هل مدة الجلوس أمام الشاشات مرتبطة بأفكار الانتحار لدى المراهقين؟
القبة نيوز-يحاول العديد من الآباء حماية أطفالهم من المخاطر النفسية، مثل التفكير في الانتحار، التي قد تنجم عن استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، عن طريق تقليل الوقت الذي يقضونه أمام الشاشات.
لكن دراسة جديدة أجرتها جامعة روتجرز في نيو برونزويك تكشف عن نتائج مغايرة، حيث أظهرت أن العامل الأكثر تأثيرًا ليس مدة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بل نوعية المحتوى والتجارب التي يمر بها المراهقون أثناء تفاعلهم مع هذه المنصات.
في مقال نشرته مجلة Journal of Child Psychology and Psychiatry، ذكرت جيسيكا هاميلتون، أستاذة علم النفس في كلية الآداب والعلوم، أن الوقت الذي يقضيه المراهقون على الشاشات لا يبدو له تأثير كبير على ظهور أفكار انتحارية لديهم. بدلاً من ذلك، يُظهر البحث أن نوع المحتوى الذي يتفاعل معه المراهقون والتجارب التي يخوضونها هي العوامل المؤثرة بشكل أكبر.
وأضافت هاميلتون: "لا يبدو أن الوقت الذي يقضيه المراهق على وسائل التواصل الاجتماعي يعد مؤشرًا قويًا للتفكير في الانتحار. وبالتالي، من المهم أن نركز أكثر على كيفية تأثير هذه الوسائل على مشاعر المستخدمين."
وأشارت إلى أن هذه النتائج تطرح ضرورة إعادة النظر في طرق حماية الأطفال على الإنترنت. يمكن للآباء مناقشة تجارب أبنائهم على وسائل التواصل الاجتماعي، بينما يجب على صناع السياسات تحسين الميزات التي تشجع على التواصل الإيجابي. فوسائل التواصل الاجتماعي تظل وسيلة أساسية لتفاعل المراهقين، وقد يؤدي منع استخدامها إلى حرمانهم من تجارب إيجابية قد تحميهم من التفكير في الانتحار.
ولتقييم تأثير التجارب الإيجابية (مثل المحتوى الذي يترك شعورًا بالدعم أو الإلهام أو التشجيع) والسلبية (مثل المحتوى الذي يسبب الحزن أو الاستبعاد أو الشعور بالنقص، مثل التنمر الإلكتروني) على التفكير في الانتحار، طور الباحثون دراسة لقياس أنماط استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والاستجابات العاطفية لدى المراهقين.
شملت الدراسة 60 مراهقًا تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عامًا من مختلف أنحاء الولايات المتحدة، حيث أكملوا استبيانات ثلاث مرات يوميًا حول مشاعرهم تجاه المحتوى الذي تعرضوا له، وهل تراودهم أفكار انتحارية. كما أُجريت استبيانات أسبوعية لقياس الوقت الذي يقضونه على وسائل التواصل الاجتماعي.
أظهرت نتائج الدراسة أنه في الأيام التي أبلغ فيها المراهقون عن تجارب سلبية متكررة على وسائل التواصل الاجتماعي، كان لديهم احتمال أعلى للإبلاغ عن أفكار انتحارية. وفي المقابل، كانت التجارب الإيجابية مرتبطة بتقليص احتمال التفكير في الانتحار. ولم يظهر أي تأثير واضح للوقت الذي يقضيه المراهقون أمام الشاشات على هذه الأفكار.
ويخلص الباحثون إلى أن النتائج تشير إلى أن التركيز يجب أن يكون على نوعية التجارب التي يمر بها المراهقون أثناء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بدلاً من تقليص الوقت الذي يقضونه على هذه المنصات.