facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

الفساد والديون و السياحة والفوسفات.. أهم العقبات أمام رئيس الوزراء .. فهل ينجح في اجتيازها؟

الفساد والديون و السياحة والفوسفات.. أهم العقبات أمام رئيس الوزراء .. فهل ينجح في اجتيازها؟
القبة نيوز : وكالات في الأعوام الخمسة التي تلت الثورة التونسية عام 2011، تولت 5 شخصيات منصب رئيس الوزراء بدءاً من سجين سياسي سابق وصولاً إلى تكنوقراطي مستقل، ولعب كل منهم دوراً في الانتقال الديمقراطي الذي نال ثناءً واسعاً من قادة العالم. وعلى الرغم من التقدم على هذا الصعيد الديمقراطي لم يتحقق شيء على الضفة الاقتصادية، فلا فرص عمل للشبان العاطلين، ولا نمو يلبي مطالب اليائسين، ولا إصلاحات هيكلية لسد العجز المتواصل في ميزانية البلاد.

وعود جريئة

وحتى قبل أن يشكل حكومته قدم يوسف الشاهد، سادس رئيس وزراء بعد الانتفاضة، وعوداً جريئة أيضاً ولكن خدمات الدين الكبيرة التي يتعين على تونس تسديدها العام المقبل وضعف إيرادات الدولة بشكل غير مسبوق وعدم الاستقرار السياسي داخل الأحزاب الكبرى قد تجعل مصير رئيس الوزراء الشاب مشابهاً لمصير سابقيه. ومنذ ثورة 2011 التي أطاحت بزين العابدين بن علي حظيت تونس بالإشادة باعتبارها نموذجاً يحتذى للديمقراطية بالمنطقة بعد دستور حداثي وانتخابات حرة في 2014 وروح من التوافق بين الخصوم السياسيين. لكن هجمات الجهاديين أضرت بالحكومة كما أدى التناحر السياسي الداخلي إلى إبطاء التقدم الاقتصادي. وتعطلت أيضاً إصلاحات اقتصادية رئيسية تخصّ خفض الإنفاق والتقاعد والقطاع البنكي والجبائي بسبب احتجاجات على التقشف وضغط النقابات وتصدي السياسيين لها. وقام الرئيس الباجي قائد السبسي بتكليف الشاهد بتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون لديها الجرأة الكافية لتطبيق دولة القانون في مواجهة موجة الاعتصامات والإضرابات وتنفيذ الإصلاحات التي يطالب بها المقرضون الدوليون مثل صندوق النقد والبنك الدوليين. وقال الشاهد - وهو قيادي بحزب نداء تونس العلماني - للصحفيين عقب تكليفه الأسبوع الماضي: "نحن في مرحلة دقيقة. نحتاج قرارات استثنائية وتضحيات"، مضيفاً أن أولويته ستكون مكافحة الفساد وكسب الحرب على الإرهاب ودفع النمو وإيجاد توازنات مالية. وقال إنه سيكشف بصراحة للتونسيين حقيقة الوضع المالي والاقتصادي للبلاد. ويتساءل كثير من التونسيين كيف يمكن للشاهد - وهو كفاءة محترمة حاصل على تعليم فرنسي تونسي في المجال الزراعي ومقرب من السبسي - أن يحشد الدعم السياسي لحكومته للمضي قدماً في التغييرات التي فشلت الحكومات السابقة في تحقيقها.

علاقته بالسبسي

والشاهد (41 عاماً) واجه بالفعل انتقادات واسعة من المعارضة بأنه أداة طيّعة في يد السبسي وأنه اختير لعلاقته القريبة بالرئيس وليس لكفاءته. ويواصل الشاهد مشاوراته لتشكيل حكومته قبل عرضها على البرلمان للحصول على الثقة. وقال الصحفي جمال العرفاوي: "الشاهد تلقى هدية ملغومة والوضع المالي شبه كارثي. سيجد خزينة الدولة فارغة وسيواجه كثير من المطالب والاحتجاجات في نفس الوقت الذي يتعين عليه تنفيذ الإصلاحات".

وضع اقتصادي صعب

ويأتي تغيير رأس الحكومة في وقت اقتصادي صعب وحرج لتونس. وأدت 3 هجمات شنها جهاديون العام الماضي منها هجومان بالأسلحة النارية على سائحين أجانب - أحدهما في متحف باردو بالعاصمة والآخر في منتجع سوسة الساحلي - إلى إلحاق ضرر بالغ بصناعة السياحة التي تمثل نحو 8% من الاقتصاد وأحد المصادر الرئيسية لفرص العمل. وتسببت أشهر من الاعتصامات قام بها عاطلون عن العمل في تعثر إنتاج الفوسفات وهو مصدر هام لجلب العملة الأجنبية. وقال السبسي إن تونس خسرت حوالي ملياري دولار في السنوات الخمس الأخيرة بسبب تراجع صادرات الفوسفات بشكل حاد. وحذر مسؤولون من أن تونس ستواجه أوقاتاً صعبة في 2017 مع تسديد ديون تصل إلى 3 مليارات دولار العام المقبل. وقال محافظ البنك المركزي الشاذلي العياري الأسبوع الماضي إن موارد الدخل لن تكفي لتسديد رواتب موظفي القطاع العام. وتمثل كتلة الأجور في تونس حوالي 13.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي من أعلى المعدلات في العالم حسب ما ذكرته كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي. وقال العياري: "عائدات الجباية في 2017 لن تكون كافية لتغطية رواتب حوالي 700 ألف موظف في القطاع العام والبالغة حوالي مليار دينار شهرياً. نحتاج لتمويلات خارجية أكبر في ظل الوضع الاقتصادي مع تراجع عائدات قطاعي السياحة والفوسفات".

ضغط اجتماعي وسياسي

لن يجد الشاهد صعوبة على الأرجح في الحصول على ثقة البرلمان الذي يسيطر عليه حزب نداء تونس وحزب النهضة الإسلامي المتوافقان حول دعم حكومته.لكن خارج أسوار البرلمان سيتعين عليه قيادة السفينة بتأنٍّ في مواجهة موجة صد نقابية واحتجاجات اجتماعية أسقطت محاولات الحكومات السابقة لتمرير مثل هذه "التضحيات المؤلمة". ومنذ 2011 تواجه تونس ضغوطاً من المقرضين الدوليين لدفع الإصلاحات الاقتصادية وخفض العجز في الميزانية وتحسين مناخ الاستثمار والقطاع البنكي. ولكن بعض إجراءات التقشف واجهت اعتراضاً قوياً في قطاعات عديدة. ويرفض المحامون والأطباء الانصياع لقانون جبائي جديد يجبرهم على إظهار قدر أكبر من الشفافية في دخولهم. ويرفض اتحاد الشغل ذو التأثير القوي مشروع قانون للرفع الإجباري لسن التقاعد. ويرقد قانون جديد للاستثمار في رفوف البرلمان منذ فترة طويلة. وفي العام الماضي أمضى اتحاد الشغل والحكومة اتفاقاً لرفع أجور العاملين بالقطاع العام ما يزيد الضغوط على الميزانية. وسرعان ما تحول الضغط الاجتماعي المتعلق بالوظائف إلى احتجاجات عنيفة مطلع العام الحالي في مناطق داخلية مهمشة في أحداث كانت الأعنف منذ انتفاضة 2011 التي ألهمت انتفاضات أخرى في الشرق الأوسط. وقال حمة الهمامي، زعيم الجبهة الشعبية المعارضة: "حكومة الشاهد تتجه لفرض الإصلاحات المؤلمة عبر ضرب الحريات. ستفشل هذه الحكومة لأنها لا تقدم شيئاً جديداً. لن تختلف في خياراتها مع حكومة الصيد"، مشيراً إلى الحبيب الصيد الذي تولى رئاسة الوزراء من يناير/كانون الثاني 2015 حتى تكليف الشاهد الأسبوع الماضي. "الحرب على الإرهاب أسهل من الحرب على الفساد" وتعهّد الشاهد بشن حرب بلا هوادة على الفساد الذي استشرى في البلاد، وكان ذلك ضمن أولوياته التي عرضها في خطاب ألقاه عقب تكليفه الأسبوع الماضي. وتشير تقارير محلية ودولية إلى أن ظاهرة الفساد استشرت بشكل غير مسبوق وشملت كل القطاعات بما فيها القطاع الخاص وقطاع الخدمات والصحة والأمن والقضاء والجمارك. ولا تبدو وعود الشاهد بخصوص مكافحة الفساد تسير في طريق سالكة ولا تبدو سهلة المنال والتطبيق. وفي نهاية الشهر الماضي قال الصيد أمام البرلمان: "الحرب على الإرهاب أسهل من الحرب على الفساد"، في إشارة إلى تغلغل هذه الآفة في العديد من القطاعات مما يهدد الاقتصاد بفقد نقاط مئوية في النمو الاقتصادي. وضمن مشاوراته لتشكيل حكومة التقى الشاهد برئيس هيئة مكافحة الفساد شوقي الطبيب الذي قال إنه يريد أن يرى فعلاً حقيقياً في مكافحة الفساد، مضيفاً: "أخيراً نرى أن حكومة تضع مكافحة الفساد ضمن أولوياتها". وكان الطبيب قد حذر الشهر الماضي من أن تونس على وشك أن تتحول إلى "دولة مافيوزية" بسبب استشراء الفساد في كل القطاعات خصوصاً الفساد داخل أجهزة الدولة. وتلقت الهيئة أكثر من 9 آلاف ملف يتعلق بشبهات فساد حتى الآن. ولكن لا يخفي البعض شكه في قدرة الشاهد على مواجهة اخطبوط الفساد الذي استفحل بسبب استشراء الفساد والمحسوبية وتفشي الفقر والبطالة. وقال محسن مرزوق، مؤسس حركة مشروع تونس، إن على رئيس الحكومة أن يثبت جديته في التصدي لآفة الفساد، مضيفاً: "ننتظر حرباً على الفساد وعلى الرؤوس الكبيرة للفساد التي يعرفها الجميع وليس فقط على التجار الصغار للسلع المهربة". من جهته يتوقع الصحفي جمال العرفاوي ألا يجد رئيس الوزراء المكلف طريقاً سالكة في هذا الاتجاه، وأن يواجه مقاومة وصداً من بعض ذوي النفوذ حتى داخل حزبه نداء تونس.

المزيد:

أخبار تونس السبسي 
تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير