الحباشنة يكتب : التمديد لمجلس النواب الحالي" أفضل الخيارات الدستورية
معالي المهندس سمير الحباشنة
القبة نيوز- الثابت أن جلالة الملك عبد الله الثاني حريص على سير الاستحقاق الدستوري المتعلق بالأنتخابات النيابية والألتزام بمواقيته المحددة بالدستور و القوانين والترتيبات الناظمة للعملية الأنتخابية وهذا ما كان أعلنه مؤخراً في اكثر من مناسبة إلا أن الظروف الاستثنائية التي رتبتها جائحة كورونا على الاوضاع العامة في البلاد،جعلت الذهاب الى أصل المسار الدستوري للاستحقاق الإنتخابي أمر متَعذر.
حيث كان من المفروض أن تتم الانتخابات في المدى الزمني الممتد لأربعة أشهر،قبل انقضاء عمر المجلس الحالي والذي ينتهي ب 09/27 من هذا العام. وبما أنه لم يُعرف بعد متى تنتهي هذه الجائحة أو حتى مواجهة موجة جديدة محتملة منها،فأن إجراء الانتخابات في المنظور من الزمن وقبل إنقشاع الجائحة تماماً يحمل مخاطرة كبيرة ،خصوصاً في حالتنا الأردنية ذلك أن أختلاط الناس والتجمعات والمهرجانات سمة مرافقة بالعادة للموسم الأنتخابي مع عدم التيقن من مدى التزام المواطنين ب"بروتوكول" الحمايه المعلن.
وهو الأمر الذي قد يُفضي الى امكانية انتشار للفيروس على نطاق أوسع واشد ضراوة بحيث تعجز امكانياتنا العلاجيه والوقائيه من التصدي له .
فأن التوجه بعدم الاعلان عن موعد للانتخابات خلال هذه الفترة هو أمر يتسم بالحكمة والموضوعية فاذا كانت بعض الفروض العقيدية يمكن تعليقها امام الظروف القاهرة فكيف هي الحاله مع استحقاق معني بتنظيم الحياة السياسية ؟ إذن فالضرورة تقضي بعدم التسرع بأتخاذ قرارٍ بهذا الشأن .
إذاً امام هذا الوضع الاستثنائي و الظروف القاهرة فأن على الدوله أن تذهب الى تفعيل خيارات دستورية أخرى حتى يتبين الخيط الابيض من الاسود،فنذهب الى أنتخابات برلمانية و نحن مطمئنون الى أنه لن يقع ضرر على الدوله وعلى مواطنيها.
والحقيقة ان الدستور الاردني و من واقع التجارب السابقة و القراءة و التشاور في آطار الجمعية الاردنية للعلوم والثقافة فأنه يُتيح للدولة خيارات دستورية في مواجهة الوضع الأستثنائي حيث أمامنا خيارتٍ ثلاثة :
الخيار الأول : وهو إشتقاق من المسار الدستوري الأصلي المعتمد في الظروف الأعتيادية والذي يتيح حل مجلس النواب في اي وقت خلال الفتره الحاليه ،وبالتالي تشكيل حكومه جديده برئيسٍ جديد فالمنطوق الدستوري يمنع رئيس الحكومة التي نسبت بحل البرلمان أن يبقى في موقعه أويقوم بتشكيل الحكومة اللاحقة ويترافق ذلك مع تحديد موعد للأنتخابات البرلمانية خلال الاربعة اشهر التي تبدأ من تاريخ الحل وهذا يعني وفي حالتنا الراهنة وأن تم السير بهذا الأتجاه فأننا سوف نذهب الى الانتخابات في ظروف بقاء الجائحة بل و في ظل هواجس انتشارها بصوره اكبر،نظرنا لما قلناه في السابق عن الأختلاط البشري الذي يترافق مع الأنتخابات وأن برلماني مخضرم صاحب واحدة من أطول و أهم التجارب البرلمانية ألأردنية يتوقع بأن نسبة الأقبال على المشاركة في الأنتخابات سوف تكون ضعيفة جداً نظراً لخوف الناس من عدوى الكورونا لذا فأنني لا أُحبذ هذا الخيار الدستوري لأن به مغامرة غير محسوبة وغيرمتوقعة. فالمدى الذي سوف يندحر أويتطور به الفايروس مدىً غير معروف .
•الخيار الثاني: يقوم على أن لا تُنسب الحكومة بحل البرلمان و لا تصدر أرادة ملكية بذلك ويُترك المجلس الحالي حتى يُكمل فترته الدستورية "أربع سنوات " والتي تنتهي بتاريخ 09/27 من هذا العام. و أن ذلك و بالأستناد الى الدستور فهذا يقضي بالعودة الضمنيه للمجلس فيُستتبع ذلك بصدور إراده ملكيه بالدعوة الى دورة عادية للبرلمان بغرفتيه النواب و الأعيان يُتوج بخطاب العرش الذي يتضمن الثوابت و التوجهات العامة للدولة وكذلك برامج الحكومه للسنة القادمة . أي بمعنى أن يستمر المجلس الحالي في سده المسؤولية الى جانب نفس الحكومه.. حتى تتهيأ الظروف و تزول أخطار الكورونا ليتم لاحقاً و في أي وقت يراه الملك مناسباً حل المجلس و رحيل الحكومه.
والدعوة الى انتخابات برلمانية خلال أربعة اشهر من تاريخ الحل كما هو النص الدستوري . والحقيقة أنني لا أُحبذ كذلك هذا الخيار الذي يبدي الأمور وكأنها بحالة أرتباك وضعف قدرة الدولة على الأقدام نحو أتخاذ القرار المناسب .
•أما الخيار الثالث والأخير والأنسب: والذي اراه اكثر وجاهه وينسجم تماماً مع الدستور ويُجنب البلاد خطر تفاقم التمدد و الأنتشار المحتمل لفيروس كوفيد 19بصوره اوسع،فأن ذلك يتلخص بأن يقوم جلاله الملك بالتمديد لمجلس النواب الحالي لمده عام أنسجاماً مع منطوق الدستور الذي يعطي الحق للملك أن يُمدد لمجلس النواب لفترة عامٍ على أن لا تزيد عن العامين فنتجنب بذلك الفراغ المؤسسي – التشريعي من جهة و يسمح ببقاء الحكومة الحالية دون الحاجه الى حلها من جهة أُخرى . علماً بأن الحق يبقى لجلالة الملك ان يحل البرلمان لاحقاً و في الوقت الذي يراه مناسباً فتجري الانتخابات حال أن تتاكد الجهات الصحية المختصة أن الجائحه قد أصبحت وراء ظهورنا.. وبعد ...
أن الخيار الثالث هذا من شأنه ضمان سلامه الوطن وحمايه مواطنيه، ويحول دون رحيل الحكومه وتشكيل اخرى وربما تشكيل ثالثه بعد الانتخابات فليس مناسباً تلك التبديلات الحكومية المتلاحقة وبأزمان قصيرة والتي تضعف الانجاز وتبطئ دوران آليات الدوله.خصوصاً و أن لدى الحكومة الحالية وكما يعلن رئيسها مجموعة من التوجهات الأقتصادية و الأجتماعية و الأدارية تحتاج بعض الوقت لأتمامها .
فليُمنح الرئيس الحالي هذا الوقت عسى أن يتم ما وعد به .
والله و مصلحة الأردن من وراء القصد