الخطط التي تمثل جزء من الهدف العام للمؤسسة على اعتبار ان الاهداف الفرعية الجزئية الاخرى يتم العمل على تنفيذها من افراد أخرين، بهذا النمط يمكن تسيير عمل المؤسسة حسب استراتيجيتها المعدة من قبل فريق الادارة .
يعتبر تداخل الصلاحيات داخل المؤسسة احدى العقبات التي تحد من فرص نجاح العمل المؤسسي، الا أنه يمكن تجاوز هذه المعضلة في اطار التخطيط الاستراتيجي للمؤسسة استناداً للتقيد فريق الادارة بالتخصصات والصلاحيات في حال توافر عنصر المرونة بين الطاقم الواحد في الطرح والتوجهات، فمن الاهمية بمكان توافق توجهات ادارة المؤسسة والعاملين على تنفيذ خططها لآن في ذلك تحفيز على الابداع العام في حل ما تواجهه المؤسسة من اشكاليات وتجاوز التهديدات التي تعتريها .
وفي ظل ما ورد تشكل مركزية القرار التحدي الاكبر للعمل المؤسسي اذا ما اقترنت هذه المركزية بتوجه ثابت لا يقبل المناقشة والتغيير، واقصد هنا المؤسسة الواحدة سواء شكلت فرع او جزء من كيان مؤسساتي اكبر، فالمدير العام لهذا البناء يعمل فيما تملي عليه قناعاته وتوجهاته ، متجاوزاً اراء الاخرين والشركاء وهو ما ينتفي تماماً مع مفهوم الاستراتيجية ، فمتخذ القرار يأخذ على عاتقة التخطيط والتنفيذ وتحقيق الاهداف مما يعني ارتباط نجاح او فشل المؤسسة بشخص مسؤول الادارة في الوقت الذي يعنى فشل الاستراتيجية بفريق عمل او جزء منه، وعلينا ان ندرك في هذه الحالة بأن مدير المؤسسة الى جانب اهماله عمل الفريق يهمل بيئة العمل للمؤسسة والتي تمثل التغذية الراجعة التي يعتمد عليها صنع القرار .
هذا لا يعني بأن مركزية القرار سلبية في جميع مراحلها لابل انها تمثل الايجابية في مراحل التأسيس ووضع بعض الاهداف، تكمن سلبيتها في عملية التنفيذ، فهي تجمع الصلاحيات في وقت الحاجة للاستعانة بالخبرات، وتنفرد في الرأي على حساب معطيات الميدان ومستجداته وذلك لارتباطها بذهنية محدده لا تقبل حتى أنصاف الحلول من بيئة العمل، بهذا النمط من الادارة تتولد لدى عاملين ومسؤولي المؤسسة حالة من الاحباط فهم ينظرون الى ذاتهم ادوات تنفيذية، فتوزيع المهام كعمل استراتيجي يولد حس المسؤولية لدى اعضاء الفريق الواحد بينما هم ليست الا ارقام في حالة المركزية المؤسساتية .
يستخلص مما سبق بأن تحديات المؤسسة في حالة المركزية اكثر منها في العمل الاستراتيجي، فمن متطلبات صياغة الاستراتيجية العمل الجمعي وهو ما ينتفي في المركزية، يضاف الى ذلك بأن فهم بيئة العمل الداخلية والخارجية يأخذ صفة المرونه في الحالة الاستراتيجية فين حين ان هذا الفهم يرتبط بمدى تقبل عقلية شخص المركزية وقناعته بمخرجات تنفيذ القرارات، أن غياب الاستراتيجية واضحة المعالم حتما سيؤدي الى الاصطدام بواقع البيئة المحيطة بالمؤسسة وكيف ذلك وعنصر المرونة مفقود لتقبل الحلول الوسطية التي تضمن انسيابية العمل .