عبد الهادي راجي المجالي يكتب... أسأل الله أن يشفي عاطف الطراونة

القبة نيوز - أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيه شفاءً لا يغادر سقماً، اللهم آمين يا رب العالمين، يا مجيب الدعاء، يا غافر الذنب، يا قابل التوب، يا الله.
هكذا تكون الكلمات الصادقة والحروف العذبة.. عاطف…يقاتل الآن عاطف الطراونة المرض، وهي ليست المعركة الأولى في حياته... وسينتصر حتماً. حين كان يتحدث، كان يذكرني بلهجة جدتي التي رحلت قبل (30) عاماً. عاطف هو الذي امتلك المال والسلطة، لكن رصيده الأكبر كان في الهوية الكركية. بالرغم من كل ما مر عليه، ظل مثل الكرك، يغير ولا يتغير... كأن وجهه في لحظة يشبه الغروب على السفح الجنوبي لقلعتها. ولا أكذب إن قلت إنه في الحياة السياسية كان جبلاً، وفي ذات الوقت كانت نسمة سكرى لعذوبتها تجرح الخد.
ورث من والده شركة، وطورها مع إخوته... بمعنى: أنه جاء للنيابة ولرئاسة مجلس النواب بقوى الدفع الذاتي. لا سفارات أعجبت به، ولا مؤسسات (أن جي أوز) دعمته، ولا علاقات نسب ومصاهرة دفعته. هكذا صعد تحدياً للطبيعة... يشبه تماماً تلك النباتات العطرية التي تصعد في الربيع فوق التراب الكركي، تصعد هكذا من دون زراعة ولا تقليم ولا بذار تنثر بعكس الريح. وتطوف العجائز الهضبات باحثة عنها، وتعتبرها علاج كل أمراض العمر، بما فيها داء الحب. نحن أيضاً نعالج جروح العاشق بالميرمية، فالنباتات في الكرك هي الأخرى تُروى بالعشق... ولولا العشق ما نبتت شجرة هناك.
أنا أحب تلك النماذج، التي تصعد للذرى بقوى الدفع الذاتي، ولا تغير أو تبدل جلدها. لا تنقل البندقية من كتف لكتف، ومظلتها في الحياة الوطن فقط، لا تستظل بتنظيم ولا بارتباط خارجي. حتى حين تغضب، يكون في غضبها نكهة حنان... وعاطف في حياته لم ينتج خصومة دائمة، بل أنتج وداً ومحبة دائمة.
(أبا الليث)... ستنتصر على مرضك، أنا أعرف ذلك. وحين تعود للدار القديمة في الكرك، ستأتيك عجوز من (الطراونة) وستقرأ على رأسك المعوذات وتهمس في أذنك قائلة: إن المرض هو نتيجة لعيون الحساد، شاهدوك ولم يقولوا (ما شاء الله). استمع لها ودعها تقرأ، فصوتها أحن من صوت قطرات المطر على أرض تيبست بعد أن نسيها الشتاء ولم يمر. وصدقني يا ابن العم أن عيونهن وأدعيتهن أفضل من كل علاجات الدنيا، فنحن ورثة مؤتة... ورثة السيف والدم والصرخات المؤمنة، وترابنا يحتضن جعفر الطيار. أي عزة ومهابة تلك التي منحها الله للكرك، حين وقع الكبرياء قراراً مفاده: أن يكون تراب الكرك مستقراً أخيراً لجسد جعفر.
ستعود عاطف الذي يقف على المنسف، ولحظة أن ينهي طعامه يشعل سيجارته... وستعود عاطف (أبو عين حمرا)... ستعود ذاك الفتى، الذي جرحته العاديات ولكنه أفاق من نزفه... ووقف على تلة في الكرك، وأنشب أظافره في المدى... وقال للريح: أن ابن هذا التراب.
سلامتك (أبو الليث).
عبدالهادي راجي المجالي