facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

الأمن الوطني وإدارة أزمة كورونا

الأمن الوطني وإدارة أزمة كورونا

أحمد محمد الحويان

القبة  نيوز- لعل أهم مرتكزات الأمن الوطني لأي دولة هو توفير الحماية لمواطنيها،بأشكالها المختلفة وتجنب الوقوع في أزمات، تضر بمصالح ومكونات المجتمع، فيمكن قياس مؤشر الأمن الوطني، من خلال مدى قدرة الدولة على حماية شعبها وأرضها واقتصادها ومصالحها وعقائدها من أي اعتداء، بالإضافة إلى التصدي للتحديات الداخليةوالخارجية وقياس مستوىالمخاطر، وإيجاد حلول متوازنة من شأنها توحيد الصفوف لحين العبور من الأزمة إلى بر الأمان.


وللأمن الوطني جوانب وأبعادمتعددة،منها ما هومرتبط بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والسياسية والعسكرية والايدولوجية وغيرها، على مسار تحقيق الأمن الشامل.

فيما تتطابق المرتكزات الأساسية للأمنالوطني للدول المختلفة الا أن مقوماتهاتتباين،من دولة إلى أخرى وفقاً للإمكانيات المادية والبيئة الداخلية والخارجية، ومستوى الجاهزية وسرعة الاستجابةإلى الظرف الطارئ بأقل كلفة،وأقصرفترة زمنية ممكنة، وتجدر الإشارة إلى أنه لا يمكن استغلال هذه المقومات بالشكل الأمثل، دون توفرمنظوراستراتيجي، مبني على مراجعة للماضي والوقوف على واقع الحال واستشراف للمستقبل.

وفي هذا المقال،لابد من التركيز على أن مدى قدرة أي دولة للمحافظة على مستويات امنة من الأمن الوطني يتجلى في مدى جاهزيتها وقدرتها على الوفاء بالحد الأدنى من المتطلبات الأساسية للمواطنين، وتوفير مخزون استراتيجي من السلع والمواد الغذائية الأساسية، وكذلك متطلبات الأمن والأمان والسلامة العامة والرعاية الصحية وخدمات التعليم ...الخ

ويعد النموذج الأردني في التصدي لجائحة كورونا، من انجح التجارب على مستوى العالم، بالرغم من تواضع القدرات والإمكاناتالوطنية والموارد الاقتصادية،وذلك بشهادة العديد من المؤسسات الدولية وقادة الرأيعلى مستوى العالم، فقد تمإقرارحزمة تدابيراحترازية مبكرة لاحتواء الفيروسمن إغلاق الحدود وإغلاق المتاجر غير الضرورية...الخ.
كما استخدمت الحكومةأسلوب التدرج في احتواء أزمة الوباء المستجد ممثلة بأذرعها التنفيذية كافة،وبدراسة متأنية للممارسات الدوليةحولمدى تفشي المرض،وضمن منظومة إجراءات متكاملة اتسمت بالتكامليةوالمرونة والحيادية،وفقاً لواقع الحال المحلي والدولي المتعلق بالوباء، حيث كان الهدف الرئيسي من سلسلةالإجراءاتوالقرارات التي تم اتخاذها هوتوفير منظومة حماية صحية، واقتصادية،واجتماعية،وتنموية هدفهااحتواء الأخطار الداخلية والخارجية، التي تهدد الأمن الصحيللمملكة،وإيجاد السبل الكفيلة بمعالجتها.

وبقيادة استشرافية وتوجيهات حكيمة من لدن صاحبالجلالة الهاشمية الملكعبد اللهالثانيابن الحسينالمعظم(حفظه الله ورعاه) ومتابعة حثيثة من جلالته وولي العهدالأمين سموالأمير حسينابن عبد الله، كانت الأوامر الملكية الساميةاستباقية وتصب في بوتقة تعزيز مبادئ الأمن الوطني وقيمهالأساسية،حيث أنتج ذلكتدخلاتمتناغمة ومتناسقة ومتكاملة ومواكبة للتطورات ضمن منظومة مهنية يشاد لها بالبنانبكل المقاييسوبترحيبشعبيواسع.

مما لاشك فيه أن أزمة كورونا الدولية هي واقع حال جديد، لم يسبق للعالم أن واجه جائحة مماثلةفي العصر الحديث منذ القرن التاسع عشرإبان فترةتفشيوباءالطاعون الأسودللمرة الثانيةفي أوروبا،متسبباً بوفاةعشرات الملايين، وما اود الوصول إليه هناأن حزمة الإجراءات الاقتصادية-على وجه التحديد-التي تبنتها الحكومةاتسمت بالشجاعةفي حينتم اتخاذها على نحو طارئ، وضمن بيئةضبابيةمستجدة، وبظرف استثنائيمحفوف بالمخاطر، سيما وأنها جاءت علىالمستوى الكلي وعلىنحوغير مسبوق،وبانعدام توفر نموذج اقتصادي يمكن اتباعه لهذه الغاية،وكانهدفها الأساسي هو تعزيز منظومة الأمن الوطني بأشكاله المختلفة صدعاً للأمر الملكي السامي.

فقامت الحكومةبالإشارةضمن رسائلهاالإعلاميةإلى أن ما تم اتخاذه من إجراءات خاضع للتقييم والتغذية الراجعة، كونالظرف مستجدوقد تم العدول عن بعض القرارات، وسن قرارات جديدة حسب التجربة العملية على أرض الواقع، ومن السابق لأوانه في هذه المرحلة تقييم التدخلات الحكومية كون خلية الأزمة المعنية بإدارتهامنالجانب الاقتصاديهدفهاالأساسيهوإدامة سلاسل.الإمدادوالتزويدللخدمات.والسلع.الأساسية.لتوفيرالاحتياجاتالحيويةللمواطنوحمايةالقطاع الخاص والمرافقالإنتاجية وضبط منظومة إيقاع الاقتصاد الجزئي.
ويسجلللحكومةأنهاتعاملتبشفافية في جميع الخطوات التيتم اتخاذها؛لمكافحة الوباءضمن منظومة إعلامية اتسمت بالمكاشفة، لمكافحة انتشار المرض وعدد الحالات والإجراءات المتخذة لاحتواءالأخطار، الناجمة عن تفشي المرضبأبعاد مختلفة وبنهج غير مسبوق.

وبما أن الأمن الاقتصادي ركيزة أساسية من ركائز الأمن الوطني، ولكونمصير الاقتصاد العالميقد أصبحيتسم بالغموض إلى حد غير مسبوقفي هذه الفترة على وجه التحديد، فقد حان الأوان للتفكير بالتدابير الواجب مراعاتها تمهيداًلاستعادة الاستقرار الاقتصاديإلى المملكة لفترةمابعد الأزمةبعد العودة التدريجية لفتح الأنشطة الاقتصادية المختلفة والدخول في مرحلة التعافي الاقتصادي،ضمن إطار متكامل يتضمن ما تم انجازه من الحزم التحفيزية التي تم إطلاقها ما قبلالكورونا، والإجراءات المتخذة خلال الأزمة، وما نطمح أن يكون الوضع ما بعد الأزمة.

إنالعزلة الإجبارية التي فرضهاظرفتفشي كورونا تتيحلنافرصةغير مسبوقة، لإعادةتقييم أولوياتناالوطنية،وذلك ابتداءً من استغلالمناسبةاجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدوليالحاليين، وحصر الكلفة التي تكبدها الاقتصاد الوطنيلغاية تاريخه على أثر تعطل رأس المال البشري وتأثر المشاريع الصغيرة والمتوسطة وقطاع السياحة وعائدات قطاع النقل والتحويلات المالية للمغتربين وغيرها،نتيجة مكافحة جائحة كورونا وعرضها على هذه المؤسسات الدولية وكذلكبيان مدى تأثر خطط الحكومةالاقتصادية ومشاريعها الكُبرى الحيويةكنتيجة للوباء المستجد،بالإضافة إلىاستعراض التجربة الأردنية الناجعة في التعامل مع هذا الملف لغاية الان،فيمحاولة للاستفادة بالحد الأقصى من خطة المساعدات الطارئة التي أعلن عنها البنك الدولي الأسبوع الماضي والبالغ حجمها 160 مليار دولار؛ لدعم جهود التصدي لتداعيات انتشار فيروس كورونا،واستغلال أي دعم جديدليغطي الأولوياتالوطنية.

ومن الأهمية على صعيد متسق محاولة الحصول على أسعار فائدة تفضيلية إلى أبعد الحدود على المديونية القائمة وفترات سداد أطول لأي تمويل متعاقد عليه في ضوء هذه الجائحة، والتي تتطلب تقديم الدعم للمملكةبنهجغير تقليدي - بحيث يتضمن على سبيل المثال لا للحصر تخفيف المؤشرات الإصلاحية المتعاقد عليها - ضمن إطار تقنين أثر وطأة الوباء المستجد على الاقتصاد الوطني.

وإجمالاً،تشير القراءات إلى أن الأردنمن الدول الأقل تأثراًمن تداعيات الوباء في حال استمرارالتدابيرالوقائيةللأسابيع المقبلةإلىحين الوصول إلى فترة الانحسار (بعون الله)، وقد أثبتت هذه التجربةعلى وجه التحديدتوفر منظومة أمنوطنيقوية ومتوازنة بأبعاد مختلفةوأنه بمقدرةالمملكةاتخاذتدابيرمن شأنها حماية مقدرات الوطن وقت الحاجة.

ومما لا شك فيه أنهذه الأزمةقدلعبت دوراً في استعادةالثقة المتبادلة بين أفراد المجتمع والحكومة،وتعزيز قيم التكافل، الأمر الذي منشأنه أن يزيد الوطن منعةوقوةلفترةمابعد الأزمة،لنصبحأقوى وأفضل مما كناعليه.

فالتجربة أثبتت لغاية تاريخه بأن الأردن قوي وقادر على مجابهة الأزمات ضمن نهج مؤسسي، ومن الممكن الاستفادة من هذه التجربة العملية لرسمانموذج منهجي، ستستفيد منمعالمهالأجيال القادمة في مجال إرساء دعائم الأمن الوطني الشامل.

وكل ذلك ما كاد أن يتحقق لولا وجود قيادة هاشميةمُلهمة تتقدم الركب ومُدركة لأولويات الوطن، وحريصة على المقدرات،وتتعامل بحكمة وتوازن، وتحظى بالثقة والمصداقية مُدعمة بمحبة الشعب والتفافه حولها، وكما قالهاصاحبالجلالة الهاشمية الملكعبد اللهالثانيابن الحسينالمعظم(حفظه الله ورعاه)"شدة وبتزول، إن شاء الله" و "أنتم قدها."

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )