facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

كيد النسوان

كيد النسوان
الدكتورة عصمت حوسو- رئيسة مركز الجندر للاستشارات النسوية والاجتماعية للتدريب 

القبة نيوز- المكر والحیلة والخداع والكید والغیرة التي تتمتع بھ بعض (النسوان)، یفوق ضرره ”الوسواس الخنّاس" ً خطرا؛ ّلأن ّ طاقتھن مھدورة في التخطیط والتدبیر وتصیّد الأخطاء لإیذاء من ّھن أفضل شأنًا، وأرفع ً قدرا، وأعلى ّ منھن منزلة في البلاد وبین العباد، فلولا شعور تلك النسوة في (الدونیة) المرضیة، وعدم ّ استطاعتھن الوصول لما وصلن إلیھ تلك – النساء الحقیقیات لا النسوان – لما َ قمن بحملات القصف والتشویھ والإیذاء واغتیال الشخصیة واختلاق الأكاذیب وتحریف الحقائق حول من یشعرن ّ اتجاھھن في الغیرة المفرطة.
 

العداوة (الجلیّة) المعلنة لتلك النوعیة من النسوة لا تُخیف إطلاق،لأن جاھزیة ّ الصد ّ لإیذائھن والوقایة العداوة (الجلیّة) المعلنة لتلك النوعیة من النسوة لا تُخیف إطلاقً ا، وما یؤلم في ذات الوقت عندما تكون منھا تكون حاضرة وفي حالة ّ تأھب دائم، ولكن ما یؤذي حقً العداوة (خفیّة)، وتأتي الطعنة من الظھر ممن كنا نعتقد ّ أنھن أقرب الناس إلینا؛ فالإیذاء ھنا ّ أشد وقعًا على النفس وأكثر ً إیلاما؛ لأنھ یأتي من مسافة قریبة ًجدا ً وجدا، ّ ولأن الصدمة تكون أكثر وجعًا من السلوك المؤذي نفسھ.

ولا یوجد تفسیر لذلك السلوك البغیض سوى (الأنانیة) المطلقة، بالإضافة إلى الحقد والحسد والغیرة الشدیدة، والرغبة في الشھرة على ظھور الناجحات، ومثل تلك التصرفات لا یمكن تفسیرھا أو تبریرھا من ناحیة (منطقیة) على الإطلاق؛ لأنھا لا ّ تنم إلاّ عن ٍ نفس مریضة ّ مشوھة ُومتخمة في ّ الشر، وترفض أن ترى (السعادة) تغمر من حولھا، كما ترفض ّ لھن التقدم والنجاح والشھرة، فتبقى تلك الفئة من ”النسوان" أسیرة في عالم أسود مليء بالأنانیة المقیتة، ّ وحب الذات المفرط ّحد المرض، وتكمن خطورة ذلك أحیانًا عندما ّ یتم تغطیة الشرور بغلاف الدین ُ الم ّ فصل على ّ أھوائھن ّ وأمزجتھن وبما یخدم ّ مصالحھن فقط.

هذه ظاھرة قدیمة ّ متجددة واعتدنا على وجودھا عند تلك الفئة، ولكن ما یحدث على أرض الواقع حالیًا ینسف كل جھود من ّیدعون (حقوق المرأة)، ومن ّ یغردن ”صوریًا" في مصطلحات ّبراقة مثل (تمكین المرأة)، فتلك النظریات لا تخرج عن إطار الحبر على (الورق) والتظاھر بذلك أمام الإعلام؛ لأنھ ببساطة شدیدة لا ّ تحرك تلك المؤسسات والعاملات فیھا ساكنًا عند ّ تعرض ّ أي امرأة ناجحة لاغتیال الشخصیة والتشریح، وفصلھا من العمل ًمثلا، فكیف ً أیضا إن كان الاغتیال والتھمیش من اللواتي یعملن في ھذا المجال ّ أنفسھن، ّ وھن َ یجاھرن في موضوع الحقوق ً لیلا ً نھارا؟!

ھنا الكارثة الحقیقیة ً فعلا، والتي جعلت المرأة تراوح مكانھا رغم كل الجھود؛ ویعود السبب في ذلك إلى الخوف على المصالح الشخصیة والمناصب الذاتیة، فتختفي تلك النسوة عند ّ أي حدث أو مصیبة تنال ّ إحداھن، ولا تؤازر لو حتى بكلمة أو تعلیق على وسائط (التناحر الاجتماعي)، ویكتفین بالصمت أو ربما المؤازرة بشكل ّسري، وقد ّ یتحججن كالعادة بعدم ّ علمھن بما جرى ویجري !!! والأسوأ من ذلك عندما لا َ تتوان ” ّ بعضھن" عن المشاركة في الإیذاء كذلك، إن كان ھناك أحقاد شخصیة حان وقت تصفیتھا، وجاءت الفرصة جاھزة على طبق من ذھب وضعھ المجتمع ّ أمامھن للأسف الشدید.

وعلیھ، ّ فإن مقولة ”المرأة ضد المرأة" لن ِ تختف في ّظل ما یحدث الیوم، بل على العكس، لقد زاد شیوعھا فعلیًا لا ً لغوا، على الرغم من ازدیاد العمل في ھذا الحقل من قبل الحقوقیات ومؤسسات المرأة.

الصورة النمطیة لسمة (الكید) وربطھا بالمرأة لا ِ ینف ً أبدا وجودھا عند الرجال كذلك، ّ لعل الواقع خیر شاھد على ذلك، وفي كل الأحوال ھي صفة مذمومة ورذیلة لا تلیق بالإنسان، سواء كان ً رجلا أم امرأة، وعلى الصعیدین الفردي والمجتمعي على ّحد سواء. 

وھو المشھد المضحك المبكي ً فعلا لمكر الإنسان ّضد الإنسان، وللسلوكیات المشینة من قبل أعداء النجاح، في تقزیم الآخر واختزالھ، وانشغالھ في اغتیالھ، ونحن نعیش في ّظل ظواھر عالمیة خطیرة، وأحداث سیاسیة مریرة، ّ تھدد الوجود للإنسان ّ وتسھل ضیاع الأوطان.. 

لذلك ّ نكرر كما نقول ً دوما، لا یمكن أن نبني الإنسان والأوطان، ونتطور على جمیع الصعد، ولا سیما الجانب الحقوقي منھا، إلاّ من خلال (التمكین) الداخلي ”النفسي" ً أولا قبل النجاح في التمكین الخارجي ”الاجتماعي"؛ ّلأن التصالح مع الذات ومع الآخر ھو فقط ما یخلق السلام الداخلي والخارجي، ویحقق الأمن والأمان الإنساني.. ً 

وأخیرا أنھي ھذا المقال بأمنیة یبدو أنھا مستحیلة، في العودة المحمودة للإنسان العربي بشكل عام، وللمرأة بشكل خاص، في بوتقة الوحدة والدعم والتعاطف، والأھم ((الرحمة))، فارحموا من في الأرض، ولا ّ تقزموا الآخر وتشرحوه على غلطة، صغیرة كانت أم كبیرة، حتى یرحمكم من في السماء..

 وحتى ذلك الحین سیبقى قلمنا ً نابضا في وصف الظواھر الإنسانیة المرضیة، النفسیة منھا والمجتمعیة على ّحد سواء... دمتم....


تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )