facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

ابوعرابي يكتب: قراءة حول اللامركزية ..

ابوعرابي يكتب: قراءة حول اللامركزية ..

د. نضال ايوب ابوعرابي

تلجأ الدولة الحديثة من خلال أسلوبها في التنظيم الإداري في بداية نشأتها ووفق ظروفها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية إلى المركزية الإدارية، وعندما تستقر أوضاعها وتزداد واجباتها ويتنامى عدد سكانها مما يُؤدي إلى توسع خدماتها؛ الأمر الذي يدعوها إلى أن تتحول إلى اللامركزية؛ كي تتفرغ الحكومة لشؤونها السياسية؛ ولتحقق الدور التشاركي لأفراد المجتمع؛ لإدارة مرافقهم والقيام على تلبية احتياجاتهم.


ظهر نظام اللامركزية الإدارية كنظام مكمل للمركزية وبما يتناسب مع الدور الجديد للدولة، الذي يقوم على أساس توزيع الوظيفة الإدارية بين الحكومية المركزية وبين أشخاص الإدارة المحلية في الأقاليم التي تتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة، مع خضوعها لرقابة الإدارة أو الحكومة المركزية وذلك في إطار ما يعرف بالرقابة الوصائية.

والمركزية تُشير إلى حصر المهام والمسؤوليات والوظائف في نقطة واحدة من الدولة تمثل عاصمتها، في حين تُشير اللامركزية إلى فلسفة للتنظيم والإدارة تتضمَن التوزيع الاختياري الذي يُركز على أنواع السلطات الممنوحة لتطوير الخطط القائمة مثل السياسات واختيار الوسيلة المناسبة للرقابة على الأداء وتمركز السلطة، حيث أن القرارات الهامة والحيوية لا تفوض إلى الإدارات نظرا لخطورتها وحساسيتها بالنسبة للتنظيم، وإنما تقوم بها الإدارة العليا.

ويُطلق مسمى المركزية المطلقة في حال تجميع مختلف مظاهر الوظيفة الإدارية في الدولة في يد هيئة واحدة بشكل يؤدي إلى توحيد الأسلوب الإداري وتجانسه في أرجاء الدولة، بحيث تباشر الهيئة التنفيذية هذه الوظيفة بنفسها، وفي حال مباشرة هذه الوظيفة من خلال موظفين وهيئات تابعين لها موزعين على مختلف أقاليم الدولة ويعملون باسمها فان هذا ما يُطلق عليه مسمى المركزية المعتدلة.

اما اهم انواع اللامركزية الادارية فهي:-

- اللامركزية الإقليمية: ويُشير هذا النوع إلى تنظيم الإدارة في الدولة على قاعدة تعدد الهيئات الإدارية الإقليمية، وتتحقق بمنح جزء من التراب الوطني الشخصية المعنوية (الاستقلال المالي والاداري)، ليباشر الاختصاصات الموكلة إليه بهدف تحقيق المصالح المحلية تحت إشراف الحكومة ورقابتها، ويدير شؤونها أفراد منتخبون.

- اللامركزية المرفقية (المصلحية): اما هذا النوع فانه يُشير إلى توزيع العمل طبقاً لطبيعة النشاطات ونوع المرافق والمشاريع التي تتعلق بهذا النشاط، واللامركزية المصلحية هي ما يسمى بالمؤسسات العمومية التي تتولى إدارة نشاط معين يسند اليها بحكم القانون، وتتحقق بمنح المرفق العام الشخصية المعنوية، إلا أن هذا الاستقلال غير مطلق وإنما هو مقيد بشرط الرقابة أو الوصاية من طرف السلطات المختصة.

ومن اهم الصور التي تتمثل بها اللامركزية:-

- اللاتركيز: يُشير إلى نقل السلطة لوحدة إدارية تابعة للحكومة المركزية، التي تتمثل عادةً بمكاتب ميدانية لا يحكمها موظفون منتخبون، الأمر الذي يُؤكد أن جميع المهام، والسلطات، والموارد تدار ويتم التحكم بها على المستوى المركزي.

- التفويض: اي نقل المسؤولية الإدارية في مهام محددة ، إلى خارج هيكل الحكومة المركزية، ويمكن التفويض إلى موظفين ومؤسسات على المستوى المحلي مثل: المحافظة ، البلدية، اللواء ، بحيث يتم إمدادها بالسلطة التي تمكنها من اتخاذ قرارات معينة، وتنفيذ مهام محددة، ويمكن نقل التفويض لمجالس منتخبة، ولممثلي وزارات على حد سواء.

ـ توزيع السلطات في المركز: تُشير إلى نقل النفوذ والسلطة لمستويات قومية فرعية في الحكومة المنتخبة، بحيث تصبح هذه المؤسسات بشكل عام مستقلة ، لها هويتها القانونية ومواردها المالية، وهي فعلياً خارج السيطرة المركزية المباشرة للحكومة، إلا أنها خاضعة للسياسات العامة والقوانين ، كتلك المتعلقة بالحقوق المدنية، وحكم القانون.

أما بالنسبة للامركزية الإدارية وعدم التركيز الإداري ، فإن سلطة اتخاذ القرارات الإدارية تخرج من يد السلطات المركزية وتمارس من قبل جهات أخرى، وبالرغم من ذلك فإن هناك فوارق بين عدم التركيز الإداري واللامركزية الإدارية يمكن
إجمالها على النحو الآتي:

1. يندرج عدم التركيز الإداري تحت مظلة المركزية الإدارية وليس تحت مظلة اللامركزية الإدارية.

2- يقوم عدم التركيز الإداري على توزيع اختصاصات الوظيفة الإدارية بين أعضاء سلطة إدارية واحدة تسمح بتخويل بعض أعضاءها حق البت في بعض القضايا الإدارية دون الرجوع للرئيس الأعلى بينما تُوزع الوظائف بين الحكومة المركزية وهيئات تتمتع باستقلال مالي وإداري؛ الأمر الذي يدعم تعدد السلطات الإدارية في اللامركزية الإدارية.

3- تتخذ القرارات الإدارية باسم الدولة من خلال موظفيها في الأقاليم، أي أن هناك ما يمكن وصفه بعملية استبدال للموظف المحلي بدل الموظف الموجود في العاصمة في حالة عدم التركيز الإداري، بينما في اللامركزية الإدارية فإن الهيئات اللامركزية ذاتها هي التي تتخذ القرارات وتبرم العقود باسمها ولحسابها.

4- يخضع الموظفين في ظل عدم التركيز الإداري للسلطة الرئاسية ، بينما تخضع الهيئات اللامركزية للوصاية الإدارية، وهي مجرد عملية رقابة وإشراف من قبل الحكومة المركزية في ظل اللامركزية الإدارية.

5- في حالة عدم التركيز الإداري توزع الاختصاصات في نطاق السلطة المركزية ويكون لرئيس السلطة حق تفويض بعض اختصاصاته لأشخاص آخرين، كي يديرونها نيابة عنه، وله سحب هذه الاختصاصات في أي وقت، أما في حالة اللامركزية الإدارية فالسلطات والاختصاصات توزع بين الهيئات الحكومية المركزية و اللامركزية على أساس النقل لا التفويض وان هذه الاختصاصات مستمدة من القانون، وتمارسها الوحدات الإدارية الإقليمية في حدود القانون.

لكن أن تبقى الحكومة وتاخذ على عاتقها إدارة جميع المصالح والمرافق العامة في الدولة، ويعمل رؤساء الوحدات ومديري الدوائر تحت إشرافها المباشر وحسب اختصاص كل وزارة فهذه هي المركزية الادارية.

لكن لو قامت الحكومة بتوزيع المسؤوليات والصلاحيات على المستويات الثلاث الأفقية والعمودية والجغرافية في الدولة فانها تتجه بذلك الى اللامركزية الإدارية.


تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير