تطور الصراع التركي الكردي منذ انطلاق الاحداث في سورية
اللواء المتقاعد مروان العمد
القبة نيوز- وبقي قبل ان اتحدث عما يجري الآن على الحدود السورية التركية وخلفياته واهدافه ان استعرض الصراع التركي الكردي على الاراضي السورية منذ انطلاق الاحداث فيها عام ٢٠١١ وحتى الآن
في البداية لابد من القول ان تركيا ومنذ اندلاع الربيع العربي في سورية وجدت نفسها متورطة في هذا الربيع او انها هي مع آخرين قد ورطوا سورية في هذا الربيع . ولقد كان هدف تركيا من ذلك اولاً تصفية الحساب مع النظام السوري لأنه لطالما كان داعماً لعدو تركيا الرئيسي حزب العمال الكردستاني بالرغم من تخلي النظام في سورية عن هذا الحزب ورئيسه في وقت سابق اثر التهديد التركي بأجتياح الحدود السورية وبموجب اتفاقية اضنة المذلة له مع الجانب التركي عام ١٩٩٨.
اما الهدف الثاني فقد كان سعي تركيا بالتوافق مع قوى اقليمية ومحلية على انشاء نظام اسلامي معتدل في سورية وفي بقية دول الربيع العربي وهي تونس ومصر وليبيا واليمن في محاكاة للأسلام السياسي المعتدل في تركيا . والهدف الثالث هو القضاء على الخطر الكردي عليها او الاٍرهاب الكردي من وجهة نظرها .
ولهذا كانت تركيا من ابرز الدول التي ساندت الاحداث في سورية ودعمتها حتى بعد ان تحولت الى مواجهات مسلحة مع قوات النظام حيث قامت بدعم قوات الجيش الحر ومختلف التنظيمات المسلحة التي ظهرت في سورية وخاصة ذات الخلفية الاسلامية . ثم تطور ألامر الى دعمها حتى للتنظيمات الارهابية في سبيل اسقاط النظام في سورية .
الا ان تطورات على الارض السورية ادت الى تحولات جذرية في المواقف التركية في سورية . وكانت بداية التحولات هذه عندما قامت داعش بمهاجمة مدينة كوباني ( عين العرب ) الكردية واحتلال قسم منها . حيث قامت الولايات المتحدة الامريكية بدعم وحدات حماية الشعب الكردي (YPG ) في الدفاع عن هذه المدينة الى ان استطاعوا استردادها من تنظيم داعش وطردهم من محيطها .
ووحدات حماية الشعب الكردي هي الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي ( PYD )والمتهم من تركيا بأنه امتداداً لحزب العمال الكردستاني (PKK ) وتعتبر تركيا ان هذه التشكيلات ارهابية وتستهدف امنها الداخلي .
وبعد ان تبين للولايات المتحدة الامريكية مدى صلابة وحدات حماية الشعب الكردي فقد عملت على زيادة دعمها لها وساهمت في تأسيس قوات سورية الديمقراطية والتي تعتبر وحدات حماية الشعب الكردي العنصر الاساسي فيها كما ضمت هذه القوات مليشيات عربية وسريانية وارمنية وتركمانية وكان يقودها في البداية العقيد طلال سلو التركماني الاصل ويرمز لهذه القوات بأسم قسد . وجاء دعم الولايات المتحدة الامريكية لها بحجة الاستعانة بها لطرد تنظيم داعش من منطقة الجزيرة السورية والشريط الحدودي التركي السوري . كما قامت بدعم هذه القوات عندما اجتازت نهر الفرات الى الضفة الغربية منه حيث توجد مدينة منبج والتي كان تنظيم داعش يسيطر عليها ويسيطر على منطقة واسعة على الحدود التركية يمتد من مدينة جرابلس والى منبج ومدينة الباب بما فيها من عشرات القرى ، ولم تكن تركيا تعترض على ذلك ولا تتصدى لتنظيم داعش . ولكن وبعد ان استولت قوات سورية الديمقراطية على مدينة منبج واعلنت عزمها التوجه الى مدينة جرابلس على الحدود التركية ثم الباب لتطهيرهما من داعش أحست تركيا بالخطر الحقيقي من هذه العملية ومن سيطرة هذه القوات على مناطقها الحدودية مع سورية التي توصلها بمحافظة ادلب .
وكان ذلك وراء التغيير الاساسي في المواقف التركية حيث بدأت بأن طبّعت علاقتها مع اسرائيل ثم طبّعت علاقتها مع روسيا واقامت نوعاً من العلاقات مع ايران والتي تتحكم في حكومة العراق بهدف تشكيل طوق يحيط بمناطق الاكراد مكون من تركيا وايران والعراق . ولتضمن تحيد الموقف الروسي بعد ان شعرت ان الموقف الامريكي قد ابتعد عنها .
كما وتغيرت اولوياتها من اسقاط النظام السوري الى القضاء على الارهاب الكردي.
وكانت الخطوة الاولى لتركيا هي اجتياز الحدود السورية بقواتها المسلحة بدعم من تنظيمات مسلحة سورية بعضها من اصل تركماني وبعضها من عناصر الجيش الحر وبعملية اطلقت عليها أسم درع الفرات . وقامت بأحتلال مدينة جرابلس ثم اعزاز والباب مع اختفاء عناصر داعش من امامها كما هي العادة ، ثم اخذت تتجه الى مدينة منبج لطرد قوات سورية الديمقراطية منها الا ان القوات الامريكية اتخذت لها مواقع عسكرية مابين القوات التركية وقوات سورية الديمقراطية مما حال دون تمكن تركيا من دخولها ولكنها اعلنت عن عزمها الاستمرار في البقاء في الاماكن التي استولت عليها من الاراضي السورية لمواجهة الخطر الكردي .
وكانت الخطوة التالية لتركيا هي التنسيق مع روسيا وايران لأيجاد مناطق تهدئة داخل سورية كانت تنتهي بوقوع مناطق سيطرة المعارضة السورية بأيدي قوات النظام وانتقال مقاتلي المعارضة السورية بمن فيهم تنظيم النصرة وذويهم والتنظيمات الموالية لتركيا الى محافظة ادلب . وعناصر داعش الى منطقة الجزيرة ودير الزور . وبهذا اصبحت محافظة ادلب يطلق عليها انها دولة تنظيم النصرة والتي سيطرت على معظم مناطقها بما فيها معبر باب الهوى الموصل الى تركيا دون اي معارضة تركية .
هذا وقد حاولت تركيا ان تفرض نفسها والتنظيمات التابعة لها كبديل لقوات سورية الديمقراطية لتحرير الرقة عاصمة تنظيم داعش ، الا ان محاولتها هذه فشلت وقامت الولايات المتحدة الامريكية وقوات التحالف بدعم قوات سورية الديمقراطية لاقتحام الرقة وتخليصها من داعش . وهذا الموقف زاد من مخاوف تركيا من تنامي قوة وسيطرة اكراد سورية وخاصة حزب الاتحاد الديمقراطي وجناحه المسلح وحدات حماية الشعب الكردي المصنفان من قبلها بأنهما ارهابيان . وخاصة بعد ان دعم التحالف قوات سورية الديمقراطية بأجتياح محافظة دير الزور وعاصمة دولة الخلافة الداعشية الرقة . وبنفس الوقت تحركت قوات النظام السوري الى هذه المنطقة ضمن اتفاق ضمني بأن تتوقف قوات النظام عند ضفة نهر الفرات الغربية وان تتمدد قوات سورية الديمقراطية على الضفة الشرقية للنهر وبأتجاه الحدود العراقية مما يمكن هذه القوات من التواصل مع اقليم كردستان العراق . واصبح هناك سباق محموم ما بين قوات سورية الديمقراطية وقوات النظام للسيطرة على الارض بهذه المنطقة والتي كان يكبلها حسم معركة الرقة . ولذلك قامت قوات التحالف بتقديم المزيد من الدعم العسكري والتغطية الجوية لقوات سورية الديمقراطية ، مما مكنها من حسم المعركة لحسابها واستسلام الإلاف من الدواعش وافراد عائلاتهم حيث تم وضعهم في معسكرات اعتقال تحت سيطرة قواتها ، كما اعلنت عن عدم نيتها الانسحاب من المناطق التي حررتها من تنظبم داعش لتصبح جزئاً من مناطق نفوذها مستقبلاً .
وقد ادى ذلك الى زيادة مخاوف تركيا من كيان كردي في سورية لأن في هذا الكيان خطر عليها بذاتها . ولهذا استغلت تركيا استحداث منطقة خفض التوتر في محافظة ادلب لتعلن ان قواتها بالاشتراك مع قوات درع الفرات وتنظيمات المعارضة في المحافظة سيعملون على محاربة تنظيم النصرة والقضاء عليه . وعلى اثر ذلك اخذت تحشد المزيد من قواتها على حدود المحافظة وفي داخل محافظة ادلب السورية . وبطريقة مفاجئة اعلنت تركيا ان اعضاء تنظيم النصرة السوريين قد انحازوا اليها وانه لم يبقى الا القضاء على اعضاء هذا التنظيم من الاجانب . وقامت تركيا بحشد قواتها والتنظيمات المناصرة لها في المناطق المحاذية لمناطق الاكراد وخاصة منطقة عفرين التابعة لمحافظة حلب والتي معظم سكانها والبالغ عددهم حوالي نصف مليون نسمة من الاكراد والخاضعة لسيطرة قوات سورية الديمقراطية . واعلنت تركيا ان تواجدها في ادلب هو لمواجهة خطر التمدد الكردي بعد ان اسقطت من حساباتها تنظيم النصرة والنظام بدمشق . كما اعلن احد قادة التنظيمات السورية الموالية لتركيا في ادلب ان الخطر الحقيقي على سورية هو تنظيم حزب العمال الكردستاني الذي انسل عدداً من أعضائه الى سورية وكافة التشكيلات الكردية المتحالفة معه . اي ان الخطر لم يعد يتمثل بالارهاب ولا بقوات النظام ولكن بالأكراد وتنظيماتهم . واعلنت تركيا ان الوحدات المسلحة التابعة لها في ادلب سوف تصبح من ضمن قوات درع الفرات بما فيها من انضم لها من تنظيم النصرة .
في مطلع عام ٢٠١٨ أطلقت تركيا عملية غصن الزيتون وذلك بهدف السيطرة على منطقة عفرين من ريف حلب الشمالي وقامت بالسيطرة عليه كاملاً من قوات سورية الديمقراطية ، وكانت تهدف الانطلاق منه نحو مدينة منبج ثم متابعة سيرها على امتداد الحدود السورية التركية وصولاً للحدود العراقية الا انها لم تستطع ذلك بتأثير من الموقفين الروسي والأمريكي .
كما اعلنت تركيا وعلى لسان وزير خارجيتها ان تواجد القوات التركية في محافظة ادلب هو للأشراف على عملية خفض التوتر فيها ولحمايتها من الأكراد وانها ستبقى في هذه المحافظة الى ان يزول الخطر الكردي عن هذه المنطقة وعن كامل مناطق حدودها وعن امنها الامر الذي لن يتحقق الا بعد القضاء على الوجود الكردي في سورية . وهذا يعني احتلالاً حقيقياً و واقعياً لمحافظة ادلب بالاضافة للمناطق التي احتلتها سابقاً مثل اعزاز وجرابلس والباب والراعي وعفرين ومساحات واسعة من ريفي حلب وحماه مما قد يشكل حصة تركيا من الكعكة السورية ، ولتلحق هذه المناطق بأقليم الاسكندرون كأراض تركية والتي تنازلت عنها سورية لتركيا تنازلاً ضمنياً بموجب اتفاق اضنة المخزي الذي وقع بين الجانبين عام ١٩٩٨ ، مع ما تتمتع به هذه المنطقة من ثروات زراعية وطبيعية ، بالاضافة الى ما تحويه سواحلها وأسفل مياه البحر قبالتها من غاز ونفط .
وقد قامت تركيا بتوحيد قوات المعارضة السورية في المناطق التي تسيطر عليها من سورية تحت اسم جبهة تحرير سورية وقامت بتنظيم وتدريب وتسليح الآلاف من النازحين السوريين الى أراضيها لتستخدمهم في مواجهة الخطر الكردي وادخلت قسماً منهم الى الاراضي السورية واحتفظت بالباقي داخل أراضيها لإستخدامهم عند الحاجة . وقامت تركيا بتوفير الملاذ الآمن لتنظيم النصرة في هذه المنطقة بدلاً من القضاء عليه كما كانت قد تعهدت بذلك عندما أصبحت هي القوة الضامنة لعدم التصعيد في هذه المنطقة . وبدلاً من ان تجعل تركيا من المناطق الشاسعة التي تسيطر عليها من الأراضي السورية هي المنطقة الأمنة التي تسعي لإقامتها لترحيل النازحين السوريين في تركيا اليها فقد اختارت ان تكون هذه المنطقة الآمنة على طول حدودها مع سورية وصولاً للحدود العراقية وبعمق ما بين ٣٠ كم الى ٣٥ كلم وان تطهر هذه المنطقة من العناصر المسلحة الكردية بأن تقضي عليهم او تدفعهم الى خلف هذا العمق وبعيداً عن حدودها . ووضعت هذا الهدف نصب عينيها وهددت بأنها ستقوم بذلك ذات يوم الى ان حان وقت هذا اليوم . علماً ان اتفاقية اضنة التي وقعت عام ١٩٩٨ اعطت القوات التركية حق اجتياز الحدود السورية لمسافة خمسة كيلومترات فقط في حال لم تلتزم السلطات السورية بأبعاد اعضاء حزب العمال الكردستاني عن حدودها .
ومن هذا كله انجد ان نزاع تركيا الحقيقي في سورية قد انحصر بالموضوع الكردي وخاصة في السنوات الاخيرة من سنوات الصراع فيها .
خلال سنوات الأحداث في سورية كنت أقول ان كل ما يحدث في سورية هو ارهاب وكل المشاركين فيه هم ارهابيون لا فرق فيمن يحمل السلاح او يزود حامليه بالسلاح والعتاد والمال . الايام القادمة سوف تأتي بالكثير من الاحداث والكثير من المعارك والاشتباكات في حرب تحارب الارهاب بالارهاب .
في البداية لابد من القول ان تركيا ومنذ اندلاع الربيع العربي في سورية وجدت نفسها متورطة في هذا الربيع او انها هي مع آخرين قد ورطوا سورية في هذا الربيع . ولقد كان هدف تركيا من ذلك اولاً تصفية الحساب مع النظام السوري لأنه لطالما كان داعماً لعدو تركيا الرئيسي حزب العمال الكردستاني بالرغم من تخلي النظام في سورية عن هذا الحزب ورئيسه في وقت سابق اثر التهديد التركي بأجتياح الحدود السورية وبموجب اتفاقية اضنة المذلة له مع الجانب التركي عام ١٩٩٨.
اما الهدف الثاني فقد كان سعي تركيا بالتوافق مع قوى اقليمية ومحلية على انشاء نظام اسلامي معتدل في سورية وفي بقية دول الربيع العربي وهي تونس ومصر وليبيا واليمن في محاكاة للأسلام السياسي المعتدل في تركيا . والهدف الثالث هو القضاء على الخطر الكردي عليها او الاٍرهاب الكردي من وجهة نظرها .
ولهذا كانت تركيا من ابرز الدول التي ساندت الاحداث في سورية ودعمتها حتى بعد ان تحولت الى مواجهات مسلحة مع قوات النظام حيث قامت بدعم قوات الجيش الحر ومختلف التنظيمات المسلحة التي ظهرت في سورية وخاصة ذات الخلفية الاسلامية . ثم تطور ألامر الى دعمها حتى للتنظيمات الارهابية في سبيل اسقاط النظام في سورية .
الا ان تطورات على الارض السورية ادت الى تحولات جذرية في المواقف التركية في سورية . وكانت بداية التحولات هذه عندما قامت داعش بمهاجمة مدينة كوباني ( عين العرب ) الكردية واحتلال قسم منها . حيث قامت الولايات المتحدة الامريكية بدعم وحدات حماية الشعب الكردي (YPG ) في الدفاع عن هذه المدينة الى ان استطاعوا استردادها من تنظيم داعش وطردهم من محيطها .
ووحدات حماية الشعب الكردي هي الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي ( PYD )والمتهم من تركيا بأنه امتداداً لحزب العمال الكردستاني (PKK ) وتعتبر تركيا ان هذه التشكيلات ارهابية وتستهدف امنها الداخلي .
وبعد ان تبين للولايات المتحدة الامريكية مدى صلابة وحدات حماية الشعب الكردي فقد عملت على زيادة دعمها لها وساهمت في تأسيس قوات سورية الديمقراطية والتي تعتبر وحدات حماية الشعب الكردي العنصر الاساسي فيها كما ضمت هذه القوات مليشيات عربية وسريانية وارمنية وتركمانية وكان يقودها في البداية العقيد طلال سلو التركماني الاصل ويرمز لهذه القوات بأسم قسد . وجاء دعم الولايات المتحدة الامريكية لها بحجة الاستعانة بها لطرد تنظيم داعش من منطقة الجزيرة السورية والشريط الحدودي التركي السوري . كما قامت بدعم هذه القوات عندما اجتازت نهر الفرات الى الضفة الغربية منه حيث توجد مدينة منبج والتي كان تنظيم داعش يسيطر عليها ويسيطر على منطقة واسعة على الحدود التركية يمتد من مدينة جرابلس والى منبج ومدينة الباب بما فيها من عشرات القرى ، ولم تكن تركيا تعترض على ذلك ولا تتصدى لتنظيم داعش . ولكن وبعد ان استولت قوات سورية الديمقراطية على مدينة منبج واعلنت عزمها التوجه الى مدينة جرابلس على الحدود التركية ثم الباب لتطهيرهما من داعش أحست تركيا بالخطر الحقيقي من هذه العملية ومن سيطرة هذه القوات على مناطقها الحدودية مع سورية التي توصلها بمحافظة ادلب .
وكان ذلك وراء التغيير الاساسي في المواقف التركية حيث بدأت بأن طبّعت علاقتها مع اسرائيل ثم طبّعت علاقتها مع روسيا واقامت نوعاً من العلاقات مع ايران والتي تتحكم في حكومة العراق بهدف تشكيل طوق يحيط بمناطق الاكراد مكون من تركيا وايران والعراق . ولتضمن تحيد الموقف الروسي بعد ان شعرت ان الموقف الامريكي قد ابتعد عنها .
كما وتغيرت اولوياتها من اسقاط النظام السوري الى القضاء على الارهاب الكردي.
وكانت الخطوة الاولى لتركيا هي اجتياز الحدود السورية بقواتها المسلحة بدعم من تنظيمات مسلحة سورية بعضها من اصل تركماني وبعضها من عناصر الجيش الحر وبعملية اطلقت عليها أسم درع الفرات . وقامت بأحتلال مدينة جرابلس ثم اعزاز والباب مع اختفاء عناصر داعش من امامها كما هي العادة ، ثم اخذت تتجه الى مدينة منبج لطرد قوات سورية الديمقراطية منها الا ان القوات الامريكية اتخذت لها مواقع عسكرية مابين القوات التركية وقوات سورية الديمقراطية مما حال دون تمكن تركيا من دخولها ولكنها اعلنت عن عزمها الاستمرار في البقاء في الاماكن التي استولت عليها من الاراضي السورية لمواجهة الخطر الكردي .
وكانت الخطوة التالية لتركيا هي التنسيق مع روسيا وايران لأيجاد مناطق تهدئة داخل سورية كانت تنتهي بوقوع مناطق سيطرة المعارضة السورية بأيدي قوات النظام وانتقال مقاتلي المعارضة السورية بمن فيهم تنظيم النصرة وذويهم والتنظيمات الموالية لتركيا الى محافظة ادلب . وعناصر داعش الى منطقة الجزيرة ودير الزور . وبهذا اصبحت محافظة ادلب يطلق عليها انها دولة تنظيم النصرة والتي سيطرت على معظم مناطقها بما فيها معبر باب الهوى الموصل الى تركيا دون اي معارضة تركية .
هذا وقد حاولت تركيا ان تفرض نفسها والتنظيمات التابعة لها كبديل لقوات سورية الديمقراطية لتحرير الرقة عاصمة تنظيم داعش ، الا ان محاولتها هذه فشلت وقامت الولايات المتحدة الامريكية وقوات التحالف بدعم قوات سورية الديمقراطية لاقتحام الرقة وتخليصها من داعش . وهذا الموقف زاد من مخاوف تركيا من تنامي قوة وسيطرة اكراد سورية وخاصة حزب الاتحاد الديمقراطي وجناحه المسلح وحدات حماية الشعب الكردي المصنفان من قبلها بأنهما ارهابيان . وخاصة بعد ان دعم التحالف قوات سورية الديمقراطية بأجتياح محافظة دير الزور وعاصمة دولة الخلافة الداعشية الرقة . وبنفس الوقت تحركت قوات النظام السوري الى هذه المنطقة ضمن اتفاق ضمني بأن تتوقف قوات النظام عند ضفة نهر الفرات الغربية وان تتمدد قوات سورية الديمقراطية على الضفة الشرقية للنهر وبأتجاه الحدود العراقية مما يمكن هذه القوات من التواصل مع اقليم كردستان العراق . واصبح هناك سباق محموم ما بين قوات سورية الديمقراطية وقوات النظام للسيطرة على الارض بهذه المنطقة والتي كان يكبلها حسم معركة الرقة . ولذلك قامت قوات التحالف بتقديم المزيد من الدعم العسكري والتغطية الجوية لقوات سورية الديمقراطية ، مما مكنها من حسم المعركة لحسابها واستسلام الإلاف من الدواعش وافراد عائلاتهم حيث تم وضعهم في معسكرات اعتقال تحت سيطرة قواتها ، كما اعلنت عن عدم نيتها الانسحاب من المناطق التي حررتها من تنظبم داعش لتصبح جزئاً من مناطق نفوذها مستقبلاً .
وقد ادى ذلك الى زيادة مخاوف تركيا من كيان كردي في سورية لأن في هذا الكيان خطر عليها بذاتها . ولهذا استغلت تركيا استحداث منطقة خفض التوتر في محافظة ادلب لتعلن ان قواتها بالاشتراك مع قوات درع الفرات وتنظيمات المعارضة في المحافظة سيعملون على محاربة تنظيم النصرة والقضاء عليه . وعلى اثر ذلك اخذت تحشد المزيد من قواتها على حدود المحافظة وفي داخل محافظة ادلب السورية . وبطريقة مفاجئة اعلنت تركيا ان اعضاء تنظيم النصرة السوريين قد انحازوا اليها وانه لم يبقى الا القضاء على اعضاء هذا التنظيم من الاجانب . وقامت تركيا بحشد قواتها والتنظيمات المناصرة لها في المناطق المحاذية لمناطق الاكراد وخاصة منطقة عفرين التابعة لمحافظة حلب والتي معظم سكانها والبالغ عددهم حوالي نصف مليون نسمة من الاكراد والخاضعة لسيطرة قوات سورية الديمقراطية . واعلنت تركيا ان تواجدها في ادلب هو لمواجهة خطر التمدد الكردي بعد ان اسقطت من حساباتها تنظيم النصرة والنظام بدمشق . كما اعلن احد قادة التنظيمات السورية الموالية لتركيا في ادلب ان الخطر الحقيقي على سورية هو تنظيم حزب العمال الكردستاني الذي انسل عدداً من أعضائه الى سورية وكافة التشكيلات الكردية المتحالفة معه . اي ان الخطر لم يعد يتمثل بالارهاب ولا بقوات النظام ولكن بالأكراد وتنظيماتهم . واعلنت تركيا ان الوحدات المسلحة التابعة لها في ادلب سوف تصبح من ضمن قوات درع الفرات بما فيها من انضم لها من تنظيم النصرة .
في مطلع عام ٢٠١٨ أطلقت تركيا عملية غصن الزيتون وذلك بهدف السيطرة على منطقة عفرين من ريف حلب الشمالي وقامت بالسيطرة عليه كاملاً من قوات سورية الديمقراطية ، وكانت تهدف الانطلاق منه نحو مدينة منبج ثم متابعة سيرها على امتداد الحدود السورية التركية وصولاً للحدود العراقية الا انها لم تستطع ذلك بتأثير من الموقفين الروسي والأمريكي .
كما اعلنت تركيا وعلى لسان وزير خارجيتها ان تواجد القوات التركية في محافظة ادلب هو للأشراف على عملية خفض التوتر فيها ولحمايتها من الأكراد وانها ستبقى في هذه المحافظة الى ان يزول الخطر الكردي عن هذه المنطقة وعن كامل مناطق حدودها وعن امنها الامر الذي لن يتحقق الا بعد القضاء على الوجود الكردي في سورية . وهذا يعني احتلالاً حقيقياً و واقعياً لمحافظة ادلب بالاضافة للمناطق التي احتلتها سابقاً مثل اعزاز وجرابلس والباب والراعي وعفرين ومساحات واسعة من ريفي حلب وحماه مما قد يشكل حصة تركيا من الكعكة السورية ، ولتلحق هذه المناطق بأقليم الاسكندرون كأراض تركية والتي تنازلت عنها سورية لتركيا تنازلاً ضمنياً بموجب اتفاق اضنة المخزي الذي وقع بين الجانبين عام ١٩٩٨ ، مع ما تتمتع به هذه المنطقة من ثروات زراعية وطبيعية ، بالاضافة الى ما تحويه سواحلها وأسفل مياه البحر قبالتها من غاز ونفط .
وقد قامت تركيا بتوحيد قوات المعارضة السورية في المناطق التي تسيطر عليها من سورية تحت اسم جبهة تحرير سورية وقامت بتنظيم وتدريب وتسليح الآلاف من النازحين السوريين الى أراضيها لتستخدمهم في مواجهة الخطر الكردي وادخلت قسماً منهم الى الاراضي السورية واحتفظت بالباقي داخل أراضيها لإستخدامهم عند الحاجة . وقامت تركيا بتوفير الملاذ الآمن لتنظيم النصرة في هذه المنطقة بدلاً من القضاء عليه كما كانت قد تعهدت بذلك عندما أصبحت هي القوة الضامنة لعدم التصعيد في هذه المنطقة . وبدلاً من ان تجعل تركيا من المناطق الشاسعة التي تسيطر عليها من الأراضي السورية هي المنطقة الأمنة التي تسعي لإقامتها لترحيل النازحين السوريين في تركيا اليها فقد اختارت ان تكون هذه المنطقة الآمنة على طول حدودها مع سورية وصولاً للحدود العراقية وبعمق ما بين ٣٠ كم الى ٣٥ كلم وان تطهر هذه المنطقة من العناصر المسلحة الكردية بأن تقضي عليهم او تدفعهم الى خلف هذا العمق وبعيداً عن حدودها . ووضعت هذا الهدف نصب عينيها وهددت بأنها ستقوم بذلك ذات يوم الى ان حان وقت هذا اليوم . علماً ان اتفاقية اضنة التي وقعت عام ١٩٩٨ اعطت القوات التركية حق اجتياز الحدود السورية لمسافة خمسة كيلومترات فقط في حال لم تلتزم السلطات السورية بأبعاد اعضاء حزب العمال الكردستاني عن حدودها .
ومن هذا كله انجد ان نزاع تركيا الحقيقي في سورية قد انحصر بالموضوع الكردي وخاصة في السنوات الاخيرة من سنوات الصراع فيها .
خلال سنوات الأحداث في سورية كنت أقول ان كل ما يحدث في سورية هو ارهاب وكل المشاركين فيه هم ارهابيون لا فرق فيمن يحمل السلاح او يزود حامليه بالسلاح والعتاد والمال . الايام القادمة سوف تأتي بالكثير من الاحداث والكثير من المعارك والاشتباكات في حرب تحارب الارهاب بالارهاب .