facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

المجالي يكتب :مائدة الكرك الأبية: حين يجلس التاريخ ليأكل.. دروسٌ في التكافل لا تموت

المجالي يكتب :مائدة الكرك الأبية: حين يجلس التاريخ ليأكل.. دروسٌ في التكافل لا تموت
بقلم - الكاتب نضال المجالي 
مائدة الكرك عام 1932: حكاية زمن جميل وقيم لا تندثر)

​بين طيات الذاكرة، وبين صور الأمس التي نحتفظ بها ككنوز لا تقدر بثمن، يبرز مشهدٌ آسرٌ يحمل عبق الماضي الأصيل لمدينة الكرك الأبية. صورةٌ التُقطت عام 1932، تُظهر تجمعاً مهيباً لرجال من أهل الكرك يتناولون الطعام في إحدى المناسبات الاجتماعية.
​ما أن تتأمل تفاصيل الصورة، حتى تعود بك الذاكرة إلى زمنٍ لم يكن فيه التعقيد سمة الحياة، بل كانت البساطة والكرم والشهامة هي عنوان المرحلة. ترى الوجوه الأبية، والعمائم البيضاء التي تلف الرؤوس، والثياب التقليدية التي تحكي قصة أصالة وتاريخ. يجلسون متقاربين حول مائدة تمتد على الأرض، يتقاسمون الطعام بتقدير واحترام، في مشهدٍ يجسد أسمى معاني الألفة والتآخي.
​هذه الصورة ليست مجرد لقطة عابرة لحدثٍ اجتماعي؛ إنها وثيقة تاريخية حية تتحدث عن عادات وتقاليد متجذرة في ثقافتنا الأردنية، وتحديداً في مدينة الكرك التي طالما كانت منارة للكرم والشهامة العربية الأصيلة.
​ماذا تخبرنا هذه الصورة؟
​قوة الروابط الاجتماعية: كانت المناسبات الاجتماعية آنذاك، سواء كانت أفراحاً أو أتراحاً، فرصة لتوحيد الصفوف وتقوية النسيج الاجتماعي. يجتمع الناس ليتشاركوا الفرح والحزن، ويشد بعضهم أزر بعض، في مجتمع كان فيه الفرد جزءاً لا يتجزأ من جماعته.
​الكرم والضيافة: المائدة الممتدة، وعدد الحاضرين الكبير، يدلان على كرم أهل الكرك الفطري، وحرصهم على إكرام الضيف والعابر، وهي صفة لازمتهم عبر العصور.
​البساطة والتواضع: رغم أهمية المناسبة، يظهر التواضع والبساطة في ترتيب الجلسة وتقديم الطعام، ما يؤكد أن القيمة الحقيقية كانت تكمن في اللقاء والاجتماع، لا في مظاهر الترف.
​تجسيد للهوية الأردنية: تعكس الصورة جزءاً مهماً من الهوية الأردنية قبل تأسيس الدولة الحديثة بسنوات قليلة، حيث كانت هذه العادات هي الأساس الذي بُنيت عليه أركان المجتمع الأردني المتماسك.
​اليوم، ونحن ننظر إلى هذه الصورة من عام 1932، قد نجد أن الكثير من تفاصيل الحياة قد تغيرت، وأن نمط العيش قد تطور. لكن الأمل يحدونا أن تبقى القيم النبيلة التي تجسدها هذه الصورة حيةً في نفوس الأجيال: قيم التآخي، والكرم، والاجتماع على الخير، والحرص على التواصل الإنساني الحقيقي.
​إنها دعوة للتأمل في جمال الماضي، واستلهام قيمه لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل، ولنتذكر دائماً أن "المائدة" التي تجمع الناس هي أساس بناء المجتمعات القوية والمتراصة
حقظ الله الاردن والهاشمين

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير