دولة الرئيس اسمح لي ان اختلف معكم
اللواء المتقاعد مروان العمد
دولة الرئيس عمر الرزاز بعد التحية:
منذ ان صدرت الإرادة الملكية السامية بتكليفكم بتشكيل الحكومة الاردنية خلفاً لحكومة دولة السيد هاني الملقي توسمت بكم خيرا وتوقعت منكم الكثير . ورغم ان الكثير مما توقعته لم يتحقق الا انني كثيراً ما وجدت لكم عذراً . وكعادتي كنت انتقد ما يستحق الانتقاد ولكني لم انضم يوماً الى جوقة المعارضين بالمطلق لكم ولا لماسحي الجوخ . وكنت احكم على كل حالة بحالها . وكنت ارى ان ما لكم قد يساوي ما عليكم وان كان هذا التصريح سوف يثير غضب الكثيرين علي .
ولكن وعندما داهمنا وباء الكورونا ومتابعتي لما قمتم به من إجراءات فقد وقفت في صفكم وصف فريقكم الوزاري لأني شعرت ان ما تقومون به هو في مصلحة الوطن . وقد كتبت بهذا الموضوع عدة مقالات أدافع فيها عن إجراءات حكومتكم وبنفس الوقت أضع أصبعي على نقاط الضعف والنقص راجياً استكمالها . وقلت في احدى مقالاتي وقبل تفعيل قانون الدفاع وقبل صدور قرار الدفاع الثاني بموجبه والمتضمن حظر التجول بأن على الحكومة الاستعداد لفرضية إلزام المواطنين بالبقاء في منازلهم وضرورة توفير وتوصيل مقومات الحياة اليهم في أماكن إقامتهم وربما فرض حالة منع التجول واتخاذ قرارات غير عادية وبصلاحيات غير عادية . وطالبت في مقال آخر بتفعيل قانون الدفاع حتى يكون عونا لكم في مواجهة هذا الوباء والقضاء عليه . وفعلاً فقد صدرت الإرادة الملكية السامية بتفعيل قانون الدفاع ثم بعدها صدر قرار حظر التجول وذلك في يوم الجمعة الموافق 20 / 3 / 2020 واعتباراً من صبيحة اليوم التالي وحصل ما حصل يومها من هرع على شراء المواد التموينية والخبز بالإضافة إلى الأدوية والمعقمات .
ورغم كل ذلك كان هناك ترحيب ورضى شعبي شبه كامل على إجراءاتكم تلك . وكنا نستمد من عزيمتكم وعزيمة فريقكم الوزاري قوة الاحتمال والتفهم لهذا القرار .
الا انه ومن اول أيام حظر التجول حصلت خروقات كثيرة له من قبل مواطنين لا يوجد لديهم أي احساس بالمسؤولية تم التعامل معهم حسب قانون الدفاع
وكان قرار الدفاع رقم 2 قد تضمن عند صدوره انه سوف يتاح للمواطنين الفرصة للتجول وقضاء حوائجهم وشراء مستلزماتهم لبضع ساعات يوم الثلاثاء الذي يليه وبترتيبات سوف يعلن عنها في حينها . ولكن بعد ما حصل في اليوم السابق لحظر التجول فقد اصبح هناك خشية ان يتكرر ذلك في هذا اليوم وربما اكثر منه ، ولذلك فقد طُرحت فكرة إيصال المواد الغذائية للمواطنين في منازلهم واهمها مادتي الخبز ومياه الشرب ، وهنا كثرت الآراء والاجتهادات حول آلية تنفيذ هذه العملية تدخل بها اصحاب الأهداف السياسية والحزبية والانتخابية وأصحاب المصالح التجارية والمنظرين وأصحاب الحلول الحالمة . كما ابدت كثيراً من الأطراف استعدادها للمساعدة من خلال فرق متطوعين . ولكن كل هذا كان يتطلب المزيد من تصاريح الحركة للأشخاص والسيارات وما يمكن ان يترتب على ذلك من استغلال البعض لهذه التصاريح لغايات شخصية وإفقاد قرار منع التجول من غاياته . ولهذا كان قراركم ان تتولى الدولة بأجهزتها المختلفة القيام بهذه العملية . وقد كان موقفي الشخصي مسانداً لموقفكم .
ولكن وللإسف في يوم التنفيذ ظهرت الكثير من العيوب بعضها في الإجراءات الحكومية وكثرة الطباخين والمتدخلين ، وبعضها نتيجة فقدان الوعي والالتزام بالتعليمات من قبل بعض المواطنين والذين خرجوا للشوارع كبارهم مع صغارهم ، رجالهم مع نسائهم ، وهرعوا على سيارات توزيع الخبز والماء بطريقة فوضوية وفي بعض الحالات مع استخدام العنف والفوضى وبصورة كارثية . وانتشرت مجموعة من الفيديوهات التي تبث هذه الحالات . وفي نفس الوقت انتشرت فيديوهات تظهر مواطنين يقفون في الشارع بطوابير طويلة مع ترك مسافات بين كل مواطن وآخر وبطريقة هادئة وكان كل واحد يأخد حصته من الخبز وينصرف . مع انه كان من المفروض ان لا يخرج للشارع لا تلك الجموع الفوضوية ولا هذه الجموع المنظمة وان يتم تسليم كل أسرة حصتها على باب منزلها من غير ان يغادر احدهم منزله إلى الشارع لكي لا يحصل اتصال أو تلامس بين المواطنين . وللأسف كانت هذه الظواهر في المدن الكبيرة والإمكان المكتظة بالسكان اكثر من المناطق الريفية والقرى والتي جرى بها التوزيع بكل هدوء ونظام .
وقد استغل كل من يناصبك العداء احداث هذا اليوم ليستلوا سيوفهم عليكم وعلى الإجراءات التي قمتم بها والذين كانوا ينتظرون اي هفوة منكم ليستخدموها ضدكم لان اكثر ما كانوا يخشونه هو نجاحكم في هذه المعركة مما قد يترتب عليه استمراركم في المنصب وربما لفترة قد تطول . ولذا شنوا حملاتهم على حكومتكم وإجراءاتها على شبكات التواصل الاجتماعي . ويبدوا ان احداث ذلك اليوم والصادرة من قبل بعض المواطنين الغير منضبطين وخشيتكم ان يتكرر ذلك وربما بشكل اكثر حدة وعنف ، وحملة التشكيك بإجراءاتكم السابقة جعلكم تصدرون تعليماتكم الجديدة والتي تتضمن السماح للمواطنين مابين سن السادسة عشر والستين بالخروج من منازلهم والذهاب الى المحال التجارية والافران في الاحياء سيرا على القدام والسماح بفتح جميع هذه المحال بالاضافة للمخابز والصيدليات ابوابها والبيع المباشر للمواطنين ما بين الساعة العاشرة صباحاً وحتى السادسة مساءاً ضمن تعليمات محددة مثل عدم استخدام السيارات وعدم التزاحم على أبواب المحلات وترك مسافة ما بين المواطن والمواطن وعدم تواجد اعدد كبيرة من المواطنين داخل المحال التجارية وان يتحمل صاحب المحل عقوبة مخالفة ذلك بإغلاق محله وعدم السماح له بأعادة فتحه . مع ضرورة استعمال المواطنين وسائل الوقاية من كمامات وكفوف ومواد معقمة . مع حجز السيارات التي تتجول دون ان تكون حاصلة على تصاريح بذلك .
وقد هلل الكثيرون لهذه الإجراءات فيما اعتبرها البعض رجوعاً إلى الخلف وأنها سوف تساهم في انتشار الوباء مقابل حصول المواطنين على الغذاء وان المواطنين لن يلتزموا بها وحتى وان التزموا فأن السماح للمواطنين بالخروج للشارع امر خطير جدا .
لقد اتبعت الكثير من الدول المتقدمة والغنية مثل إيطاليا وفرنسا وألمانيا وأسبانيا وبريطانيا والسويد والدنمارك والنرويج هذا الأسلوب معتمدين على وعي شعوبهم مقدمين العامل الاقتصادي على أي شيئ غيره . ولذا طلب مسؤوليهم من مواطنيهم التزام منازلهم من غير منع التجول مع ترك المحال التجارية في الأحياء وخاصة التموينية مفتوحة . ووضعوا تعليمات للتعامل مع هذه المحال مثل الوقوف على الدور وبمسافات محددة بين كل شخص وآخر وعدم الدخول الى داخل المحال الا لعدد محدود من الأشخاص . الا ان ذلك لم يكن مجدياً وقد ادى إلى زيادة الوباء في بلدانهم إلى درجة كارثية ووصول حالات الإصابة إلى عشرات الآلاف والقتلى الى عدة آلاف ، وانهار اقتصادهم ونظامهم الصحي بالكامل . ولم تجد بعض هذه الدول حلاً لها الا الاقتداء بالتجربة الاردنية الا وهي حظر التجول الكامل . وها هي إيطاليا قد طبقت ذلك اليوم وسوف تقوم بقية الدول الأوروبية بتطبيقه في القريب العاجل . كما ان الكثير من الدول أخذت تعتمد هذا الأسلوب في حين اننا من اول تجربة خاطئة قمنا بالتراجع عن قسم كبير منه .
وقد كان يوم الامس اول يوم في التجربة الجديدة ، حيث حاولت اجهزة الإعلام الرسمي ان تنقل لنا صورة زاهية عنه في حين غابت الكاميرات عن المناطق الشعبية وما يجري بها والذي كان اشد هولاً مما جرى يوم توزيع الخبز . حتى في المناطق غير الشعبية والتي ابدت قدراً من الالتزام بالتعليمات فقد شهدت الكثير من التجاوزات . ولا ادل على ذلك من عدد السيارات التي تم حجزها في ذلك اليوم نتيجة قيام أصحابها بالتجوال فيها خلافاً للتعليمات والذي بلغ عددها ما يقرب من 1500 سيارة . ويبدوا أنه هذا العدد هو الذي تم ظبطه بالشوارع الرئيسية فيما ان الشوارع الداخلية والفرعية وبين الأحياء قد شهدت حركة سيارات كثيفة بأعداد تفوق عشرات الآلاف . كما ان الكثيرين من المتسوقين كانوا يصطحبون أطفالهم معهم لمساعدتهم بحمل مشترياتهم . ناهيك عن الزيارات العائلية وتفقد الأحباب والأصحاب والجيران .
دولة الرئيس ان الاعتماد على وعي المواطن وانضباطه الطوعي هو رهان خاسر . وبنفس الوقت ان حبس المواطن في منزله لفترة طويلة دون تزويده بالحد الأدنى من مستلزماته الحياتية هو أجراء فاشل .
دولة الرئيس اناشدكم العودة للطريق الصحيح وفرض منع تجول كامل مع خطة محكمة لتوزيع المواد التموينية تعالج الثغرات التي حصلت وتطبيق ذلك بكل دقة وشدة اذا تطلب الامر ذلك . وان تشمل التسهيلات العاملين في المزارع حتى يتم تزويد المدن بمنتوجاتهم وعدم تلفها قبل أوانها نتيجة عدم رعايتها وسقايتها ، والسرعة في العمل بالتطبيقات الذكية وخدمات التوصيل إلى المنازل . ولا تستمع لمن يقول لكم غير ذلك فهم بالنتيجة ومها كانت النتائج سوف يلقون المسؤولية عليكم وعليكم وحدكم . فلتكن رجل المرحلة مهما كانت عواقبها واتخذ قراراتكم التي تؤمن السلامة للمواطنين ولو بالحد الأدنى .
دولة الرئيس نحن لا نواجه حرباً مع عدو خارجي ولا فتنة داخلية تستوجب فرض حظراً للتجول يمكن رفعه لبضع ساعات بين الحين والآخر ، ولكننا نواجه عدواً خفياً غير ظاهر يمكنه ان يتسلل الى اجسادنا في أي لحظة . وهو لا ينتشر الا عن طريق اختلاط الناس ببعضها . ان الطريقة الوحيدة للحد من خطره هو عزل الناس عن بعضهم وإلزامهم ولو بالقوة البقاء في منازلهم . ان هذا الفيروس لا يعيش الا داخل اجسادنا ولا يدخلها الا من خلال اجساد الآخرين المصابين به . البقاء في المنازل هو الأسلوب الوحيد الذي يمنعه من اختراق اجسادنا .
دولة الرئيس ان أبناؤنا واخواننا الذين يعملون في المستشفيات لمعالجة المصابين ورعايتهم من هذا الوباء معرضين أنفسهم وربما أفراد عائلاتهم للخطر قد يكونوا قادرين حالياً على القيام بهذا العمل ، ولكن إذا عم الوباء وزاد انتشاره فلن يمكنهم ان يفعلوا ذلك . كما ان مستشفياتنا وإمكانياتنا لن تتحمل ذلك . قد تكون كلفة حظر التجول عالية ولكن كلفة انتشار هذا الوباء ستكون اعلى .
دولة الرئيس ان أبناؤنا واخواننا من تشكيلات القوات المسلحة وأجهزتنا الأمنية يقومون بعمل عظيم فلا تزيد عليهم مهمة مطاردة المخالفين للقرارات والتعليمات وربما تعرضهم هم للعدوى نتيجة ذلك وما سيترتب عليه من انتشار هذا الوباء بين تشكيلاتهم وعائلاتهم .
دولة الرئيس أن أبناؤنا واخواننا العاملين في مختلف اجهزة الدولة الذين تقتضي طبيعة عملهم التواجد في مكاتبهم أو في الميدان يقومون بتقديم الخدمات العامة للمواطنين معرضين أنفسهم لكل المخاطر فلا تزيد عليهم هذه المخاطر .
دولة الرئيس موقعكم ومسؤولياتكم تتطلب اليوم اتخاذ قرارات صعبة ولكنها ضرورية ، عليكم ان تسدوا أذنيكم عن سماع ما ينظر به المنظرين حاملي الهواتف أو اصحاب الأجندات الخاصة أو تجار الكوارث والأزمات .
دولة الرئيس الوقت ضيق وقد ينفذ ان لم يكن قد نفذ فاتخذ قراركم الصائب وتوكل على الله ووفقكم الله انتم وجميع فريقكم الوزاري وجميع العاملين في الميدان وحمى الله الاردن وأزال هذا الوباء عن البشر اجمعين
منذ ان صدرت الإرادة الملكية السامية بتكليفكم بتشكيل الحكومة الاردنية خلفاً لحكومة دولة السيد هاني الملقي توسمت بكم خيرا وتوقعت منكم الكثير . ورغم ان الكثير مما توقعته لم يتحقق الا انني كثيراً ما وجدت لكم عذراً . وكعادتي كنت انتقد ما يستحق الانتقاد ولكني لم انضم يوماً الى جوقة المعارضين بالمطلق لكم ولا لماسحي الجوخ . وكنت احكم على كل حالة بحالها . وكنت ارى ان ما لكم قد يساوي ما عليكم وان كان هذا التصريح سوف يثير غضب الكثيرين علي .
ولكن وعندما داهمنا وباء الكورونا ومتابعتي لما قمتم به من إجراءات فقد وقفت في صفكم وصف فريقكم الوزاري لأني شعرت ان ما تقومون به هو في مصلحة الوطن . وقد كتبت بهذا الموضوع عدة مقالات أدافع فيها عن إجراءات حكومتكم وبنفس الوقت أضع أصبعي على نقاط الضعف والنقص راجياً استكمالها . وقلت في احدى مقالاتي وقبل تفعيل قانون الدفاع وقبل صدور قرار الدفاع الثاني بموجبه والمتضمن حظر التجول بأن على الحكومة الاستعداد لفرضية إلزام المواطنين بالبقاء في منازلهم وضرورة توفير وتوصيل مقومات الحياة اليهم في أماكن إقامتهم وربما فرض حالة منع التجول واتخاذ قرارات غير عادية وبصلاحيات غير عادية . وطالبت في مقال آخر بتفعيل قانون الدفاع حتى يكون عونا لكم في مواجهة هذا الوباء والقضاء عليه . وفعلاً فقد صدرت الإرادة الملكية السامية بتفعيل قانون الدفاع ثم بعدها صدر قرار حظر التجول وذلك في يوم الجمعة الموافق 20 / 3 / 2020 واعتباراً من صبيحة اليوم التالي وحصل ما حصل يومها من هرع على شراء المواد التموينية والخبز بالإضافة إلى الأدوية والمعقمات .
ورغم كل ذلك كان هناك ترحيب ورضى شعبي شبه كامل على إجراءاتكم تلك . وكنا نستمد من عزيمتكم وعزيمة فريقكم الوزاري قوة الاحتمال والتفهم لهذا القرار .
الا انه ومن اول أيام حظر التجول حصلت خروقات كثيرة له من قبل مواطنين لا يوجد لديهم أي احساس بالمسؤولية تم التعامل معهم حسب قانون الدفاع
وكان قرار الدفاع رقم 2 قد تضمن عند صدوره انه سوف يتاح للمواطنين الفرصة للتجول وقضاء حوائجهم وشراء مستلزماتهم لبضع ساعات يوم الثلاثاء الذي يليه وبترتيبات سوف يعلن عنها في حينها . ولكن بعد ما حصل في اليوم السابق لحظر التجول فقد اصبح هناك خشية ان يتكرر ذلك في هذا اليوم وربما اكثر منه ، ولذلك فقد طُرحت فكرة إيصال المواد الغذائية للمواطنين في منازلهم واهمها مادتي الخبز ومياه الشرب ، وهنا كثرت الآراء والاجتهادات حول آلية تنفيذ هذه العملية تدخل بها اصحاب الأهداف السياسية والحزبية والانتخابية وأصحاب المصالح التجارية والمنظرين وأصحاب الحلول الحالمة . كما ابدت كثيراً من الأطراف استعدادها للمساعدة من خلال فرق متطوعين . ولكن كل هذا كان يتطلب المزيد من تصاريح الحركة للأشخاص والسيارات وما يمكن ان يترتب على ذلك من استغلال البعض لهذه التصاريح لغايات شخصية وإفقاد قرار منع التجول من غاياته . ولهذا كان قراركم ان تتولى الدولة بأجهزتها المختلفة القيام بهذه العملية . وقد كان موقفي الشخصي مسانداً لموقفكم .
ولكن وللإسف في يوم التنفيذ ظهرت الكثير من العيوب بعضها في الإجراءات الحكومية وكثرة الطباخين والمتدخلين ، وبعضها نتيجة فقدان الوعي والالتزام بالتعليمات من قبل بعض المواطنين والذين خرجوا للشوارع كبارهم مع صغارهم ، رجالهم مع نسائهم ، وهرعوا على سيارات توزيع الخبز والماء بطريقة فوضوية وفي بعض الحالات مع استخدام العنف والفوضى وبصورة كارثية . وانتشرت مجموعة من الفيديوهات التي تبث هذه الحالات . وفي نفس الوقت انتشرت فيديوهات تظهر مواطنين يقفون في الشارع بطوابير طويلة مع ترك مسافات بين كل مواطن وآخر وبطريقة هادئة وكان كل واحد يأخد حصته من الخبز وينصرف . مع انه كان من المفروض ان لا يخرج للشارع لا تلك الجموع الفوضوية ولا هذه الجموع المنظمة وان يتم تسليم كل أسرة حصتها على باب منزلها من غير ان يغادر احدهم منزله إلى الشارع لكي لا يحصل اتصال أو تلامس بين المواطنين . وللأسف كانت هذه الظواهر في المدن الكبيرة والإمكان المكتظة بالسكان اكثر من المناطق الريفية والقرى والتي جرى بها التوزيع بكل هدوء ونظام .
وقد استغل كل من يناصبك العداء احداث هذا اليوم ليستلوا سيوفهم عليكم وعلى الإجراءات التي قمتم بها والذين كانوا ينتظرون اي هفوة منكم ليستخدموها ضدكم لان اكثر ما كانوا يخشونه هو نجاحكم في هذه المعركة مما قد يترتب عليه استمراركم في المنصب وربما لفترة قد تطول . ولذا شنوا حملاتهم على حكومتكم وإجراءاتها على شبكات التواصل الاجتماعي . ويبدوا ان احداث ذلك اليوم والصادرة من قبل بعض المواطنين الغير منضبطين وخشيتكم ان يتكرر ذلك وربما بشكل اكثر حدة وعنف ، وحملة التشكيك بإجراءاتكم السابقة جعلكم تصدرون تعليماتكم الجديدة والتي تتضمن السماح للمواطنين مابين سن السادسة عشر والستين بالخروج من منازلهم والذهاب الى المحال التجارية والافران في الاحياء سيرا على القدام والسماح بفتح جميع هذه المحال بالاضافة للمخابز والصيدليات ابوابها والبيع المباشر للمواطنين ما بين الساعة العاشرة صباحاً وحتى السادسة مساءاً ضمن تعليمات محددة مثل عدم استخدام السيارات وعدم التزاحم على أبواب المحلات وترك مسافة ما بين المواطن والمواطن وعدم تواجد اعدد كبيرة من المواطنين داخل المحال التجارية وان يتحمل صاحب المحل عقوبة مخالفة ذلك بإغلاق محله وعدم السماح له بأعادة فتحه . مع ضرورة استعمال المواطنين وسائل الوقاية من كمامات وكفوف ومواد معقمة . مع حجز السيارات التي تتجول دون ان تكون حاصلة على تصاريح بذلك .
وقد هلل الكثيرون لهذه الإجراءات فيما اعتبرها البعض رجوعاً إلى الخلف وأنها سوف تساهم في انتشار الوباء مقابل حصول المواطنين على الغذاء وان المواطنين لن يلتزموا بها وحتى وان التزموا فأن السماح للمواطنين بالخروج للشارع امر خطير جدا .
لقد اتبعت الكثير من الدول المتقدمة والغنية مثل إيطاليا وفرنسا وألمانيا وأسبانيا وبريطانيا والسويد والدنمارك والنرويج هذا الأسلوب معتمدين على وعي شعوبهم مقدمين العامل الاقتصادي على أي شيئ غيره . ولذا طلب مسؤوليهم من مواطنيهم التزام منازلهم من غير منع التجول مع ترك المحال التجارية في الأحياء وخاصة التموينية مفتوحة . ووضعوا تعليمات للتعامل مع هذه المحال مثل الوقوف على الدور وبمسافات محددة بين كل شخص وآخر وعدم الدخول الى داخل المحال الا لعدد محدود من الأشخاص . الا ان ذلك لم يكن مجدياً وقد ادى إلى زيادة الوباء في بلدانهم إلى درجة كارثية ووصول حالات الإصابة إلى عشرات الآلاف والقتلى الى عدة آلاف ، وانهار اقتصادهم ونظامهم الصحي بالكامل . ولم تجد بعض هذه الدول حلاً لها الا الاقتداء بالتجربة الاردنية الا وهي حظر التجول الكامل . وها هي إيطاليا قد طبقت ذلك اليوم وسوف تقوم بقية الدول الأوروبية بتطبيقه في القريب العاجل . كما ان الكثير من الدول أخذت تعتمد هذا الأسلوب في حين اننا من اول تجربة خاطئة قمنا بالتراجع عن قسم كبير منه .
وقد كان يوم الامس اول يوم في التجربة الجديدة ، حيث حاولت اجهزة الإعلام الرسمي ان تنقل لنا صورة زاهية عنه في حين غابت الكاميرات عن المناطق الشعبية وما يجري بها والذي كان اشد هولاً مما جرى يوم توزيع الخبز . حتى في المناطق غير الشعبية والتي ابدت قدراً من الالتزام بالتعليمات فقد شهدت الكثير من التجاوزات . ولا ادل على ذلك من عدد السيارات التي تم حجزها في ذلك اليوم نتيجة قيام أصحابها بالتجوال فيها خلافاً للتعليمات والذي بلغ عددها ما يقرب من 1500 سيارة . ويبدوا أنه هذا العدد هو الذي تم ظبطه بالشوارع الرئيسية فيما ان الشوارع الداخلية والفرعية وبين الأحياء قد شهدت حركة سيارات كثيفة بأعداد تفوق عشرات الآلاف . كما ان الكثيرين من المتسوقين كانوا يصطحبون أطفالهم معهم لمساعدتهم بحمل مشترياتهم . ناهيك عن الزيارات العائلية وتفقد الأحباب والأصحاب والجيران .
دولة الرئيس ان الاعتماد على وعي المواطن وانضباطه الطوعي هو رهان خاسر . وبنفس الوقت ان حبس المواطن في منزله لفترة طويلة دون تزويده بالحد الأدنى من مستلزماته الحياتية هو أجراء فاشل .
دولة الرئيس اناشدكم العودة للطريق الصحيح وفرض منع تجول كامل مع خطة محكمة لتوزيع المواد التموينية تعالج الثغرات التي حصلت وتطبيق ذلك بكل دقة وشدة اذا تطلب الامر ذلك . وان تشمل التسهيلات العاملين في المزارع حتى يتم تزويد المدن بمنتوجاتهم وعدم تلفها قبل أوانها نتيجة عدم رعايتها وسقايتها ، والسرعة في العمل بالتطبيقات الذكية وخدمات التوصيل إلى المنازل . ولا تستمع لمن يقول لكم غير ذلك فهم بالنتيجة ومها كانت النتائج سوف يلقون المسؤولية عليكم وعليكم وحدكم . فلتكن رجل المرحلة مهما كانت عواقبها واتخذ قراراتكم التي تؤمن السلامة للمواطنين ولو بالحد الأدنى .
دولة الرئيس نحن لا نواجه حرباً مع عدو خارجي ولا فتنة داخلية تستوجب فرض حظراً للتجول يمكن رفعه لبضع ساعات بين الحين والآخر ، ولكننا نواجه عدواً خفياً غير ظاهر يمكنه ان يتسلل الى اجسادنا في أي لحظة . وهو لا ينتشر الا عن طريق اختلاط الناس ببعضها . ان الطريقة الوحيدة للحد من خطره هو عزل الناس عن بعضهم وإلزامهم ولو بالقوة البقاء في منازلهم . ان هذا الفيروس لا يعيش الا داخل اجسادنا ولا يدخلها الا من خلال اجساد الآخرين المصابين به . البقاء في المنازل هو الأسلوب الوحيد الذي يمنعه من اختراق اجسادنا .
دولة الرئيس ان أبناؤنا واخواننا الذين يعملون في المستشفيات لمعالجة المصابين ورعايتهم من هذا الوباء معرضين أنفسهم وربما أفراد عائلاتهم للخطر قد يكونوا قادرين حالياً على القيام بهذا العمل ، ولكن إذا عم الوباء وزاد انتشاره فلن يمكنهم ان يفعلوا ذلك . كما ان مستشفياتنا وإمكانياتنا لن تتحمل ذلك . قد تكون كلفة حظر التجول عالية ولكن كلفة انتشار هذا الوباء ستكون اعلى .
دولة الرئيس ان أبناؤنا واخواننا من تشكيلات القوات المسلحة وأجهزتنا الأمنية يقومون بعمل عظيم فلا تزيد عليهم مهمة مطاردة المخالفين للقرارات والتعليمات وربما تعرضهم هم للعدوى نتيجة ذلك وما سيترتب عليه من انتشار هذا الوباء بين تشكيلاتهم وعائلاتهم .
دولة الرئيس أن أبناؤنا واخواننا العاملين في مختلف اجهزة الدولة الذين تقتضي طبيعة عملهم التواجد في مكاتبهم أو في الميدان يقومون بتقديم الخدمات العامة للمواطنين معرضين أنفسهم لكل المخاطر فلا تزيد عليهم هذه المخاطر .
دولة الرئيس موقعكم ومسؤولياتكم تتطلب اليوم اتخاذ قرارات صعبة ولكنها ضرورية ، عليكم ان تسدوا أذنيكم عن سماع ما ينظر به المنظرين حاملي الهواتف أو اصحاب الأجندات الخاصة أو تجار الكوارث والأزمات .
دولة الرئيس الوقت ضيق وقد ينفذ ان لم يكن قد نفذ فاتخذ قراركم الصائب وتوكل على الله ووفقكم الله انتم وجميع فريقكم الوزاري وجميع العاملين في الميدان وحمى الله الاردن وأزال هذا الوباء عن البشر اجمعين