facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

السيارة والأقساط… حلم الشباب الذي يتحول إلى صدمة

السيارة والأقساط… حلم الشباب الذي يتحول إلى صدمة

 

 


بقلم رئيس مجلس إدارة مجموعة القبة الإعلامية حمزة القيسي ابو سامر

في السنوات الأخيرة، باتت تطبيقات التوصيل والنقل الذكي وجهة رئيسية لشريحة واسعة من الشباب الباحثين عن مصادر دخل بديلة أو إضافية. ومع تزايد العروض البنكية وشركات التمويل لشراء السيارات بالأقساط، اندفع كثيرون نحو هذا الخيار أملاً في تحسين ظروفهم المعيشية. غير أن الواقع يكشف أن هذا الطريق، الذي يبدو في بدايته سهلاً ومجزياً، يخفي خلفه مجموعة من التحديات الاقتصادية التي قد تقود إلى ضغوط مالية متراكمة.

هذا التحقيق يرصد تجربة شريحة من الشباب الذين وجدوا أنفسهم بين طموح مشروع وواقع اقتصادي قاسٍ، ويطرح تساؤلات حول جدوى هذا الخيار، ومدى وعي الشباب بكلفه الحقيقية.

 البداية: سيارة جديدة… وأحلام كبيرة

يروي عدد من الشبان ممن خاضوا التجربة أن الدافع الأساسي لشراء سيارة جديدة بالتقسيط كان الرغبة في دخول سوق العمل بسرعة، دون انتظار فرصة وظيفية قد تتأخر.
يقول أحدهم:

"كنت أعتقد أن السيارة ستفتح لي باب دخل ثابت، وأن العمل على التطبيقات سيغطي القسط ويزيد… الأرقام على الورق كانت مطمئنة."

لكن تلك الحسابات المبدئية، التي تعتمد غالبًا على تقديرات متفائلة، لم تصمد طويلًا أمام الواقع.

مرحلة التشغيل: دخل متذبذب وكلف تتصاعد

مع بدء العمل الفعلي، واجه هؤلاء الشباب معادلة مالية معقدة؛ فالدخل اليومي مرتبط بعدد الطلبات، وساعات الذروة، والمنافسة في السوق، وتقلبات المواسم.

يشير أحد العاملين إلى أن:

"عدد الطلبات ليس ثابتًا… بعض الأيام جيدة، وأيام كثيرة بالكاد نغطي فيها البنزين."

وتزداد التحديات مع ارتفاع تكاليف التشغيل، مثل الصيانة الدورية، والزيوت، والإطارات، وقطع الغيار، إضافة إلى الخصومات التي تفرضها التطبيقات، والتي تقلص بشكل كبير من صافي الدخل.

 عند نهاية الشهر… الصدمة الكبرى

حين يجلس الشباب لحساب الدخل الحقيقي، يظهر أن معظم الأرباح المتوقعة تتآكل أمام الالتزامات الشهرية المتراكمة، والتي تشمل:

 قسط السيارة
 قسط السكن
 فواتير الكهرباء
 الاتصالات والإنترنت
 مصاريف الأسرة الأساسية
 الصيانة والوقود

يقول شاب آخر:

"توقعت أن القسط هو العبء الأكبر، لكني اكتشفت أن السيارة نفسها تستهلك جزءًا كبيرًا من دخلي… ومع ذلك الدخل لا يغطي كل الالتزامات."

القيمة السوقية تهبط… والخسارة تتضاعف

إلى جانب ضعف الدخل، يواجه الشباب تحديًا إضافيًا يتمثل في انخفاض قيمة السيارة نتيجة الاستخدام المكثف.
ويفاجأ البعض عند محاولة بيع المركبة أن سعر إعادة البيع يقل كثيرًا عن سعر الشراء، الأمر الذي يعقّد عملية الخروج من الالتزام ويزيد من الضغوط المالية.

ويعلّق أحد الخبراء قائلاً:

"السيارة في هذا النوع من الأعمال ليست أصلًا استثماريًا بالمعنى التقليدي، بل أصلٌ يستهلك بسرعة، وتراجع قيمته أمر شبه مُحتم."

أين تكمن المشكلة؟

يُجمع الخبراء أن المشكلة الأساسية لا تكمن في العمل عبر التطبيقات، وإنما في غياب الدراسة المالية الدقيقة قبل اتخاذ قرار شراء السيارة.

فالدخل في هذا القطاع غير ثابت، بينما الالتزامات ثابتة ومتواصلة، الأمر الذي يجعل أي خلل بسيط كفيلًا بإحداث فجوة مالية يصعب سدّها.

كما يشير الخبراء إلى أن كثيرًا من الشباب يعتمدون على تقديرات أولية غير مبنية على بيانات حقيقية حول:

متوسط الدخل الفعلي
حجم المصاريف التشغيلية
نسبة الخصومات
معدل استهلاك السيارة
تقلبات السوق

الطريق ليس كما يبدو

يخلص التحقيق إلى أن شراء سيارة للعمل عبر التطبيقات أصبح خيارًا محفوفًا بالمخاطر لدى شريحة واسعة من الشباب، خصوصًا في ظل الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة.

فالطموح مشروع، والرغبة في تحسين الدخل حق للجميع، لكن الاندفاع نحو الالتزامات المالية طويلة الأمد دون دراسة جدوى دقيقة قد يحوّل حلم الاستقرار إلى عبء اقتصادي ثقيل.

ويبقى السؤال مفتوحًا:

هل تكفي الوعود الوردية في الإعلانات وحسابات الورق لإقناع الشباب بخوض هذه التجربة؟ أم أن التجربة الواقعية تستدعي إعادة النظر قبل اتخاذ القرار؟





 

 

كلمات دلالية :

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير