كورونا .. بين المنهج العلمي والمتغيرات المحتملة
د.خالد الربيع
القبة نيوز- متنوعة هي موضوعات الأدب، ولأنها كذلك فهي لا تخلُ مما لا نحب، وكثيراً ما خرجت القصائد والقصص والروايات من رحم المعاناة الإنسانية، ومنذ عهد جوفاني بوكاتشو في العصور الوسطى،اهتم الكتّاب فيجميع الأزمنة والعصور والأماكنبكيفية تفاعل الناس مع الأزمات المختلفة. كثيرة هي تلك الروايات التي كان الوباء فيها محوراً أساسياً لأحداثها ومجالاً واسعاً لسرد الحبكة الروائية فحن نجد بعض الكتّاب استمدوا من تلك الأحداث لإثراء خيالهم حتى لو أنه غير موجود، فاختلقوا وباءاً خيالياً أقاموا عليه منصة إبداعية قدموا من خلالها رؤاهم النقدية والفلسفية للقارئ.
وإذا تأملناما يحدث من حولنا في هذا العالم الصغير بعد جائحة "كورونا"نتذكر حينها الرواية العالمية الحاصلة على جائزة نوبل للروائي كامو في روايته«الطاعون» الصادرة 1947 والتيتدور أحداثها في مدينة وهران الجزائرية حيث اجتاح الطاعون المدينة وأعلنت حالة الحصار وانعزلت المدينة عن العالم. فقد كانهناك مئات الموتى كل يوم من جميعفئات المجتمع، فالوباء يعم الجميع.
في كل منعطف حاد للبشرية تتأسس مقولات جديدة تظهر جماليات وسرديات جديدة، وتتأسس بلاد وتُمحى بلاد وجغرافيات وتختفي لغات وتنكمش ديانات وتتوسع أخرى. وحالياًوفي عصرنا الحالي ظهر وباء"كورونا"الذييعد منعطفاً خطيراً في وجود الإنسانية وهذا ليس من نسج الخيال وإنما هو واقع نعيشه في كل يوم؛ فقد قطع الشرق بالغرب وتحول ضجيج المدن الكبرى إلى حالة سكون.
لكن على المؤمنين بنظرية المؤامرة "مرض الشك التآمري – البارانويا" وإن كانت الأحداث الحالية قد وردت قبل عشرات السنين في قصص وروايات وأفلام قد تكون قريبة مما يحدث في هذه الأيام، أن يدركوا أن علم الأحياء (بيولوجي) أوالفيروسات علم قديم من آلاف السنين.ومايعرفه الإنسان عن هذه الكائنات محدود للغاية بالنسبة إلى طريقة انتقال هذه الفيروسات وانتشارها وطريقة مهاجمتها لشّعبالهوائية، وحتى يومنا هذا.وتوجد هناك سبع سلالات من فيروسات كورونا البشرية،آخرها ما يسمى "كوفيد -19".
لكن السؤال الأهم من هي تلك الدول القادرة على الصمود وتجاوز هذه المرحلة بأقل الخسائر وماتأثير ذلك على مستقبل الاقتصاد العالمي؟
بالتأكيد من يحدد أو يعزز معركة الصمود وتجاوز الصعوبات هي تلك الدول التي تمتلك اقتصاداً قوياً "اقتصاداًمعرفياً"والمؤمنة"بالبحث العلمي" والقادرة على تأمين احتياجاتها ضمن مفهوم "الأمن الغذائي".
فحسب تقديرات أكثر من جهة بينها صندوق النقد الدولي، أنه لن يستمر الاقتصاد العالمي بدعائمه الحالية القائمة على حرية نسبية للتجارة "العولمة الاقتصادية"وعلى الهيمنة الأمريكية والأوروبية التي قسمت العالم إلى قسمين، أحدهما غني مُتخم والآخر فقير شبه مُعدم. فقد ينكمش النموالعالمي بنسبة 2.8 % في عام 2020 مقارنة بانخفاض بلغ % 1.7 2009 في ظل أن أغلب مؤشرات الأسهم العالمية متراجعة بأكثر من 20%.فقد بلغت خسائر الاقتصاد العالمي إلى الآن 160 مليار دولار،نتيجة لذلك سوف تلجأجميع الدولإلى مزيد من الانكفاء على نفسها.
لقد كانت كل التوقعات تشير إلى أن عام 2020 سوف يكون مشابه لعام 2008 في أزمة "الرهن العقاري"وأن نسبة النمو لأغلب البلدان لا يتجاوز2% لكن مع جائحة كورونا فقد يكون هذا العام شبيه بعام الكساد في ثلاثينيات القرن الماضي1929 عندما انهار سوق الأسهم الأمريكي، وقد سمي ذلك بيوم"الثلاثاء الأسود" وكان له تأثير مدمر على الدول الفقيرة والغنية وانخفضت التجارة العالمية إلى النصف مع انخفاض متوسط دخل الفرد وعائدات الضرائب وقد يكون ذلك واقعياً نظراً لحجم الديون العالية للأفراد والبنوك والشركات،إذا ما علمناأن البنوك المركزية لم تتعافى من أزمة 2008.فالصين والولايات المتحدة الأمريكية اللتان تستحوذان معاًعلى ما يزيد على 40% من الاقتصاد العالمي سوف تتأثران بأزمة"كورونا"إذا استمرت بالإضافة إلى الأسواق الناشئة، إذ ربما يفقد أكثر من 250 مليون شخص وظائفهم خلال هذه الأزمة. وينخفض الناتج المحلي الاجمالي العالمي بنحو 0,1 -0,2 % في 2020.
قد تكون هذه الأزمة اختباراًحقيقياً لبعض التكتلات الإقليمية والعالميةبل للنظام العالمي برمته،تلك التي كانت ترى في منطقة اليورو "الشنجن" نموذجاً يمكن أن يتكرر في دول أخرى، لكن مع الانتقاد المتكرر لتفشي فيروس "كورونا"من قادة هذه الدول فقد يكون "المشروع الأوروبي" معرّضاً للخطرمما يعزز ويدعم صعود الأحزاب الشعبويةالمتطرفة لتسويق خطابها الانتخابي.
فإذاما استمروباء "كورونا" في الانتشار فقد تكون الامدادات الغذائية للدول معرّضة لخطر "الأمن الغذائي" إذا ما علمنا أن الدول العربية التي تعتمد على بيع وتصدير النفط أو على السياحة "الاقتصاد الريعي"ستكون من أكثر الدول المعرضة للخطر،في ظل تراجع الطلب العالمي على النفط وانخفاض أسعارها من قبل الدول الأكثر نمواً كالصين وكوريا الجنوبية واليابان مع انخفاض عوائد الصناديق السيادية الخليجية. هذا يعني عدم توفّر موارد مالية لدعم سلع ضرورية،حيث أن الدول العربية تستورد 80% من سلعها الغذائية بقيمةإجمالية تفوق 40 مليار دولار فيما يسمى "التبعية الغذائية "...
أما التسابق العالمي على إنتاج لقاح لـ"كورونا" من قبل الصين والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا في الوقت الحالي فقد يكون مؤشراًمهماعلى اهتمام هذه الدول بالبحث العلمي إذا ما علمنا أن الصين صرفت على البحث العلمي خلال 10 سنوات الأخيرة نصف تريليون دولار،أما الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية فالنسبة تتراوح 2.5- 4%،أما بالنسبةللدول العربية مجتمعة فهي أقل من 1% من دخلها القومي.
وقد يكون من الصعب في الوقت القريب التنبؤ بنهاية أزمة "كورونا" ولكن أغلب الدول تأمل أن تكسر حاجز الصعود لتبدأ مرحلة التعافي والإصابات ذات الأعداد القليلة وأغلب التقارير الصادر تشير إلى أن الوفيات بسبب "كورونا" لن تصل إلى الأعداد التي وصلت إليها بعض الأوبئة كالطاعون والأنفلونزا العالمية والإيدز الذى حصد عشرات الملايين، وربما يكون عدد الوفيات أقل من مليونكمرض السارس أو انفلونزا الطيور أو ايبولا؛ فقد يحتاج الحصول على عقار لـ"كورونا" سنة كاملة على الأقل كما أعلنت ذلك إدارة الغذاء والدواء الأمريكيةFDA)) حيث يستخدم حالياً"هيدروكسيكلوروكوين"لمكافحة الملاريا من أجل علاج "كوفيد 19" الذي يعطل تكاثر الفيروسات؛ على الرغم من تحذيرات الخبراء بأنه مازال تحت التجربة ويسبب آثاراً جانبية ضارة على مرضى القلب وعلى الشبكية، قد تصلأحياناً إلى الموت.
فعلى الرغم من أن أغلب الدراسات تشير إلى تعافي الاقتصاد العالمي في الربع الثالث والرابع من هذا العام في قطاع السياحة والطيران والغاز وهي القطاعات الأكثر تضرراً بسبب هذه الأزمة.
لقد بات من المؤكدأن النظام العالمي وتوازن القوى سيتغيران بشكل كبير نظير فشل المؤسسات الدولية في القيام بدورها، ولن يتعافى الاقتصاد العالمي على المنظور القريب وإنما سيمر بمرحلة كساد وقد ينتج عن ذلك انفراط العقد الاجتماعيالعالمي وربما حدوث اضطرابات سياسية واقتصادية، فسيكون للصين ودول شرق آسيا وبعض الدول في الشرق الأوسط دور بارز ومؤثراً على المستوى الاقتصادي والسياسي العالمي.
وإذا تأملناما يحدث من حولنا في هذا العالم الصغير بعد جائحة "كورونا"نتذكر حينها الرواية العالمية الحاصلة على جائزة نوبل للروائي كامو في روايته«الطاعون» الصادرة 1947 والتيتدور أحداثها في مدينة وهران الجزائرية حيث اجتاح الطاعون المدينة وأعلنت حالة الحصار وانعزلت المدينة عن العالم. فقد كانهناك مئات الموتى كل يوم من جميعفئات المجتمع، فالوباء يعم الجميع.
في كل منعطف حاد للبشرية تتأسس مقولات جديدة تظهر جماليات وسرديات جديدة، وتتأسس بلاد وتُمحى بلاد وجغرافيات وتختفي لغات وتنكمش ديانات وتتوسع أخرى. وحالياًوفي عصرنا الحالي ظهر وباء"كورونا"الذييعد منعطفاً خطيراً في وجود الإنسانية وهذا ليس من نسج الخيال وإنما هو واقع نعيشه في كل يوم؛ فقد قطع الشرق بالغرب وتحول ضجيج المدن الكبرى إلى حالة سكون.
لكن على المؤمنين بنظرية المؤامرة "مرض الشك التآمري – البارانويا" وإن كانت الأحداث الحالية قد وردت قبل عشرات السنين في قصص وروايات وأفلام قد تكون قريبة مما يحدث في هذه الأيام، أن يدركوا أن علم الأحياء (بيولوجي) أوالفيروسات علم قديم من آلاف السنين.ومايعرفه الإنسان عن هذه الكائنات محدود للغاية بالنسبة إلى طريقة انتقال هذه الفيروسات وانتشارها وطريقة مهاجمتها لشّعبالهوائية، وحتى يومنا هذا.وتوجد هناك سبع سلالات من فيروسات كورونا البشرية،آخرها ما يسمى "كوفيد -19".
لكن السؤال الأهم من هي تلك الدول القادرة على الصمود وتجاوز هذه المرحلة بأقل الخسائر وماتأثير ذلك على مستقبل الاقتصاد العالمي؟
بالتأكيد من يحدد أو يعزز معركة الصمود وتجاوز الصعوبات هي تلك الدول التي تمتلك اقتصاداً قوياً "اقتصاداًمعرفياً"والمؤمنة"بالبحث العلمي" والقادرة على تأمين احتياجاتها ضمن مفهوم "الأمن الغذائي".
فحسب تقديرات أكثر من جهة بينها صندوق النقد الدولي، أنه لن يستمر الاقتصاد العالمي بدعائمه الحالية القائمة على حرية نسبية للتجارة "العولمة الاقتصادية"وعلى الهيمنة الأمريكية والأوروبية التي قسمت العالم إلى قسمين، أحدهما غني مُتخم والآخر فقير شبه مُعدم. فقد ينكمش النموالعالمي بنسبة 2.8 % في عام 2020 مقارنة بانخفاض بلغ % 1.7 2009 في ظل أن أغلب مؤشرات الأسهم العالمية متراجعة بأكثر من 20%.فقد بلغت خسائر الاقتصاد العالمي إلى الآن 160 مليار دولار،نتيجة لذلك سوف تلجأجميع الدولإلى مزيد من الانكفاء على نفسها.
لقد كانت كل التوقعات تشير إلى أن عام 2020 سوف يكون مشابه لعام 2008 في أزمة "الرهن العقاري"وأن نسبة النمو لأغلب البلدان لا يتجاوز2% لكن مع جائحة كورونا فقد يكون هذا العام شبيه بعام الكساد في ثلاثينيات القرن الماضي1929 عندما انهار سوق الأسهم الأمريكي، وقد سمي ذلك بيوم"الثلاثاء الأسود" وكان له تأثير مدمر على الدول الفقيرة والغنية وانخفضت التجارة العالمية إلى النصف مع انخفاض متوسط دخل الفرد وعائدات الضرائب وقد يكون ذلك واقعياً نظراً لحجم الديون العالية للأفراد والبنوك والشركات،إذا ما علمناأن البنوك المركزية لم تتعافى من أزمة 2008.فالصين والولايات المتحدة الأمريكية اللتان تستحوذان معاًعلى ما يزيد على 40% من الاقتصاد العالمي سوف تتأثران بأزمة"كورونا"إذا استمرت بالإضافة إلى الأسواق الناشئة، إذ ربما يفقد أكثر من 250 مليون شخص وظائفهم خلال هذه الأزمة. وينخفض الناتج المحلي الاجمالي العالمي بنحو 0,1 -0,2 % في 2020.
قد تكون هذه الأزمة اختباراًحقيقياً لبعض التكتلات الإقليمية والعالميةبل للنظام العالمي برمته،تلك التي كانت ترى في منطقة اليورو "الشنجن" نموذجاً يمكن أن يتكرر في دول أخرى، لكن مع الانتقاد المتكرر لتفشي فيروس "كورونا"من قادة هذه الدول فقد يكون "المشروع الأوروبي" معرّضاً للخطرمما يعزز ويدعم صعود الأحزاب الشعبويةالمتطرفة لتسويق خطابها الانتخابي.
فإذاما استمروباء "كورونا" في الانتشار فقد تكون الامدادات الغذائية للدول معرّضة لخطر "الأمن الغذائي" إذا ما علمنا أن الدول العربية التي تعتمد على بيع وتصدير النفط أو على السياحة "الاقتصاد الريعي"ستكون من أكثر الدول المعرضة للخطر،في ظل تراجع الطلب العالمي على النفط وانخفاض أسعارها من قبل الدول الأكثر نمواً كالصين وكوريا الجنوبية واليابان مع انخفاض عوائد الصناديق السيادية الخليجية. هذا يعني عدم توفّر موارد مالية لدعم سلع ضرورية،حيث أن الدول العربية تستورد 80% من سلعها الغذائية بقيمةإجمالية تفوق 40 مليار دولار فيما يسمى "التبعية الغذائية "...
أما التسابق العالمي على إنتاج لقاح لـ"كورونا" من قبل الصين والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا في الوقت الحالي فقد يكون مؤشراًمهماعلى اهتمام هذه الدول بالبحث العلمي إذا ما علمنا أن الصين صرفت على البحث العلمي خلال 10 سنوات الأخيرة نصف تريليون دولار،أما الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية فالنسبة تتراوح 2.5- 4%،أما بالنسبةللدول العربية مجتمعة فهي أقل من 1% من دخلها القومي.
وقد يكون من الصعب في الوقت القريب التنبؤ بنهاية أزمة "كورونا" ولكن أغلب الدول تأمل أن تكسر حاجز الصعود لتبدأ مرحلة التعافي والإصابات ذات الأعداد القليلة وأغلب التقارير الصادر تشير إلى أن الوفيات بسبب "كورونا" لن تصل إلى الأعداد التي وصلت إليها بعض الأوبئة كالطاعون والأنفلونزا العالمية والإيدز الذى حصد عشرات الملايين، وربما يكون عدد الوفيات أقل من مليونكمرض السارس أو انفلونزا الطيور أو ايبولا؛ فقد يحتاج الحصول على عقار لـ"كورونا" سنة كاملة على الأقل كما أعلنت ذلك إدارة الغذاء والدواء الأمريكيةFDA)) حيث يستخدم حالياً"هيدروكسيكلوروكوين"لمكافحة الملاريا من أجل علاج "كوفيد 19" الذي يعطل تكاثر الفيروسات؛ على الرغم من تحذيرات الخبراء بأنه مازال تحت التجربة ويسبب آثاراً جانبية ضارة على مرضى القلب وعلى الشبكية، قد تصلأحياناً إلى الموت.
فعلى الرغم من أن أغلب الدراسات تشير إلى تعافي الاقتصاد العالمي في الربع الثالث والرابع من هذا العام في قطاع السياحة والطيران والغاز وهي القطاعات الأكثر تضرراً بسبب هذه الأزمة.
لقد بات من المؤكدأن النظام العالمي وتوازن القوى سيتغيران بشكل كبير نظير فشل المؤسسات الدولية في القيام بدورها، ولن يتعافى الاقتصاد العالمي على المنظور القريب وإنما سيمر بمرحلة كساد وقد ينتج عن ذلك انفراط العقد الاجتماعيالعالمي وربما حدوث اضطرابات سياسية واقتصادية، فسيكون للصين ودول شرق آسيا وبعض الدول في الشرق الأوسط دور بارز ومؤثراً على المستوى الاقتصادي والسياسي العالمي.