المحامي غياض الشرفات يكتب …خطاب الملك... ولغة الإنتصار
في لحظةٍ فارقة من تاريخ المنطقة، جاء خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني بلغةٍ واثقةٍ تُعبّر عن روح الانتصار الوطني والسياسي، لا على خصمٍ بعينه، بل على التحديات التي واجهت الأردن ودوره الإقليمي. لم يكن الخطاب مجرد كلمات تُقال في محفلٍ سياسي، بل كان إعلانًا عن ثبات الموقف الأردني وإصراره على حماية الثوابت الوطنية والقومية.
منذ البداية، حمل الخطاب نغمة الانتصار المستمد من الثقة الشعبية والشرعية السياسية التي يمثلها جلالته. تحدث بلغة القائد الذي يعرف طريقه، ويدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه في مرحلةٍ مليئة بالتغيرات والضغوط. كانت الرسائل واضحة: لا مساومة على القدس، ولا تهاون في الدفاع عن فلسطين، ولا قبول بسياسات فرض الأمر الواقع.
لغة الانتصار التي استخدمها الملك لم تكن صاخبة، بل هادئة وعميقة، تُقنع ولا تفرض، وتبني ولا تهدم. إنها لغة المنتصر الأخلاقي والسياسي، الذي يعتمد قوة الموقف لا سطوة القوة. بهذا الأسلوب، أكد الأردن أنه باقٍ في موقعه الطبيعي كصوتٍ للعقل والعدالة في المنطقة، وأنه قادر على تحويل الصمود إلى انتصارٍ سياسي حقيقي.
الخطاب أيضًا حمل بعدًا داخليًا، يُعزّز الثقة بين القيادة والشعب، ويدعو إلى الوحدة في مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية. وكأن الملك يقول للأردنيين: انتصارنا الحقيقي هو في تماسكنا، وفي إيماننا بأن الأردن رسالة، لا مجرد دولة صغيرة في الإقليم.
إنها لغة الانتصار الهادئ التي تُعبّر عن نضج التجربة الأردنية، وعن قائدٍ يرى في الثبات على المبادئ أعظم أشكال النصر.
















