علماء بإنجلترا يحققون اختراقا مذهلا يمهد للكشف عن أعظم أسرار الكون
القبة نيوز - تم قياس قوة الجاذبية على جسيم معدني يزن 43 جزءا من مليون من الكيلوغرام
حقق باحثون من جامعة مدينة "Southampton" بساحل إنجلترا الجنوبي، قفزة عملاقة نحو إثبات خطأ نادر اكتشفوه، وارتكبه الموصوف بأنه "دائما على حق" وهو ألبرت أينشتاين، الراحل في 1955 بعمر 76 عاما، وصاحب نظريتي النسبية الخاصة والنسبية العامة، فقد تمكنوا من قياس تأثير الجاذبية على جسيم صغير جدا، ما يمهد الطريق لكشف أسرار "الجاذبية الكمومية" والتعرف إلى كثير من أعظم أسرار الكون، وهو اختراق مذهل، له توابع ويحدث لأول مرة.
والذي تمكن منه العلماء، وفق دراسة لهم، نشرتها مجلة "Science Advances" الخميس، واطلعت "العربية.نت" على ملخصها في ما نشرته صحيفة "التايمز" البريطانية، هو قياس قوة الجاذبية على جسيم معدني يزن 43 جزءا من مليون من الكيلوغرام، أو 0.43 ملليغرام "وهي أصغر كتلة تم تسجيلها على الإطلاق" وحطمت الرقم القياسي السابق، والذي كان جسيمه بوزن أكثر من 200 مرة، عند 90 ملليغرام.
والمعروف للفيزيائيين وغيرهم من العلماء، أن أينشتاين لم يكن يعتقد أن بالإمكان اختبار تأثيرات الجاذبية على المستوى دون الذري، لكن العلماء الذين يقفون وراء الدراسة الجديدة واثقون من أنهم سيكونون قادرين على توسيع نطاق طريقتهم إلى حوالي 1000 مرة أصغر للوصول إلى هذا المقياس الصغير في 5 إلى 10 سنوات. أما الفيديو المعروض أدناه، فيشرح عن جاذبية أينشتاين ما أمكن.
وتصف نظرية النسبية العامة لأينشتاين كيف تتصرف الأجسام الضخمة، مثل النجوم والمجرات والثقوب السوداء على نطاق واسع من الجاذبية والفضاء والزمن، أي "الزمكان" اختصارا، فيما تصف ميكانيكا الكم كيف تتصرف الجسيمات الصغيرة مثل الإلكترونات والبروتونات والنيوترونات والفوتونات على المقياس الضئيل للجسيمات دون الذرية.
علما أن أحد أعظم المهام في العلوم هو إيجاد طريقة للدمج بين هذين المجالين من الفيزياء، لأنه يمكن بالنسبة لثلاث من 4 قوى أساسية تتحكم بالطبيعة: النووية القوية والنووية الضعيفة والكهرومغناطيسية، تفسير الطريقة التي تعمل بها على المقياس دون الذري أو الكمي، فيما كان الثابت "استحالة" القيام بذلك بالنسبة للقوة الرابعة، وهي الجاذبية، لذلك يمكن عبر فهم "الجاذبية الكمية" معرفة ما يحدث داخل الثقوب السوداء أو ما يؤدي إلى خلق الطاقة المظلمة.
برودة الصفر المطلق
وكان الباحثون أنشأوا جسيما مغناطيسيا يزن 0.43 mg أو 43 جزءا من الألف من الغرام، صنعوه من عنصر "Neodymium" الكيميائي، وهو "فلذي" نادر، رمزه ND وعدده الذري 60 بالجدول الدوري، وجعلوه يحلق داخل مجال مغناطيسي عند حرارة بلغت 273 مئوية تحت درجة التجمد، أي جزء من 100 من الدرجة فوق أبرد درجة، أي الصفر المطلق، وأدى هذا إلى تقليل تأثير جميع القوى الأخرى إلى الحد الأدنى للتركيز فقط على تأثير الجاذبية، ثم وضعوا وزنًا يبلغ 2.4 كغم على مسافة متر واحد تقريبا، وكان الهدف هو استخدام قوة الجاذبية الصغيرة الناتجة عن وزن 2.4 كغم لجذب الجسيم البالغ وزنه 0.43 ملغم. وللقيام بذلك، قاموا بضبط الجسيم الصغير على التذبذب وتنسيق الوزن البالغ 2.4 كغم ليتأرجح بالتردد نفسه.
وباستخدام مبدأ مماثل، استخدم العلماء وزن 2.4 كغم لتضخيم تذبذبات الجسيم الوازن 0.43 مغم، وسجلوا قوة قدرها 30 "Attonewton" المعروف كقوة لازمة لتسريع كتلة مقدارها 1 كغم بمعدل متر واحد في الثانية/ وكل ثانية، أي أن كل "أتونيوتن" هو واحد على 5 أو واحد على مليار من مليار من مقدار هذه القوة.
ومما قاله البروفسور "Tim Fuchs" المؤلف الرئيسي للدراسة، إن العلماء حاولوا وفشلوا طوال قرن مضى، بفهم كيفية عمل الجاذبية وميكانيكا الكم معا. والآن نجحنا بقياس إشارات الجاذبية عند أصغر كتلة تم تسجيلها على الإطلاق، واقتربنا خطوة من إدراك كيفية عمل الجاذبية جنبا إلى جنب، ومن هنا سنبدأ بتقليص حجم المصدر باستخدام هذه التقنية لنصل إلى العالم الكمي على كلا الجانبين. ومن خلال فهم الجاذبية الكمومية، يمكننا حل بعض أسرار الكون، ومنها كيف بدأ، أو ما يحدث في ثقب أسود، أو توحيد كل القوى بنظرية واحدة".
وردا على سؤال حول متى سيتمكن العلم من اكتشاف الجاذبية على المستوى الكمي، قال المؤلف "Hendrik Ulbricht" المشارك للدراسة: "آمل أن يكون ذلك خلال 5 سنوات، لكني متأكد أن ذلك سيحدث خلال 10 سنوات" بحسب ما يتفاءل.