الأداء الحكومي ما بعد أزمة كورونا
د. أنيس خصاونة
القبة نيوز- أداء حكومة الرزاز في أزمة وباء كورونا كان محط أنظار معظم الأردنيين بكافة شرائحهم، تماما مثلما كان محط أنظار العديد من دول العالم.إجراءات وقائية تقريبا جاءت في وقتها... تدرج في تطبيق القواعد التي تعمل على الحد من انتشار المرض...حملة إعلامية تثقيفية وتوعوية فاعلة...شفافية في الإفصاح عن المعلومات عن عدد الحالات المصابة...حزم في تطبيق القوانين على الجميع...موقف حضاري في التعامل مع من تم الحجر عليهم من الأردنيين القادمين من الخارج ،وجاهزية المستشفيات للتعامل مع الحالات المصابة والمتوقع إصابتها. بالتأكيد كان هناك ثغرات وهنات وأخطاء لكنها بالمقارنة مع مجمل الأداء العام للإدارة الحكومية للأزمة لم تفسد الصورة الجميلة التي رسمتها الحكومة بقطاعاتها المختلفة في التعامل مع أزمة كورونا. في هذا السياق فإن أكاد أجزم بأنه لولا بعض السلوكيات الخاطئة لبعض المسؤولين لكان أداء حكومة الرزاز في هذه الأزمة هو الأفضل ليس عربيا ولكن ربما عالميا.
دولة ذات مصادر محدودة واقتصاد منهك تتخذ إجراءات صارمة ،وتتعامل بطرق إنسانية لائقة مع مواطنيها، وتسخر كافة إمكاناتها للحد من هذا الوباء في الوقت الذي تترنح فيه دول متقدمة ونامية لديها إمكانات هائلة جراء هذه الجائحة.
كاتب هذه السطور لم يعتد تملق الحكومات والمسؤولين ولكن المعطيات الموضوعية على الأرض تؤشر إلى أن الحكومة الأردنية كانت بقدر الحدث وبمستوى المسؤولية باستثناء البعض.
وفي الوقت الذي ربما لا تحتاج الحكومات إلى المديح فإن لدينا سؤالين هامين استفهاميين ربما نحتاج لإجابات وهما:إذا كانت الحكومة لديها مثل هذه الطاقات والقدرات لإبداعية في التعامل مع أزمات خطيرة وكبيرة مثل أزمة كورونا فيا ترى لماذا لم تبرز مثل هذه الطاقات والقدرات في التعامل مع أزمات كثيرة وسابقة في المملكة؟.
أزمات عديدة مرت بنا في الأردن مثل البطالة التي ارتفعت إلى مستويات قياسية،والفقر الذي تفشى مثل الكورونا في مناطق وجيوب كثيرة،وأزمة النقل والمواصلات والاختناقات المرورية، والمديونية والعجز في الموازنة،وتهالك البنية التحتية.. الخ ولم تفلح حكومات متعاقبة على التعامل بها.لماذا تبدع الحكومة في إدارة أزمة الكورونا ولم تبدع في إدارة كل من الأزمات السابقة باستثناء إدارة الملف الأمني أثناء فترة الربيع العربي حيث تمكن الأردن من المحافظة على أمنه واستقراره وسط براكين من الفوضى والثورات والحصار من كل الجهات.
أعتقد أن القاسم المشترك بين الأزمتين هو دخول القوات المسلحة والأجهزة الأمنية على الخط وتعاملها المتأني مع وقائع ومعطيات الأزمتين ،وإذا كان الأمر كذلك فهذا يعني أن الأردنيين موحدون في تعاملهم ومواقفهم الإيجابية المقدرة لدور القوات المسلحة والأجهزة الأمنية.
أما التساؤل الثاني وربما الأهم هنا هو هل ستبدع الحكومة في تعاملها بالأزمة الاقتصادية التي ستشكل تحدي للأردن بعد الانتهاء من أزمة كورونا؟ وهل ستتفتق أفكار وطاقات أعضاء الفريق الحكومي عن سبل للتعامل مع تداعيات كورونا في الشهور المقبلة؟. الأردن دولة مديونيتها 40 مليار ،وعجز موازنتها مزمن ،ولديها أكثر من مليون لاجئ ،وحدودها شرقا وشمالا ما زالت شبه مغلقة ،والمساعدات العربية شحيحة أن لم تكن جفت فكيف سيتعامل الفريق الحكومي مع خسائر اقتصادية نتيجة الأزمة بلغت لغاية اليوم 2700 مليون دينار!.كيف ستتعامل الحكومة مع إمكانية استغناء القطاع الخاص عن أكثر من ثلث الموارد البشرية العاملة فيه وذلك في إطار إجراءات لخفض التكاليف الجارية؟.معظم دول العالم لديها احتياطات مالية وإمكانات استخدمتها بضخ عشرات لا بل مئات المليارات في اقتصاداتها وذلك على شكل إعفاءات ضريبية ومساعدات نقدية وقروض وغيرها فكيف سنتمكن من ضخ أموال في اقتصادنا المنهك أصلا إذا كان هذه الأموال غير متوفرة؟.
مقدر للحكومة الأردنية أنها وضعت الجانب الصحي للمواطنين أولا ولم تقدم الجانب الاقتصادي مع أن دولة عظمى مثل الولايات المتحدة تقدم الاقتصاد على الصحة وهي على وشك فتح حدودها وتشغيل مصانعها في الوقت الذي ما زالت تسجل أعلى نسبة وفيات وإصابات في العالم .لكن ما زال ينتابنا القلق على وضعنا الاقتصادي المتردي أصلا والمرشح لمواجهة تحديات هائلة في الشهور القادمة.الأردن بحاجة ماسة وفوريه إلى 3-5 مليار دينار حتى يتمكن من الوقوف واستئناف دوران عجلته الاقتصادية فهل تتمكن الحكومة من الوصول لمثل هذه المليارات في الوقت الذي لم يعد بوسع الأردنيين تحمل أية ضرائب جديدة؟ التداعيات الاقتصادية الكبيرة لكورونا والخيارات الاقتصادية المحدودة أمام الحكومة تتطلب أفكار إبداعية للحكومة للخروج من أزمة اقتصادية نخالها كبيرة. نعتقد أن تدخل جلالة الملك واستثمار مكانته العربية والدولية للحصول على مساعدات نقدية عاجلة من أجل مواجهة تداعيات كورونا سيكون بالتأكيد مهما وأساسيا ولكنه يحتاج إلى إسناد داخلي بإجراءات اقتصادية لا تتسبب بأي أعباء ضريبية على المواطن، لا بل فإننا ندعو الحكومة إلى زيادة الإعفاءات الضريبة للشركات والأفراد وتخفيض الشرائح الضريبة التصاعدية على الاستثمارات،كما ندعو الحكومة إلى استغلال الأسعار المنخفضة للبترول وتكثيف الشراء الآجل للنفط عل ذلك يعوض قدرا من خسائرنا أثناء أزمة هذا الوباء الخبيث.أخيرا فإننا نأمل من الحكومة أن لا تأبه لدعوات من يدعون أنهم خبراء اقتصاديون بإعلان الأحكام العرفية في المرحلة القادمة من أجل ضبط عجلة الاقتصاد.التاريخ يخبرنا بأن الاقتصاد يترعرع مع الحرية، ومع الديمقراطية، ومع الشعور بالطمأنينة على رؤوس الأموال والاستثمارات والممتلكات، والثقة بالعدالة في المحاكم المدنية وليس مع الأحكام العرفية.قوانين الدفاع التي استخدمتها الحكومة في أزمة كورونا نجحت لأن الأردنيين تفهموها واعتبروها لأجلهم ولحمايتهم وساعد في ذلك تأكيد الملك على حماية الحريات للمواطنين.
استقبل المواطنين خروج الجيش بالفرح بدلا من الخوف لأنهم اعتبروا هذا الخروج لأجلهم وحماية لهم.الحكومة وإجراءاتها ونجاحها محل تقدير وتؤشر على توفر القدرة والطاقة لديها للإبداع فهل تبدع مرة أخرى في التعامل مع القادم من تداعيات ما بعد أزمة كورونا.سؤال نعتقد أن الأشهر القادمة ستحمل الإجابة عليه.
دولة ذات مصادر محدودة واقتصاد منهك تتخذ إجراءات صارمة ،وتتعامل بطرق إنسانية لائقة مع مواطنيها، وتسخر كافة إمكاناتها للحد من هذا الوباء في الوقت الذي تترنح فيه دول متقدمة ونامية لديها إمكانات هائلة جراء هذه الجائحة.
كاتب هذه السطور لم يعتد تملق الحكومات والمسؤولين ولكن المعطيات الموضوعية على الأرض تؤشر إلى أن الحكومة الأردنية كانت بقدر الحدث وبمستوى المسؤولية باستثناء البعض.
وفي الوقت الذي ربما لا تحتاج الحكومات إلى المديح فإن لدينا سؤالين هامين استفهاميين ربما نحتاج لإجابات وهما:إذا كانت الحكومة لديها مثل هذه الطاقات والقدرات لإبداعية في التعامل مع أزمات خطيرة وكبيرة مثل أزمة كورونا فيا ترى لماذا لم تبرز مثل هذه الطاقات والقدرات في التعامل مع أزمات كثيرة وسابقة في المملكة؟.
أزمات عديدة مرت بنا في الأردن مثل البطالة التي ارتفعت إلى مستويات قياسية،والفقر الذي تفشى مثل الكورونا في مناطق وجيوب كثيرة،وأزمة النقل والمواصلات والاختناقات المرورية، والمديونية والعجز في الموازنة،وتهالك البنية التحتية.. الخ ولم تفلح حكومات متعاقبة على التعامل بها.لماذا تبدع الحكومة في إدارة أزمة الكورونا ولم تبدع في إدارة كل من الأزمات السابقة باستثناء إدارة الملف الأمني أثناء فترة الربيع العربي حيث تمكن الأردن من المحافظة على أمنه واستقراره وسط براكين من الفوضى والثورات والحصار من كل الجهات.
أعتقد أن القاسم المشترك بين الأزمتين هو دخول القوات المسلحة والأجهزة الأمنية على الخط وتعاملها المتأني مع وقائع ومعطيات الأزمتين ،وإذا كان الأمر كذلك فهذا يعني أن الأردنيين موحدون في تعاملهم ومواقفهم الإيجابية المقدرة لدور القوات المسلحة والأجهزة الأمنية.
أما التساؤل الثاني وربما الأهم هنا هو هل ستبدع الحكومة في تعاملها بالأزمة الاقتصادية التي ستشكل تحدي للأردن بعد الانتهاء من أزمة كورونا؟ وهل ستتفتق أفكار وطاقات أعضاء الفريق الحكومي عن سبل للتعامل مع تداعيات كورونا في الشهور المقبلة؟. الأردن دولة مديونيتها 40 مليار ،وعجز موازنتها مزمن ،ولديها أكثر من مليون لاجئ ،وحدودها شرقا وشمالا ما زالت شبه مغلقة ،والمساعدات العربية شحيحة أن لم تكن جفت فكيف سيتعامل الفريق الحكومي مع خسائر اقتصادية نتيجة الأزمة بلغت لغاية اليوم 2700 مليون دينار!.كيف ستتعامل الحكومة مع إمكانية استغناء القطاع الخاص عن أكثر من ثلث الموارد البشرية العاملة فيه وذلك في إطار إجراءات لخفض التكاليف الجارية؟.معظم دول العالم لديها احتياطات مالية وإمكانات استخدمتها بضخ عشرات لا بل مئات المليارات في اقتصاداتها وذلك على شكل إعفاءات ضريبية ومساعدات نقدية وقروض وغيرها فكيف سنتمكن من ضخ أموال في اقتصادنا المنهك أصلا إذا كان هذه الأموال غير متوفرة؟.
مقدر للحكومة الأردنية أنها وضعت الجانب الصحي للمواطنين أولا ولم تقدم الجانب الاقتصادي مع أن دولة عظمى مثل الولايات المتحدة تقدم الاقتصاد على الصحة وهي على وشك فتح حدودها وتشغيل مصانعها في الوقت الذي ما زالت تسجل أعلى نسبة وفيات وإصابات في العالم .لكن ما زال ينتابنا القلق على وضعنا الاقتصادي المتردي أصلا والمرشح لمواجهة تحديات هائلة في الشهور القادمة.الأردن بحاجة ماسة وفوريه إلى 3-5 مليار دينار حتى يتمكن من الوقوف واستئناف دوران عجلته الاقتصادية فهل تتمكن الحكومة من الوصول لمثل هذه المليارات في الوقت الذي لم يعد بوسع الأردنيين تحمل أية ضرائب جديدة؟ التداعيات الاقتصادية الكبيرة لكورونا والخيارات الاقتصادية المحدودة أمام الحكومة تتطلب أفكار إبداعية للحكومة للخروج من أزمة اقتصادية نخالها كبيرة. نعتقد أن تدخل جلالة الملك واستثمار مكانته العربية والدولية للحصول على مساعدات نقدية عاجلة من أجل مواجهة تداعيات كورونا سيكون بالتأكيد مهما وأساسيا ولكنه يحتاج إلى إسناد داخلي بإجراءات اقتصادية لا تتسبب بأي أعباء ضريبية على المواطن، لا بل فإننا ندعو الحكومة إلى زيادة الإعفاءات الضريبة للشركات والأفراد وتخفيض الشرائح الضريبة التصاعدية على الاستثمارات،كما ندعو الحكومة إلى استغلال الأسعار المنخفضة للبترول وتكثيف الشراء الآجل للنفط عل ذلك يعوض قدرا من خسائرنا أثناء أزمة هذا الوباء الخبيث.أخيرا فإننا نأمل من الحكومة أن لا تأبه لدعوات من يدعون أنهم خبراء اقتصاديون بإعلان الأحكام العرفية في المرحلة القادمة من أجل ضبط عجلة الاقتصاد.التاريخ يخبرنا بأن الاقتصاد يترعرع مع الحرية، ومع الديمقراطية، ومع الشعور بالطمأنينة على رؤوس الأموال والاستثمارات والممتلكات، والثقة بالعدالة في المحاكم المدنية وليس مع الأحكام العرفية.قوانين الدفاع التي استخدمتها الحكومة في أزمة كورونا نجحت لأن الأردنيين تفهموها واعتبروها لأجلهم ولحمايتهم وساعد في ذلك تأكيد الملك على حماية الحريات للمواطنين.
استقبل المواطنين خروج الجيش بالفرح بدلا من الخوف لأنهم اعتبروا هذا الخروج لأجلهم وحماية لهم.الحكومة وإجراءاتها ونجاحها محل تقدير وتؤشر على توفر القدرة والطاقة لديها للإبداع فهل تبدع مرة أخرى في التعامل مع القادم من تداعيات ما بعد أزمة كورونا.سؤال نعتقد أن الأشهر القادمة ستحمل الإجابة عليه.