الكاتب الدكتور فراس الهناندة :بطل الموقف العربي صانع المجد في زمن الصمت

بقلم: الأستاذ الدكتور فراس الهناندة – رئيس جامعة عجلون الوطنية
في زمنٍ ضجّ بالصراخ، وامتلأت سماؤه بالدخان والدموع، كانت غزة تصرخ وحدها، والعالم يسمع ولا ينصت، يرى ولا يتحرك.
وفي خضم هذا المشهد القاتم، وبين أمةٍ أنهكها الانقسام والخذلان، ظهر صوتٌ عربيّ هادئ، لكنه أقوى من هدير المدافع.
صوتٌ لم يطلب بطولة، لكنه صنعها، ولم يرفع سلاحًا، لكنه رفع الموقف إلى مقام البطولة.
منذ اللحظة الأولى لمعركة غزة، كان هذا الصوت يعبّر عن وجع الأمة كلها، يتحدث باسمها حين سكتت، ويدافع عنها حين تخلّت عن نفسها.
لم يتردد في قول الحق، ولم يساوم على العدل، فوقف شامخًا في وجه التيار، متحديًا كل الضغوط، مؤمنًا أن الكلمة الصادقة قد تزلزل العالم أكثر من أي صاروخ.
في الوقت الذي غابت فيه المواقف، كان هو الموقف.
وحين انحنى البعض أمام المصالح، بقي هو ثابتًا كجبلٍ أردنيّ لا تهزّه العواصف.
كان يتحدث بلغةٍ تلامس الضمير الإنساني قبل السياسي، ويخاطب العالم بخطابٍ لا يُمكن للعقل الحرّ إلا أن يصغي إليه.
"لن يكون الأردن بوابةً لتهجير الفلسطينيين، ولن نقبل بأن تُختزل فلسطين في غزة.”
بهذه الكلمات، أعلن هذا القائد أن في الأمة من لا يزال وفيًّا لتاريخها، وأن في الأردن من لا يتنازل عن مواقفه ولا يبدّل ثوابته.
كلماته لم تكن مجرد تصريح سياسي، بل كانت وثيقة شرفٍ عربيّ، أعادت رسم صورة العروبة في زمنٍ اهتزّت فيه القيم.
الصحافة العالمية أصغت، والعدوّ ارتبك، حتى صحيفة هآرتس العبرية اعترفت بأن هذا الزعيم كان الأشدّ تأثيرًا على الرأي العام العالمي، لأنه واجه إسرائيل بالحقيقة لا بالشعارات، وبالمنطق لا بالصراخ.
لقد خاض معركةً من نوعٍ مختلف.
معركةً لا يُطلق فيها الرصاص، بل تُطلق فيها المواقف، ولا تُكسب فيها الأراضي، بل تُستعاد فيها الكرامة.
كان يقف في وجه الظلم، يحارب الزيف بالكلمة، ويرفع راية العدالة حين سقطت من أيدي الكثيرين.
ومع كل خطابٍ، كان العالم يسمع صوتًا يحمل نَفَسَ الثورة العربية الكبرى، وإرث الهاشميين في نصرة الحق والدفاع عن المظلومين.
ومع كل موقفٍ، كان الأردنيون والعرب يرون فيه صورة الزعيم العربي الحقيقي الذي لم يُبدّل ولم يُساوم، وظلّ وفيًّا لقضية الأمة الأولى: فلسطين.
وفي النهاية... حين يبحث المرء عن اسم هذا البطل العربي، سيجد أنه ليس مجهولًا، ولا بعيدًا عن القلب.
إنه الملك عبدالله الثاني ابن الحسين — بطل الموقف العربي في معركة غزة.
ملكٌ لم يرفع راية الحرب، بل راية الكرامة.
لم يطلب المجد، لكنه صنعه بمواقفه.
حمل فلسطين في ضميره، والقدس في قلبه، والكرامة العربية على كتفيه، فكان صوت الأمة حين صمتت، ونبضها حين خمدت، ودرعها حين انكشفت.
سيكتب التاريخ أن في زمن غزة، وُجد ملكٌ عربيّ هاشميّ حمل أمانة العروبة والإنسانية، وقال للعالم أجمع:
"إن الأردن لا يساوم، وإن فلسطين لا تُنسى، وإن الكرامة لا تُشترى.”
ذلك هو البطل الحقيقي... جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، بطل الموقف العربي وصانع المجد في زمن الصمت.