بالدليل العلمي.. متلازمة التعب المزمن حقيقية
القبة نيوز - علماء يبحثون في الأمراض غير المفهومة يتوصلون إلى اختلافات دقيقة في أدمغة المرضى وجهازهم المناعي لأول مرة
لسنوات عديدة، تم تجاهل متلازمة التعب المزمن باعتبارها شكوى تتعلق بالحالة النفسية، ولكن، بحسب ما نشرته "ديلي ميل" البريطانية نقلًا عن دورية Nature Communications، فإن بحثًا جديدًا أكد أن المرض – الذي يُطلق عليه أيضًا التهاب الدماغ والنخاع العضلي، الذي يُشار إليه اختصارًا بـME، حقيقي.
تطابق الفكرة والقدرة
اكتشف العلماء، لأول مرة، اختلافات رئيسية في أدمغة مرضى متلازمة التعب المزمن وجهازهم المناعي. وتشير النتائج إلى أن التعب الناتج عن هذه الحالة التي أثارت الجدل، والتي يمكن أن تكون موهنة، يرجع فقط إلى "عدم التطابق" بين ما يعتقد دماغ المريض أنه يمكنه تحقيقه وما يستطيع جسمه تحقيقه بالفعل.
تجارب على مدى 5 سنوات
ويأمل الخبراء أن يؤدي اكتشاف العلماء في المعاهد الأميركية الوطنية للصحة إلى تطوير علاجات للحالة غير القابلة للشفاء حاليًا.
وأجرى العشرات من العلماء تجارب متعددة على مدى خمس سنوات على 17 مريضا، وقارنوا نتائجهم مع 21 شخصا بصحة جيدة متطابقين حسب العمر والجنس ومؤشر كتلة الجسم BMI.
وشملت الدراسة إجراء فحوص التصوير بالرنين المغناطيسي للأشخاص الذين طُلب منهم إجراء اختبارات متكررة حيث أمسكوا بجهاز لقياس كيفية استجابة أدمغتهم للتعب.
الوصل الصدغي والسائل الشوكي
وأظهر مرضى متلازمة التعب المزمن نشاطًا أقل في الوصل الصدغي الجداري، وهو جزء من مفتاح الدماغ لبذل الجهد.
وعلى هذا النحو، يرى الخبراء أن الاضطراب في هذه المنطقة هو السبب وراء الإرهاق الشديد. كما قام العلماء بمقارنة عينات السائل الشوكي بين مجموعتي المرضى ووجدوا مرة أخرى اختلافات رئيسية.
الجهاز المناعي
وكشفت مقارنة أجهزة المناعة أن مرضى متلازمة التعب المزمن لديهم مستويات أقل من خلايا الذاكرة B، وهي جزء من الجهاز المناعي المصمم لتذكر المواد الغريبة، مثل البكتيريا أو الفيروسات، لضمان حصول الجسم على حماية طويلة الأمد وعدم تعرضه لخطر الإصابة بالمرض بشكل متكرر في كل مرة يواجهها الشخص.
نقطة محورية فسيولوجية
وقال الدكتور أفيندرا ناث، خبير علم المناعة العصبية في المعاهد الأميركية الوطنية للصحة والباحث الرئيسي في الدراسة: "نعتقد أن التنشيط المناعي يؤثر على الدماغ بطرق مختلفة، مما يسبب تغيرات كيميائية حيوية وتأثيرات مثل الخلل الحركي واللاإرادي والقلب التنفسي".
وأضاف زميله الباحث الدكتور بريان واليت: "ربما حددنا نقطة محورية فسيولوجية للإرهاق لدى هذه الفئة من الأشخاص"، موضحًا أنه "بدلاً من الإرهاق الجسدي أو الافتقار إلى الحافز، ربما ينشأ الإرهاق من عدم التوافق بين ما يعتقد الشخص أنه قادر على تحقيقه وما تؤديه أجساده."
بحث مطلوب بشدة
وتعطي النتائج الدراسة أملًا في أنه يمكن التوصل إلى علاجات جديدة للمتلازمة، كما أشاد الخبراء بالدراسة باعتبارها بحثًا شاملاً مهمًا ومطلوبًا بشدة لهذه الحالة التي لا تزال غير مفهومة جيدًا.
وقال الدكتور كارل مورتن، الباحث في متلازمة التعب المزمن من جامعة أكسفورد، إن النتائج تثير المزيد من الأسئلة التي تحتاج إلى التحقيق، مضيفًا أنه "يبدو أن الدماغ هو الذي يقود استجابة المريض، مما يطرح السؤال الكبير: هو لماذا؟ هل لا يزال هناك شيء ما يحدث ونحن لسنا على علم به بعد".
نتائج واعدة ولكن
وحذر علماء آخرون من أن البيانات، على الرغم من أنها واعدة، إلا أنها "غير قادرة على تسليط الضوء على الأسباب"، حيث قالت الدكتورة كاثرين سيتون، عالمة الأبحاث في معهد كوادرام للعلوم البيولوجية، إن الدراسة الجديدة تمثل تحولاً مرحبًا به في الأبحاث المتعلقة بمتلازمة التعب المزمن، لكن "من الناحية التاريخية، ركزت الدراسات التي تبحث في أمراض ME/CFS في كثير من الأحيان على جوانب فردية من المرض".
عدوى فيروسية أو بكتيرية
أصيب جميع مرضى متلازمة التعب المزمن، الذين شاركوا في الدراسة، بمتلازمة التعب المزمن بعد الإصابة بعدوى فيروسية أو بكتيرية، والتي تعتبر أي منهما مجرد محفز نظري للمتلازمة. وتشمل المشاكل الأخرى مشاكل في الجهاز المناعي، أو خلل في الهرمونات، أو عامل خطر وراثي.
تعافٍ تلقائي
وفي غضون أربع سنوات من انتهاء الدراسة، تعافى أربعة مرضى تلقائيا. ولم تتم مناقشة أي أسباب لذلك، أو إذا عاد هؤلاء المرضى إلى أي نتائج محددة في الدراسة.
الأعراض الأكثر شيوعًا
تختلف أعراض متلازمة التعب المزمن من مريض لآخر وبمرور الوقت. وتشمل الأعراض الأكثر شيوعًا التعب الجسدي والعقلي الشديد الذي لا يختفي مع الراحة، بالإضافة إلى مشاكل في النوم والتفكير والذاكرة والتركيز.
وتشمل الأعراض الأخرى آلام العضلات أو المفاصل، والتهاب الحلق، والصداع، وأعراض تشبه أعراض الأنفلونزا والدوخة والغثيان، بالإضافة إلى ضربات القلب السريعة أو غير المنتظمة.
الحالات المعتدلة والشديدة
في حالاته المعتدلة، يستطيع المصابون بمتلازمة التعب المزمن أداء الأنشطة اليومية بصعوبة، ولكن قد يضطرون إلى التخلي عن الهوايات والأنشطة الاجتماعية من أجل الراحة.
ويكون مرضى متلازمة التعب المزمن الأكثر خطورة ملازمين للفراش بشكل أساسي وقد يتلقون الرعاية بدوام كامل غير قادرين على إطعام أنفسهم أو حتى الذهاب إلى المرحاض دون مساعدة.