مواقع الصحافة الإلكترونية بين الممارسة المهنية لبعضها وغياب أخلاقيات المهنة للبعض الآخر
كتب حسين الخالدي
المواقع الإلكترونية هي وريثة الصحف الأسبوعية والتي أنتشرت خلال العقديين الماضيين والتي ما زالت تزداد في الآونة الأخيرة بشكل كبير، مما أنتج ذلك التزايد تبايناً في المحتوى ودرجة المهنية، إذ أصبح يرافق هذا التزايد إشكاليات عديدة أبرزها أنحراف الرسالة الصحفية السامية عن أدوارها وأخلاقياتها والتي كانت هي الميثاق الأول الذي نشأت عليه منذ إنطلاقتها، وايضا أزدياد حجم الفراغ القانوني لمعظم العاملين في تلك المواقع والتي أصبحت تستقطب جميع الثقافات والمستويات التعليمية للعاملين في تلك المواقع دون إعطاء الأولوية في العمل لخريجي تخصص الصحافة والإعلام، مما أنتجت تلك الممارسات، صحافة ضعيفة غير مهنية ومبنية على التضليل واغتيال الشخصية ضاربة بعرض الحائط أخلاقيات وادبيات مهنة الصحافة المقدسة.
إن هذا الفراغ المهني لدى بعض المواقع الإلكترونية قد يساهم بتعميق الفوضى التي نعيشها بالوسط الصحفي وازدياد ضعف التقيد بقواعد الكتابة الصحفية والمصداقية في نشر الأخبار والمعلومات، والتي أصبحت تتداخل مخرجاتها مع مخرجات مواقع التواصل الإجتماعي مما أنتج بيئة خصبة لانتشار الشائعات بشكل كبير وسريع.
الصحافة الإلكترونية وعلى الرغم من حداثة نشأتها في العالم العربي، بدأت تشهد العديد من المشاكل ولعل أهمها تعاظم هشاشة بنية أخلاقيات المهنة لمعظم الصحف الإلكترونية في سياق تراجع صرامة والتزام الإدارة التحريرية، حيث أصبح إنتاج المحتوى يخضع لشبكة متشعبة من المشاركين الجدد (المدونين، نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي، محتضني الموقع...إلخ) الذين لم يكن لهم حضور في بنية الصحافة المهنية والتقليدية.
فقد حوَّلت فوضى الممارسة الإعلامية والصحفية خاصة من يطلق عليهم بصحافة الهواة وصحافة اللجوء إلى حقل للاستنساخ غير المشروع، كما أن الابتزاز والتشهير من أجل الكسب والتربح أفقد هذا الصنف من الإعلام مصداقيته واستقلاليته ونزاهته.
لقد أحدثت الصحافة الإلكترونية تغييرات ضخمة في صناعة الإعلام وخلقت أنماطا إعلامية جديدة ولكن لم تساهم جميع تلك التغيرات بخلق محتوى صحفي مهني يضاهي عمل الصحف الورقية، في ظل وجود ثورة المعلومات التي تنتجها مواقع التواصل الإجتماعي التي تهتم بسرعة نشر المعلومات دون التحقق والتدقيق في مستوى مصداقيتها.
مراقبين للمشهد الحالي يتسألوا لماذا لايتم ضبط تلك الفوضى والعشوائية في العمل الصحفي لبعض المواقع الإخبارية مجهولة الحسب والنسب، وإلى متى سوف تبقى مهنة الصحفي أو الإعلامي مفتوحة لمن يمتلك المال أو العلاقات الشخصية ويفتقد للمهنية والتقيد بأدبيات مهنة الصحافة، كل هذه التساؤلات والتقصير من الجهات الرقابية تجعلنا نطالبها بإعادة تنظيم هذا الوسط ، وتعديل القوانين الناظمة بوسائل الإعلام كافة لتعيد لمهنة الصحافة السامية هيبتها وأستقلاليتها بعيداً عن الدخلاء و نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي والهواة ومتسولي العمل الصحفي.