facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

العرموطي تكتب: الفئات المتضررة .. متى ترفع الحكومة شعار "التمكين"؟

العرموطي تكتب: الفئات المتضررة .. متى ترفع الحكومة شعار التمكين؟

خولة العرموطي

القبة نيوز- هل يمكن لأحد أن يتخيل قسوة أن يخاطبه ملهوف ولا يتمكن من إغاثته؟ لا بل ولا يستطيع أن يعرف متى سيتمكن من ذلك، والسبب الحقيقي هو قرارات مربكة لم نعد نعرف كيف نتعامل معها، وضمن واقع أكثر إرباكاً.


نعم، لقد أربكتنا تماماً قرارات الحكومة مؤخرا بخصوص الممنوع والمسموح في ضوء حظرٍ يطول ويتخفف كل يومٍ بطريقة، ودون أي اعلان لآلية اتخاذ القرار ولا مستقبله في زمنٍ نتوقع ان تكون فيه إصابات فايروس كورونا المستجد هي اللاعب الأبرز في ذلك.

وأربكتنا أكثر، ونحن لا نعرف لا الآلية ولا الطريقة التي تقيّم الحكومة على أساسها التصاريح الممنوحة ولمن، وكيف تم استثناء عدد ممن يرغبون بتقديم الدعم لبعض الاسر المستورة وفي جهدٍ قد يسهّل مهمة الحكومة اللاحقة.

نفهم ونقدّر طبعا جهود الأطباء والكوادر الطبية والصحية، وكذلك رجال الأمن والجيش، ولكن ما لا نفهمه هو كيف تصر الحكومة على الحظر وهي تعلم أن أكثر من نصف الأردنيين باتوا اليوم يتساقطون في خط الفقر، وما أقسى الفقر حين يتكرس بشهر الرحمة والتراحم.

أتابع يوميا كيف تنهال عليّ وأمثالي، الاتصالات والتمنيات من مواطنين يعانون ضيق ذات اليد في شهر البركة والخير، ولا زلنا نحاول أنا ومتطوعو مبادرة "واجب علينا" إيجاد سبل لمساعدة هؤلاء (وقد نجحنا بتمرير بعض المساعدات والمعونات لاخواننا وبصورة غير مباشرة)، خصوصا بعدما درستُ وتابعتُ لأيام ما تعلنه وزارة التنمية الاجتماعية من مساعدات للأسر التي تؤكد انها أكثر تضررا.

وبهذا السياق، لا أذيع سرّاً إن قلت إن أرقام وزارة التنمية الاجتماعية الأخيرة عن مخصصات الأسر المتضررة من أزمة كورونا، تراوحت بين 31.6 ديناراً للأسر المستفيدة من صندوق الزكاة، ونحو 213 دينار للأسر التي تستفيد مما يسمى الدعم التكميلي. بين هذين الرقمين قدمت الوزارة 81 دينارا لاسر صندوق المعونة، و128 دينارا لأسر عمال المياومة، وكان هناك عدد من المعونات العينية والدعم الذي قدمه جلالة الملك عبد الله للاسر بالبطاقات الممغنطة.

البيانات المذكورة وفي أعلى ارقامها (وعلى أهميتها) لن تساعد الأسر المحتاجة لشهر كامل ولن تخدمهم تحديدا في شهر رمضان الفضيل، وهنا لا لوم على وزارة التنمية الاجتماعية ولا على صندوق همة وطن الذي دعمها، وانما اللوم منذ البداية على اننا جميعاً لم نفكّر ان يوماً سيمرّ يخسر فيه العاملون عملهم فكيف بأولئك الأضعف ضمن فئة متلقّي المعونة ضمن سجلات التنمية.

الواقع اليوم يقول، ان ما قاله جلالة الملك في مقاله الأخير في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، صحيح، حين قال "البطالةُ والمجاعةُ والفقرُ في انتظارنا إن لم نعمل معاً، ويتعين علينا أن نعالج فجوة الفرص العالمية (...) علينا أن نقوم بما قد يتعارض مع ما اعتدنا عليه، علينا أن نضع السياسة والسعي إلى الشعبية جانباً، كما يتعين علينا أن نقوم بعكس ما أمرنا به الطبيب، علينا أن نتقارب وأن نعمل معاً، ولمواجهة هذا التهديد الأوحد، علينا أن نوحّد هدفنا وتركيزنا لتصبح غايتنا بقاء وسلامة البشرية في كل مكان."

نحن اليوم بحاجة حقيقية لدرجاتٍ عالية من التفكير خارج الصندوق من جهة ومن التكافل والتراحم من جهة ثانية، والأهم في سياق التنمية الاجتماعية، أن نتحوّل من مساعدة الناس فقط إلى تمكينهم، وعدم الاكتفاء باستخدام تبرعات "همة وطن" ضمن مساعدات ضئيلة فقط للعائلات المستورة، بل تحويلها لمصادر رزق ودخل لهؤلاء، وتمكين القطاع الخاص أيضا من فعل ذلك.

العجز عن التحرك لمساعدة الآخرين محزنٌ جداً، وكنتُ قد أقبله لو لم نكن في غمرة شهر رمضان الفضيل والذي اعتادت فيه اسرٌ بأكملها أن تنتعش بقيم الشهر المبارك. ولكنه قضاء الله، ونفلحُ لو حوّلنا الأزمة لفرصة نزيد فيها تمكين الأسر الأردنية ومناعتها الاقتصادية لتتوازى مع تلك الصحية التي ننجح فيها بصورة كبيرة.

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )