(قراءة في السيرورة العربية بين التاريخ والحاضر)
من يتامل الحالة الشائهة التي نحن عليها اليوم ومنذ عقود خلت عقب اندحار الامبراطورية العثمانية. لا يمكن له ان يشعر بذرة كبرياء او ذرة اعتزاز وافتخار. شاءت الاقدار ان تنطلي علينا لعبة تشويه الصورة الكلية للدولة العثمانية لصالح جزئية من التضليل على يد الاتحاد والترقي وتركيا الفتاة. فكانت حجة وذريعة للكفر باربعة قرون من العزة والفخار والاعمار والبناء الحضاري الذي تشرفنا بالمشاركة فيه.
اما وقد اجبرنا على الاستقلال والانعتاق من عرى هذه الدولة بفضل من اندس من اليهود على مسيرة الامبراطورية. فقد خرجنا من منظومة الشعوب المهابة الجانب الى شراذم وفرق لا وزن لها. جاءت الثورة العربية الكبرى باهدافها السامية. ولحق بركبها ( محايثة وتماهيا) من لحق من احرار العرب لطرد ما تبقى من فلول هذه الدولة.
لكن وعود الانجليز والغرب وعائلات المال والاعلام من الصهيوينة العالمية ذهبت ادراج الرياح. لينبري منا من يؤيد ويدافع ضد من يشكك ويهاجم الثورة العربية وقادتها وفرسانها.
ذه الحالة من التصدع والتشرذم كانت اول اسفين دقه الغرب وانجلترا تحديدا في نعش الامة العربية التي كانت تتفيا مظلة الامة الاسلامية بهيبتها واتساع نفوذها وسطوتها.
لتبدا رحلة التيه والضياع فلا هي بالعربية البحتة ولا هي بالاسلاموية الصرفة فغدت رمادية اللون والقوام بلا اي وزن يذكر.
تدخلت انجلترا ومعها فرنسا وايطاليا وامريكا لتفتيت الجسد العربي الذي تلاحم مجبرا كردة فعل جراء تبعية تركية سئمها الغرب ولطالما اخافته واجهضت اطماعه الصليبية التي استكانت ولم تمت كبيات شتوي لللافاعي والبواهش السامة.
جرى تقسيم العرب الى دويلات وكانتونات غير مكتملة. فكل كانتون منها وضع في مازق وحرج بقسمة جائرة. خذ مثلا ساحل العراق ذي التعداد السكاني البالغ 20 مليونا حينذاك اعطوه على البحر 16 ميلا. بينما الكويت ذات المليون ونصف يبلغ اتساع ساحلها 64 ميلا على البحر.
وهي قسمة معكوسة لا تلبي حاجة هاتين الدولتين لاقتصاد بحري قوي يناسب عدد سكانها. فكانت مشكلة العراق والكويت فخا وقنبلة موقوته انفجرت بعد نصف قرن انفجارا مروعا. اما فلسطين وما ادراك ما فلسطين. فقد منحوها وعدا مدروسا ومحسوبا لليهود ليكون مرجل البخار الذي يحرك دواليب المشكلات من حوله في الاقطار الموزعة بعناية ولؤم لم يشهد التاريخ مثيلا له. اصبحت الدويلات الممنوحة بارادة غربية صهيونية دولا استقلت بازمان متقاربة ومتفاوتة لتنطلق في ادارة نفسها وفق تبعية صارمة لرعاة التقسيم. بدات مسيرة العرب شعوبا وحكاما في التطور والبناء المقنع الذي يتمظهر في ظاهره بالاستقلال وحرية الارادة بينما هو في واقع الامر مسيرة شاب مراهق يجري ابواه خلفه يرقبون كل تحركاته وسكناته فلا هو بالمستقل ولا هو بالحر.
لم يكن لاي قطر حرية التصرف في الادارة والحكم على كل الصعد. فالبعثات الغربية الاقتصادية والتعليمية والثقافية والسياسية والصحية والاجتماعية كلها تعمل بشكل دؤوب لترسم السياسات والبرامج والخطط الكفيلة بمسار حلزوني ضمن حلقة مفرغة لا تجدي نفعاىعلى المستوى الاستراتيجي وانما هي مفيدة على نحو تكتيكي اني يفرح العوام ويقنعهم بجدوى الادارة الخكومية بينما الخقيقة مرة لا يدرك طعمها وكنهها الا المغلوبين على امرهم من رجال الحكم والادارة.
شيئا فشيئا نشطت وتيرة النماء والتنمية في دويلاتنا العربية لكنه نماء لم يكن ابدا نماء حقيقيا كالذي يعيشه الغرب مع شعوبه ومواطنيه. وهنا كانت المصيبة. كنا نظنها تنمية ترقى الى عنان السماء واذ بها تنمية كمن يبني بيتا على مداميك ملحية تنهار بعد اول رشقة مطر حيث ذاب الملح من اساسه.
وبدون اطالة. كانت افرازات هذه المسيرة العربوية المزيفة افرازات من صديد ومخاط. اتعلمون لماذا؟ لان الجسم من داخله يعاني السقم والالتهاب المزمن. حين تتامل حال هذه الدويلات وما جرى ويجري فيها من فساد ولصوصية على اعلى المستويات الادارية تدرك ببصيرة ثاقبة ان الكل منا في معمعة من حفل بوهيمي يحييه ثلة من الغجر. والولائم تنتشر في كل مكان.
وحيث السامر محكوم عليه بالنهاية اهر الليل فالكل يريد نهب ما طالت يداه في تسابق محموم. ولو كان السامر حالة دائمة كعادة وطنية يبتهج لها جيل اثر جيل لكان الناس اكثر اناقة وحرص على كل موجوداته. الفساد برعاية الفاسدين.
التردي الأخلاقي برعاية واشراف غربي. الانحطاط والضحالة الفكرية والعلمية بمباركة غربية ورعاية رسمية داخلية من مندوبين ماجورين. والغريب اننا نرقص طربا لكل بادرة مهما كانت عقيمة الجدوى. حتى صدقنا اننا ننمو ونتطور.
طبعا الفساد يجر معه غياب العدالة وتفويت الفرص على مستحقيها. وخربطة القطاعات في كل منحى من مناحي الحياة. وهذا الامر طابع ساد وطبع كل الدويلات الممنوحة بوعد غربي. كل الذي جرى من تشويه وتحطيم وتضليل لم يكن هدفه الا صناعة وانتاج انسان عربي بمواصفات ومقاييس محسوبة في مختبراتهم. لانهم ادركوا تماما ان القوة كامنة في الانسان لا في ما يصنع ويبني بفعل يديه وعقله وطاقات ابنائه الاصيلة.
كم منا ذهب الى امريكا ليدرس ويتعلم في جامعات خصصت ( حصريا) للشعوب النامية ( النائمة) وبعد التخرج وانهاء البرنامج الدراسي يمنح الخريج من الدول الممنوحة بالوعد الغربي شهادة ( كرتونة) كتب على طرفها السفلي بخط رفيع ( للعمل بها خارج امريكا use out of USA) لمعرفتهم بعدم صلاحيتها وصلاحية الخريج حاملها .
ماذا يعني ذلك غير انهم يضحكون علينا والطامة الكبرى انهم يضحكون بتوقيع وموافقة ومباركة من رجال متنفذين منا ومن دمنا يعيشون بين ظهرانيننا عيش الافاعي في حضن الحاوي.
الاخوة الاعزاء: ما قلته آنفا هو حصيلة الحصيلة لموروث تاريخي ربما لا يخفى على الكثيرين منا نحن الشعوب العربية قاطبة. وهو ملخص ارتأيته من وحي ذاتي ( كراي شخصي غير ملزم) ( كراي شخصي غير ملزم) لانني مثلكم اعيش الحالة كابرا عن كابر.وهو ما قادني الى التفكير العميق بالحالة الراهنة التي نشهدها في كل الاقطار والامصار العربية من التردي بل الردة القومية والدينية والاجتماعية والاخلاقية . وبعيد اعلان التر
بقلم طه عبدالوالي الشوابكه