facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

الثالثة فجرا إلا عمان!

الثالثة فجرا إلا عمان!
لارا مصطفى صالح

 

القبة نيوز- لم أستطع النوم الليلة الماضية، ويبدو أني لن أفعل هذه الليلة أيضا. ثمة موجات نزقة من الأفكار غمرت خلايا عقلي وقلبي على حد سواء. لم يكن باب الخيال الذي فتحته لنا سنة 2020 على مصراعيه من بدايتها ولا أخبار العالم الكئيبة ولا هذي البلاد الموحشة ولا أعمدة العلاقات التي غطاها الصدأ ولا ذلك الألم الأصم الذي أصاب نصف رأسي ولم يكن حتى فايروس كورونا الخبيث وراء أرق نومي. بل الجزع أن صباح يوم آخر سينبلج وما يزال الله يسمح بكل هذا السواد الذي أخشى أن يحمل ولديّ وزره ووزر خيباتي معه. وأخشى أن أصاب بالعمى!

الكرة الأرضية التي تحملني وتحمل 7.6 مليار ساكن غيري، تحوم بي منذ 44 عاما مخلفة الشمس في الغرب، ويأتي الظلام، ثم الصباح ويمضي العمر مع الوقت. تشير الساعة إلى وقت مفروض ..إنها الثالثة فجرا بتوقيت دبي، لكني مضطرة أن أؤخرها ساعتين حتى أقول (لو أني في عمّان الآن)! الثالثة فجرا إلا عمان.. ما السرّ وراء عشقي الجنوني لعمّان؟ في الحقيقة لا أعرف! ما أعرفه أن ما يربطني فيها أكثر جمالا من سرّ!

أتجول في أرجاء المنزل بذرائع واهية. رائحة القهوة المنتشرة في المطبخ تداعب مجسات عقلي المشتت. صنعت فنجانا، وعاودت التجوال في المنزل، لكن شرفة غرفة المعيشة تروق لي أكثر من غيرها. الظلام دامس، والنجوم توارت خلف الغيوم. الطقس أكثر كآبة من الشتاء.

زقزقة عصفور حائر بين الأشجار أربكه نعيق مباغت لغرابين خانهما دهاء الغربان فأضاعا فريسة سهلة أثناء ممارسة الحب. حتى الغربان لديها فسحة للحب!

أتابع مسلسلي (طريق) و(ناركوس)، أعشق شخصية جابر وأتعاطف بشدة مع بابلو اسكوبار. ثمة قول أثير من أقوال صاحب (الغريب) ألبير كامو أتذكره الآن: "إنني لا أؤمن بشيء.كل شيء عبث".

أبحث في يوتيوب عن أغنية وديع الصافي (ويلي لو يدرون)، فتتعثر بي أغنية ارتكبت إثم تصديقها ذات يوم: (بلاد العرب أوطاني). هذا ما تقوله كلمات الأغنية، أما أنا فلا أريدها كلها، ولا بعضها، إنما أريد وطنا لا شكل له، أبتغي وطنا خاليا من لعنة الخرافات وسطوة الرموز. قويا وجامحا مع ذلك لا يقول لي "حطي راسك بين الروس وقولي يا قطاع الروس"! أريده شاسعا مثل نهار في نيسان، وصوته خفيض وأثير يهدهد قلبي. أريده ذراعا دافئة حول روحي، وحضنا وثيرا، أبكي فيه خطايا لا يمكن الاعتراف فيها، وشكوكا كبيرة. بعد كل هذا؛ أريده سريرا دافئا، أرتمي فيه وأفقد الوعي من كل هذا السواد وأضحك، ولن أضع كفي على فمي لأستر عورة أسناني كما كنت أفعل دون مبرر وأنا صغيرة. بل سأمسح به ما علق في وجهي من خيبات، وأغني - بصوتي الذي لا أحبه - ببهجة وانعتاق "دي ليلة حب حلوة.. حلوة بألف ليلة وليلة"!

حب هي حتى مطلع الفجر!

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )