صحة الجسد… في الصحة النَفْسية
- تاريخ النشر : 2018-11-22 13:42:11 -
الدكتوره منى الشرافي تيم
القبة نيوز- إن ضغوطات الحياة تزداد على الرغم من التسهيلات التي أحدثتها التكنولوجيا، حيث أصبحنا نقضي معظم أعمالنا ونحن جالسين في أماكننا، إلا أن هذا الأمر لم يخفف من الأعباء النفسية التي تُثقل كواهلنا. وكأننا ندور في ساقية، ونحن والوقت في سباق دائم. وما أكثرها الأمور التي تُشغلنا فتكبر أو تصغر وفقا للحالة النفسية التي نمر بها أو نعيشها.
نشعر بالمرض أو ببعض الأوجاع الجسدية، فنتوجه إلى الطبيب من أجل المعاينة السريرية وإجراء بعض التحاليل المخبرية وصور الأشعة. أمّا وأن يشعر الشخص باعتلال في صحته النفسية، فنجده يعاني بصمت ويتألم وحيداً، فهو لا يجرؤ على اللجوء إلى طبيب أو معالج نفسي خشية أن ينعته الناس بالجنون، وإن فعل ولجأ للاستشارة النفسية فلا بدَّ من أن يأخذ كل احتياطاته كي يبقى الأمر سرياً، لأن المريض قد يشفى وينسى، أما الناس فلا تنسى ولا تشفى. فالأفكار السلبية التي تبدأ في رؤوسهم بذوراً ما تلبث أن تنمو وتتمدد في ممرات ذاكرتهم.
اليوم ومع تطور الدراسات النفسية وتنوعها، لا بد من نشر ثقافة أن (الصحة النفسية أولوية) وأن اللجوء إلى العلاج النفسي أمر مهم جداً. وما أكثرها الأمراض النفسية التي تؤدي إلى الأمراض الجسدية. لذلك علينا أن نكسر حواجز الخوف ونطرق باب العلاج النفسي. ففي كثير من الأحيان كل ما يحتاجه الإنسان شخص ثقة يستمع إلى همومه ومشاكله ومخاوفه وأوهامه من دون خوف أو خجل، ومن دون أحكام.
إن الظاهرة السائدة بين الناس اليوم هي تناول الأدوية المهدئة من دون استشارة طبية. يبدؤون بتناول حبة في اليوم، وحين تتعود أجسادهم عليها يسمحون لأنفسهم بتناول حبتين أو أكثر، فيصبحون مع الوقت عبيداً للمهدئات ويدخلون في طور الإدمان، فيصعب علاجهم وإعادة تأهيلهم. ومن الظواهر الخطيرة المنشرة بين الناس، أنهم يتعازمون على الحبوب المهدئة غير آبهين بالضرر الذي تسببه لأجسادهم وتأثيراتها المدمرة على جهازهم العصبي. إن كلامي هذا لا يُعارض تناول المهدئات، ولكن يجب أن يتم ذلك بعد استشارة المعالج النفسي والالتزام بالجلسات النفسية، وبعدئذٍ قد ينصح المعالج النفسي المريض بالاستعانة بالطبيب النفسي من أجل وصف الدواء المناسب إن كان لا بدّ منه، وضرورة الالتزام بالوصفة الطبية وعدم تجاوزها.
ولا بد من الإشارة إلى أمر مهم وهو أن التعب النفسي قد يكون سببه اعتلال في العلاقات بين الأزواج والمحبين والمقبلين على الزواج، فقد يحصل الانفصال ظناَ منهم أنهم قد وصلوا إلى طريق مسدود ولا سبيل للحل. أو قد يبقون معاً وهم يتعذبون ويعانون من فكرة الانفصال وتبعاتها الاجتماعية، وترهبهم فكرة عدم إيجاد البديل أو خوفاً من الوحدة… وإن حصل ذلك فهم يرتكبون في حق أنفسهم خطيئة كبيرة، لذلك على أولئك التوجه إلى الخبراء النفسيين المتخصصين في هذا المجال من أجل الوصول إلى القرار المناسب بعد إجراء الجلسات اللازمة التي يستطيعون من خلالها التعبير عما في قلوبهم وما يدور في نفوسهم ورؤية الأمور بوضوح بعيدا عن الغضب والتوتر، مما يجعلهم قادرين على اتخاذ القرار الصحيح.
كما يتوجب علينا أن نواجه حقيقة مهمة جداً في حياتنا وهي أن الصحة الجنسية مهما حاولنا أن نلتف حولها وعليها، إلا أنها جوهرية في حياة البشر. فنجد أنه وعلى الرغم من الانفتاح الكبير الذي حصل في المجتمعات العربية إلا أن الموضوع الجنسي لا يزال من المحرمات التي تتم مناقشتها تحت الطاولة وفي الخفاء، وهذه الحقيقة الحية في الأذهان… المتوارية وراء العيب هي السبب في فشل العديد من العلاقات الزوجية القديمة والحديثة. فثقافة الانفتاح على الشريك ثقافة تكاد تكون مفقودة.
وأخيرا لا بدّ من الإشارة إلى أن الدراسات العلمية العصبية النفسية أثبتت أن العوارض الجانبية لبعض الأدوية التي يتناولها مرضى “الباركنسون وأمراض الشيخوخة” قد تؤدي إلى نشاطات انفعالية جنسية طارئة على المريض… فكثيرا ما نسمع من الناس أن فلاناً يراهق في عمر الثمانين وينعتونه بالجنون، ولكنهم لا يعرفون أن ما يقوم به خارج عن إرادته، فيتعذب…! ويعاني كل من يحبه ويعيش معه، ولا أحد يعرف الحقيقة؟!
ومن أجل تعميم الفائدة… من يرغب في الحصول على استشارة في هذا المجال الرجاء التواصل معالدكتورة “نتالي أحمد تيم” الحاصلة على الدكتوراه في علم الأعصاب العيادي وعلم النفس العصبي العيادي من جامعة (يو سي أل) لندن، المتخصصة في الصحة النفسية والجنسية والعصبية في (مركز كليمنصو الطبي) في بيروت.
الدكتوره منى الشرافي تيم
تابعوا القبة نيوز على