الورقة النقاشية السابعة لجلالة الملك وأسئلة التجديد والتطوير
بنشر جلالة الملك ورقته النقاشية السابعة حول موضوع التعليم في هذه. الفترة المفصلية والمهمة التي نشهد فيها نقاشات وحوارات حول تطوير العملية التعليمية والمناهج الدراسية في بلدنا الغالي، يضع جلالته أساسا صلبا يستند إليه عند تناول قضية على درجة عظمى من اﻷهمية لمستقبل أجيالنا ولوطننا الغالي، نقاشا علميا متبصرا بعيدا عن 'الشخصنة' وعدم المهنية في بعض اﻷحيان؛ لنعبر نحو فهم عميق نحقق من خلاله منفعة حقيقية لطلبتنا ومعلمينا ومدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا، ونستشف فيه.
المصلحة العليا: آنيا؛ ومستقبليا، وليس نقاشا يصب في صالح فئات أو أفراد أو جهات معينة.نفخر - نحن من كانت لنا خبرة طويلة في التعليم- بما تحقق من إنجازات كان اﻹنسان اﻷردني وبناؤه، هو الغاية التي كرست من أجله، وما تزال، الجهود والطاقات؛ بهدف رفعته وازدهاره وتطوره.
وإذا كنا نتحدث بفخر واعتزاز عما وصلنا إليه من إنجازات في هذه العملية التعليمية؛ فإن ذلك ﻻ يحول دون أن نقيم التجربة؛ فنعزز اﻹيجابيات، ونتجاوز عن السلبيات، ونبني خططا عملية لمستقبل أكثر إشراقا، نرفع من خلالها سوية التعليم بمراحله المختلفة، ونحسن مخرجاته وجودته وتنافسيته، ونتصدى لمشكلاته المحورية بروح العصر والحداثة.
فجلالته وصف هذا القطاع الحيوي والهام بالقول: 'إنه قطاع استراتيجي وتطويره ضروري'وأضاف جلالته قائلا: ' ﻻ يمكن التغافل عن التحديات التي يواجهها ، وﻻ بد من اﻻعتراف بالمشكﻻت قبل حلها'.
نستلهم من هذه اﻷقوال حرص جلالته على التعامل الواقعي مع هذه التحديات ومجابهتها بروح العصر الذي تتسارع فيه المنجزات، وتدخل فيه البشرية مراحل متنامية من العولمة والتطور والحداثة، حتى أصبحنا في كل لحظة، نرى إنجازا تكنولوجيا واكتشافا علميا يبهرنا ونقف أمامه بدهشة وحيرة، وفي وقت نرى فيه اﻵخرين وهم يحلقون نحو عالم أكثر جودة وتميزا في التعليم، بينما نجاهد نحن للمحافظة على ما أنجز وتحقق. لقد غابت عنا - للأسف- روح اﻷصالة والتجديد، ليحل مكانها التقليد والتمجيد.
نرى في عبارات جلالته أن العملية التعليمية معنية بتعظيم القيم المضافة لجهد اﻹنسان ليس فقط من خلال تمكينه من القراءة والكتابة، رغم أنهما مفتاح المعرفة، والمعرفة بداية الفهم، والفهم وقود التغيير، والتغيير ليس نهاية المطاف، بل بداية الدرب، فهو أيضا بحاجة إلى تحليل وتقويم، بل إن العملية التعليمية - كما يراها جلالته- معنية بأن تجعل من إبداعات الطلبة ونجاحاتهم وتفوقهم وجهودهم، أعماﻻ ذات قيمة ومعنى، وأن تتيح للطلبة الفرصة للتنافس وتوسيع اﻷفق وزيادة اﻹنتاج النوعي الذي ينسجم مع العصرنة ويكرس مبدأ التفوق النوعي، واﻹنجاز الكمي والنوعي معا. وهي معنية بتعزيز الخطاب العقلاني الذي يجمع وﻻ يفرق، ويبث اﻷمل في النفوس عند تكالب اﻷخطار وﻻ يقصي اﻵخر ويؤمن بالتنوع المجتمعي وبقيم العيش المشترك ومبدأ احترام اﻵخر. وﻻ يتأتى ذلك المسعى إﻻ من خﻻل مناهج دراسية توازن بين اﻷصالة والمعاصرة، وتستحث الفكر، وتنمي روح اﻻبتكار واﻹبداع لدى جيل المستقبل؛ لتجسد قول جلالته في الورقة السابعة:
' ﻻ بد من وجود مناهج دراسية تفتح أمام أبنائنا وبناتنا أبواب التفكير العميق والناقد'
أختم فأقول:
إن الحكومة مدعوة لوضع هذه الورقة موضع النقاش والتحليل، وأن تتخذ سبلا عملية لوضع برامج مدروسة وخطط فعلية لتنفيذها. فبتعاون الجميع نعزز اﻹنجاز، ونحقق اﻷمنيات في هذا الوطن العزيز بإعداد جيل واع قادر على التغيير المنشود بمسؤولية واقتدار في وطن يعلي بنيانه جلالة الملك عبد الله الثاني راعي مسيرة العلم وأهله.