لكي لا نحرث في البحر
أ. د. كامل السعيد
القبة نيوز- لم يكن هدف المشرع الدستوري بمقتضى الشطر الثاني من المادة (86/1) من الدستور , معرفة ما اذا كان يجوز القبض على من وجد متلبسا بجريمة جنائية مهما كان نوعها سواء كانت جناية او جنحة او مخالفة , وبعبارة اخرى لم يكن هدف المشرع الدستوري تحديد او التعريف بالجرائم التي يجيز التلبس بها القبض على مرتكبيها حتى ينصرف الجدل الى ما كان قد انصرف اليه - مع كل اسف – من حيث جواز او عدم جواز القبض على مرتكبي الجرائم الجنحية او التكديرية (المخالفات ) , لسبب بسيط جدا يتمثل في انه ليس من وظيفة المشرع الدستوري تحديد الحالات التي يمكن فيها المساس بالحريات الشخصية لاعضاء مجلس الامة او غيرهم عن طريق القبض او التوقيف او المحاكمة , فهذا الامر ليس من اختصاص المشرع الدستوري , وانما يدخل حصرا في اختصاص المشرع الجزائي بمقتضى قانون اصول المحاكمات الجزائية وبالتحديد بمقتضى ما ورد في المادة (99) من هذا القانون في قولها : " لاي موظف من موظفي الضابطة العدلية ان يامر بالقبض على المشتكى عليه الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه في الاحوال الاتية : 1- في الجنايات 2 - في احوال التلبس بالجنح اذا كان القانون يعاقب عليها لمدة تزيد على ستة اشهر 3- اذا كانت الجريمة جنحة معاقبا عليها بالحبس وكان المشتكى عليه موضوعا تحت مراقبة الشرطة , او لم يكن له محل اقامة ثابت ومعروف في المملكة , 4- في جنح السرقة والغصب والتعدي الشديد , ومقاومة رجال السلطة العامة بالقوة او بالعنف , والقيادة للفحش , وانتهاك حرمة الاداب " .
ولا ينازع احد في ان هذا النص القانوني ينطبق على الجميع بغض النظر عما اذا كان المقبوض عليه عضو في مجلس الامة ام لا , لسبب بسيط يتمثل في ان الاصل في القواعد العامة هي انها قواعد عامة مجردة تنطبق على الجميع ما لم ترد استثناءات عليها .
وبهذه المناسبة , فان جريمة خرق حظر التجول – التي ثار الجدل بمناسبتها - هي جريمة جنحية يعاقب عليها بالحبس لمدة لا تزيد على سنة وفقا لما ورد في امري الدفاع الصادرين بتاريخ 20/3/2020 و25/3/2020 . وقد تم القبض فعلا عليهما ووقع صحيحا .
عود على بدء , نقول بان هدف المشرع الدستوري الوحيد من الشطر الثاني من المادة (86/1) من الدستور يتمثل في انه اذا ما تم القبض على عضو مجلس الامة المحترم متلبسا بجريمة جنائية – اي بجناية وفقا لراي محترم علما بان مفهوم الجريمة الجنائية سعة وضيقا محل جدل فقهي واسع - فان هذا التلبس يزيل الحصانة عنه , بمعنى ان الحصانة تصبح مرفوعة عنه بحكم الدستور ولا يحتاج الى رفعها من قبل المجلس الذي ينتمي اليه ,
والجدير بالذكر ان الحصانة تزول عن عضو مجلس الامة باحد اسباب ثلاثة , اولها : رفع الحصانة عنه بقرار صادر عن الاغلبية المطلقة من اعضاء المجلس الذي ينتمي اليه , ثانيها : بانتهاء مدة المجلس او انتهاء اجتماع المجلس , ثالثها : اذا وجد العضو متلبسا بجريمة جنائية اي بجناية كما اشرنا قبل لحظات - والسبب في ذلك ان مظنة الكيد والخطأ في حالة التلبس بالجناية ضعيفة الاحتمال , ولعله من نافلة القول , الاشارة الى ان القبض عليه متلبسا بجنحة هو امر جائز ولكنه لا يزيل الحصانه عنه , فالحصانة تزول في هذه الحالة بقرار صادر عن المجلس الذي ينتمي اليه بالاغلبية المطلقة , وبالمثل ايضا فإن الحصانة عنه لا تزول اذا ارتكب مخالفة حتى وان كانت مشهودة او متلبسا بها فجريمة المخالفة يمكن ان تكون مشهودة او متلبسا بها علما بانها ليست من الجرائم المنصوص عليها في المادة (99) من ذات القانون .
ولعله من نافلة القول الاشارة الى ان الجريمة المشهودة والمتلبس بها هما تعبيران متعددان لمعنى واحد .
وليس ادل على صدق ما نقول به بان المخالفة يمكن أن تكون مشهودة أو متلبسا بها , ما نصت عليه المادة (28/1) من قانون أصول المحاكمات الجزائية في قولها " الجرم المشهود هو الجرم الذي يشاهد حال ارتكابه او عند الانتهاء من ارتكابه " .
فالنص جاء مطلقا والمطلق يجري على إطلاقه ما لم يرد ما يقيده , علما بان النص لم يقيد الجرم بلزوم ان يكون له عقوبة , كون عقوبات هذه الجرائم قد وردت ضمن الفصل الاول من الباب الثاني من قانون العقوبات :
" في المادة (14) وما بعدها , حيث انقطعت المادة (14) لتحديد العقوبات الجنائية – أي للجنايات – , على النحو التالي : 1- الإعدام 2- الأشغال المؤبدة 3- الاعتقال المؤبد 4- الأشغال المؤقتة 5- الاعتقال المؤقت , أما العقوبات الجنحية فقد انقطعت لتحديدها المادة (15) من القانون ذاته على النحو التالي : 1- الحبس 2- الغرامة , بقي تحديد العقوبات التكديرية للمادة (16) على النحو التالي : 1- الحبس التكديري 2- الغرامة وقد تم تحديد المدد والقيم المالية للعقوبات السابقة في المادة (17) وما بعدها في القانون المنوه عنه أعلاه .
وعندما يعود الأمر إلى المجلس الكريم , فانه في نظرنا يملك سلطات واسعة بخصوص رفع الحصانة من عدمه , حيث يملك التطرق لبحث موضوع الدعوى او الشكوى الجزائية , وبحث فيما إذا كانت هذه الدعوى او الشكوى جادة ام كيدية والتصدي لتمحيص ادلة الاتهام , وفيما اذا كان الباعث على تحريكها هو الجرم الذي أتاه حقيقة أم الأفكار والأداء التي كان قد أبداها في المجلس أو في إحدى لجانه , فهي مهمة في نظرنا , شكلية وموضوعية , سياسية وجزائية , وهو نهج نسجله لمشرعنا الدستوري .
والله ولي التوفيق ...
الأستاذ الدكتور كامل السعيد
أول من حاز على جائزة الدولة التقديرية في العلوم القانونية
اول من حصل على رتبة الاستاذية في القانون الجزائي في المملكة
عميد كلية الحقوق في الجامعة الأردنية وعمان الأهلية سابقا
عضو محكمة التمييز سابقاً
وزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء والتشريعات سابقا
عضو المحكمة الدستورية سابقاً
ولا ينازع احد في ان هذا النص القانوني ينطبق على الجميع بغض النظر عما اذا كان المقبوض عليه عضو في مجلس الامة ام لا , لسبب بسيط يتمثل في ان الاصل في القواعد العامة هي انها قواعد عامة مجردة تنطبق على الجميع ما لم ترد استثناءات عليها .
وبهذه المناسبة , فان جريمة خرق حظر التجول – التي ثار الجدل بمناسبتها - هي جريمة جنحية يعاقب عليها بالحبس لمدة لا تزيد على سنة وفقا لما ورد في امري الدفاع الصادرين بتاريخ 20/3/2020 و25/3/2020 . وقد تم القبض فعلا عليهما ووقع صحيحا .
عود على بدء , نقول بان هدف المشرع الدستوري الوحيد من الشطر الثاني من المادة (86/1) من الدستور يتمثل في انه اذا ما تم القبض على عضو مجلس الامة المحترم متلبسا بجريمة جنائية – اي بجناية وفقا لراي محترم علما بان مفهوم الجريمة الجنائية سعة وضيقا محل جدل فقهي واسع - فان هذا التلبس يزيل الحصانة عنه , بمعنى ان الحصانة تصبح مرفوعة عنه بحكم الدستور ولا يحتاج الى رفعها من قبل المجلس الذي ينتمي اليه ,
والجدير بالذكر ان الحصانة تزول عن عضو مجلس الامة باحد اسباب ثلاثة , اولها : رفع الحصانة عنه بقرار صادر عن الاغلبية المطلقة من اعضاء المجلس الذي ينتمي اليه , ثانيها : بانتهاء مدة المجلس او انتهاء اجتماع المجلس , ثالثها : اذا وجد العضو متلبسا بجريمة جنائية اي بجناية كما اشرنا قبل لحظات - والسبب في ذلك ان مظنة الكيد والخطأ في حالة التلبس بالجناية ضعيفة الاحتمال , ولعله من نافلة القول , الاشارة الى ان القبض عليه متلبسا بجنحة هو امر جائز ولكنه لا يزيل الحصانه عنه , فالحصانة تزول في هذه الحالة بقرار صادر عن المجلس الذي ينتمي اليه بالاغلبية المطلقة , وبالمثل ايضا فإن الحصانة عنه لا تزول اذا ارتكب مخالفة حتى وان كانت مشهودة او متلبسا بها فجريمة المخالفة يمكن ان تكون مشهودة او متلبسا بها علما بانها ليست من الجرائم المنصوص عليها في المادة (99) من ذات القانون .
ولعله من نافلة القول الاشارة الى ان الجريمة المشهودة والمتلبس بها هما تعبيران متعددان لمعنى واحد .
وليس ادل على صدق ما نقول به بان المخالفة يمكن أن تكون مشهودة أو متلبسا بها , ما نصت عليه المادة (28/1) من قانون أصول المحاكمات الجزائية في قولها " الجرم المشهود هو الجرم الذي يشاهد حال ارتكابه او عند الانتهاء من ارتكابه " .
فالنص جاء مطلقا والمطلق يجري على إطلاقه ما لم يرد ما يقيده , علما بان النص لم يقيد الجرم بلزوم ان يكون له عقوبة , كون عقوبات هذه الجرائم قد وردت ضمن الفصل الاول من الباب الثاني من قانون العقوبات :
" في المادة (14) وما بعدها , حيث انقطعت المادة (14) لتحديد العقوبات الجنائية – أي للجنايات – , على النحو التالي : 1- الإعدام 2- الأشغال المؤبدة 3- الاعتقال المؤبد 4- الأشغال المؤقتة 5- الاعتقال المؤقت , أما العقوبات الجنحية فقد انقطعت لتحديدها المادة (15) من القانون ذاته على النحو التالي : 1- الحبس 2- الغرامة , بقي تحديد العقوبات التكديرية للمادة (16) على النحو التالي : 1- الحبس التكديري 2- الغرامة وقد تم تحديد المدد والقيم المالية للعقوبات السابقة في المادة (17) وما بعدها في القانون المنوه عنه أعلاه .
وعندما يعود الأمر إلى المجلس الكريم , فانه في نظرنا يملك سلطات واسعة بخصوص رفع الحصانة من عدمه , حيث يملك التطرق لبحث موضوع الدعوى او الشكوى الجزائية , وبحث فيما إذا كانت هذه الدعوى او الشكوى جادة ام كيدية والتصدي لتمحيص ادلة الاتهام , وفيما اذا كان الباعث على تحريكها هو الجرم الذي أتاه حقيقة أم الأفكار والأداء التي كان قد أبداها في المجلس أو في إحدى لجانه , فهي مهمة في نظرنا , شكلية وموضوعية , سياسية وجزائية , وهو نهج نسجله لمشرعنا الدستوري .
والله ولي التوفيق ...
الأستاذ الدكتور كامل السعيد
أول من حاز على جائزة الدولة التقديرية في العلوم القانونية
اول من حصل على رتبة الاستاذية في القانون الجزائي في المملكة
عميد كلية الحقوق في الجامعة الأردنية وعمان الأهلية سابقا
عضو محكمة التمييز سابقاً
وزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء والتشريعات سابقا
عضو المحكمة الدستورية سابقاً