حقنة نصف سنوية قد تساعد بالقضاء على الإيدز.. هل تصل إلى كل من يحتاجها؟
القبة نيوز- تتكثّف حملات التوعية في أنحاء العالم في الأول من ديسمبر/ كانون الأول، اليوم العالمي للإيدز، حيث قدّر برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز، عدد الوفيات بسبب المرض خلال العام الماضي بـ630 ألف حالة.
وبحسب البرنامج، فإنّ هذا العدد كان في أدنى مستوياته منذ أن بلغ ذروته عام 2004، في مؤشر إلى أنّ العالم الآن عند "مفترق طرق تاريخي" ويمتلك فرصة لإنهاء الوباء.
وتتجدّد الآمال في القضاء على مرض الإيدز، بوصول العلم إلى ما سمّي "أقرب لقاح" على الإطلاق ضد فيروس الإيدز.
وفي دراسة أجريت على النساء، أثبتت الحقنة نصف السنوية فعاليتها بنسبة 100% في الوقاية من الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية. كما أظهرت النتائج التي نُشرت الأربعاء الماضي، أنّها كانت فعالة أيضًا عند الرجال.
وقالت ويني بيانييما، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز، لوكالة أسوشييتد برس: "إنّ الحقنة تفوّقت حتى الآن على أي وسيلة وقائية أخرى لدينا، وهو أمر غير مسبوق"، لكنّها أوضحت أنّ قدرة العالم على وقف المرض تتوقّف على استخدامه في البلدان المعرّضة للخطر.
بدوره، قال الدكتور سالم عبد الكريم، خبير الإيدز في جامعة كوازولو ناتال بجنوب إفريقيا: إنّ "القطعة المفقودة في اللغز الآن هي كيفية إيصال هذه الحقنة إلى كل من يحتاج إليها".
هل ستكون الحقنة متاحة لجميع المرضى؟
أعلنت شركة الأدوية "جيلياد" التي تُنتج الحقنة، أنّها ستسمح ببيع نسخ عامة رخيصة الثمن في 120 دولة فقيرة تُعاني من ارتفاع معدلات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، معظمها في إفريقيا وجنوب شرق آسيا ومنطقة البحر الكاريبي.
لكنّها في الوقت نفسه، استبعدت كل دول أميركا اللاتينية تقريبًا، حيث المعدلات أقلّ بكثير ولكنها في ازدياد، ما أثار مخاوف من أنّ العالم يُضيّع فرصة حاسمة لوقف انتشار المرض.
يُباع الدواء المسمّى "lenacapavir" بالفعل تحت الاسم التجاري "Sunlenca"، لعلاج عدوى فيروس نقص المناعة البشرية في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا وأماكن أخرى.
وتُخطّط الشركة للحصول على ترخيص قريبًا لاستخدامه للوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية.
وهناك طرق أخرى للحماية من العدوى، حيث يقول الخبراء إنّ جرعتين من "Sunlenca" في السنة، ستكون مفيدة بشكل خاص للأشخاص المهمّشين الذين غالبًا ما يخشون طلب الرعاية، بما في ذلك المثليين وبائعي الهوى والفتيات الصغيرات في السن الذين يخشون من الوصمة الاجتماعية في مجتمعاتهم.
وقالت الدكتورة ألما مينيرفا بيريز: "في بلدان أميركا اللاتينية، لا يزال هناك الكثير من الوصمة، حيث يخجل المرضى من طلب الحبوب اليومية للوقاية من المرض".
في المكسيك مثلًا، وبينما يتمّ توفير الحبوب اليومية للوقاية من فيروس الإيدز مجانًا عبر نظام الصحة العامة في البلاد منذ عام 2021، لا يُعرف مدى توفّر اللقاحات من خلال نظام الرعاية الصحية في البلاد.
كما رفض مسؤولو الصحة التعليق لوكالة "أسوشييتد برس"، على أي خطط لشراء شركة "Sunlenca" لمواطنيها.
وقالت بيانييما: إنّ دولًا أخرى إلى جانب المكسيك، استُبعدت أيضًا من صفقة الأدوية الجنيسة، بما في ذلك البرازيل والبيرو والأرجنتين.
واعتبرت أنّ حرمانهم الآن من الدواء "أمر غير معقول".
وفي هذا الإطار، أرسلت 15 مجموعة مناصرة في البيرو والأرجنتين والإكوادور وتشيلي وغواتيمالا وكولومبيا كتابًا إلى شركة "جيلياد" الخميس، تطلب فيها إتاحة عقار "صنلينكا" في أميركا اللاتينية، مشيرة إلى عدم المساواة "المثير للقلق" في الوصول إلى أدوات الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية الجديدة، بينما ترتفع معدلات الإصابة.
ماذا عن الدواء الجنيس؟
وفي حين أن دولًا مثل النرويج وفرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة دفعت أكثر من 40 ألف دولار سنويًا لشراء حقنة "Sunlenca"، قدّر الخبراء أنّه يُمكن إنتاجه مقابل 40 دولارًا لكل حقنة، بمجرد توسيع إنتاج الدواء الجنيس له، ليُغطي 10 ملايين شخص.
وقال الدكتور كريس بيرر، مدير معهد الصحة العالمية في جامعة ديوك: إنّه سيكون من المفيد للغاية إتاحة "صنلينكا" في البلدان الأكثر تضررًا في إفريقيا وآسيا.
لكنّه أشار إلى أنّ ارتفاع معدلات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية بين المجموعات، بما في ذلك المثليين والمتحوّلين جنسيًا، يُشكّل "حالة طوارئ صحية عامة" في أميركا اللاتينية.
كما استبعدت شركة "Viiv Healthcare"، معظم دول أميركا اللاتينية عندما سمحت بالأدوية الجنيسة للوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية في نحو 90 دولة.
وتُباع هذه الحقنة التي تعطى كل شهرين تحت اسم "Apretude"، وهي فعّالة بنسبة تتراوح بين 80% و90% في الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية. كما أنّها تُكلّف نحو 1500 دولار سنويًا في البلدان المتوسطة الدخل، وهو ما يتجاوز ما يستطيع معظم الناس دفعه.
وقالت آسيا راسل، المديرة التنفيذية لمجموعة "هيلث غاب": إنّه مع وجود أكثر من مليون إصابة جديدة بفيروس نقص المناعة البشرية على مستوى العالم سنويًا، فإن طرق الوقاية المعمول بها ليست كافية.
وحثّت دولًا مثل البرازيل والمكسيك على إصدار "تراخيص إلزامية"، وهي آلية تقوم فيها الدول بتعليق براءات الاختراع في الأزمات الصحية.
وتبنّت بعض البلدان هذه الآلية في علاجات فيروس نقص المناعة البشرية السابقة، بما في ذلك في أواخر التسعينيات والعقد الأول من القرن الـ21، عندما تم اكتشاف أدوية الإيدز لأول مرة.
وفي الآونة الأخيرة، أصدرت كولومبيا أول "ترخيص إلزامي" على الإطلاق للعلاج الرئيسي لفيروس نقص المناعة البشرية "تيفيكاي" في أبريل/ نيسان الماضي، دون الحصول على إذن من شركة الأدوية "فيف".