بايدن العرب
محمد حسن التل
القبة نيوز- ربما كان فرح الكثير من العرب بنجاح الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن أكثر من أنصار بايدن أنفسهم، وذلك لشعورهم الذي غلب عليه العاطفة بأنه قادم من أجلهم فقط، وأنهم تخلصوا من سنوات أربع عجاف، مارس خلالها ترمب أقصى أنواع الابتزاز لهم في كرامتهم وثرواتهم وحقهم في فلسطين؛ حيث انحاز انحيازا عميقا إلى إسرائيل وحقق لقادتها ما كانوا يحلمون به منذ عقود طويلة، سواء بنقل سفارة بلاده إلى القدس وكانت هذه خطوة خطيرة مكرسا ملكية القدس لليهود، أو شرعنة المستوطنات في الضفة الغربية، وموافقة على ضم الجولان السوري وإلغاء مبدأ حل الدولتين، إضافة إلى نهبه مئات المليارات من خزائن العرب بكل عنجهية وغرور، الأمر الذي شكل لهم كابوسا ثقيلا امتد لأربع سنوات، خصوصا عند محور الاعتدال العربي التاريخي؛ حيث نسف ترمب كل الجهود التي بذلها هذا المحور عبر سنوات طويلة في محاولة إقناع كل الأطراف المعنية بضرورة قيام السلام الحقيقي في المنطقة، بل أدار الرجل ظهره لهذا المحور، وأخذ اتجاها آخر وتعامل مع جهات في المنطقة كانت لا تملك أي ثقل سياسي، مما خلط الأوراق كلها ونسف كل معادلات السلام في منطقة الشرق الأوسط.
لم يمر على أميركا رئيس مثل نموذج الرئيس ترمب، حيث يؤمن بالتجارة أكثر من السياسة، ويعلن انحيازه التام لفكرته، ولم يتردد يوما طيلة فترة ولايته أن يصطدم بأي مؤسسة من مؤسسات القرار الأميركي في سبيل تنفيذ ما يريد، فصنع لأميركا أعداء في العالم لم يكونوا يوما على طرف النقيض للولايات المتحدة.
أما فيما يخص الرئيس المنتخب بايدن، فيجب أن نكون عقلانيين في التوقعات مما سيفعله لترتيب الأوراق الأميركية، سواء ما يخص الشرق الأوسط أو العالم؛ فهو بالنهاية لن يخرج على الحلف الاستراتيجي الأميركي الإسرائيلي، ولن يأمرها بالخروج من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولن يعيد السفارة إلى تل أبيب، ولن يجبرها على إلغاء ضم الجولان، ولن تتوقف إسرائيل عن بناء المستوطنات وقمع الفلسطينيين، ولكنه سيعيد التوازن الأميركي تجاه القضية الفلسطينية كما يفهمه هو ليس كما تفهمها عواطفنا؛ فالرجل - كما هو معروف عن سيرته السياسية- يمتاز بالثقافة العميقة والتجربة السياسية الممتدة، وهو من عمق الكونجرس، المطبخ السياسي الحقيقي للقرار الاميركي وليس كما كان سلفه من خارج الدائرة السياسية، لذلك سيعيد الاعتبار إلى المبادئ الأميركية في المنطقة، وسيوقف تهور القطار الأميركي تجاه إسرائيل بهذا الشكل وسيحيي مبدأ حل الدولتين، كما أنه من المتوقع أن يعود للتعامل المباشر مع محور الاعتدال ورد الاعتبار له لإعادة ترتيب أوراقه في المنطقة.
على الدوائر السياسية العربية ألا تتوقع أكثر من هذا في ولاية بايدن، لأن الرجل ليس كما يتخيل البعض قادم إلى البيت الأبيض من أجل حل القضية الفلسطينية فقط، بل على مكتبه فوضى كبيرة تركها له سلفه على كل المستويات في العالم سواء مع الصين أو روسيا أو إيران أو حتى مع أوروبا، الحليف التاريخي لأميركا، ناهيك عن علاقة الولايات المتحدة مع المؤسسات الدولية التي قطعها الرئيس ترامب، وكذلك الفوضى في الداخل الأميركي على المستوى الاقتصادي والسياسي.
العرب وخصوصا الفلسطينيون يجب أن يعيدوا ترتيب أوراقهم من جديد ويقدموا رؤيا واضحة وواقعية فيما يخص قضاياهم، ليستطيعوا أن يكونوا طرفا فعالا وقويا في المعادلة الأميركية الجديدة.
(الرأي)
لم يمر على أميركا رئيس مثل نموذج الرئيس ترمب، حيث يؤمن بالتجارة أكثر من السياسة، ويعلن انحيازه التام لفكرته، ولم يتردد يوما طيلة فترة ولايته أن يصطدم بأي مؤسسة من مؤسسات القرار الأميركي في سبيل تنفيذ ما يريد، فصنع لأميركا أعداء في العالم لم يكونوا يوما على طرف النقيض للولايات المتحدة.
أما فيما يخص الرئيس المنتخب بايدن، فيجب أن نكون عقلانيين في التوقعات مما سيفعله لترتيب الأوراق الأميركية، سواء ما يخص الشرق الأوسط أو العالم؛ فهو بالنهاية لن يخرج على الحلف الاستراتيجي الأميركي الإسرائيلي، ولن يأمرها بالخروج من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولن يعيد السفارة إلى تل أبيب، ولن يجبرها على إلغاء ضم الجولان، ولن تتوقف إسرائيل عن بناء المستوطنات وقمع الفلسطينيين، ولكنه سيعيد التوازن الأميركي تجاه القضية الفلسطينية كما يفهمه هو ليس كما تفهمها عواطفنا؛ فالرجل - كما هو معروف عن سيرته السياسية- يمتاز بالثقافة العميقة والتجربة السياسية الممتدة، وهو من عمق الكونجرس، المطبخ السياسي الحقيقي للقرار الاميركي وليس كما كان سلفه من خارج الدائرة السياسية، لذلك سيعيد الاعتبار إلى المبادئ الأميركية في المنطقة، وسيوقف تهور القطار الأميركي تجاه إسرائيل بهذا الشكل وسيحيي مبدأ حل الدولتين، كما أنه من المتوقع أن يعود للتعامل المباشر مع محور الاعتدال ورد الاعتبار له لإعادة ترتيب أوراقه في المنطقة.
على الدوائر السياسية العربية ألا تتوقع أكثر من هذا في ولاية بايدن، لأن الرجل ليس كما يتخيل البعض قادم إلى البيت الأبيض من أجل حل القضية الفلسطينية فقط، بل على مكتبه فوضى كبيرة تركها له سلفه على كل المستويات في العالم سواء مع الصين أو روسيا أو إيران أو حتى مع أوروبا، الحليف التاريخي لأميركا، ناهيك عن علاقة الولايات المتحدة مع المؤسسات الدولية التي قطعها الرئيس ترامب، وكذلك الفوضى في الداخل الأميركي على المستوى الاقتصادي والسياسي.
العرب وخصوصا الفلسطينيون يجب أن يعيدوا ترتيب أوراقهم من جديد ويقدموا رؤيا واضحة وواقعية فيما يخص قضاياهم، ليستطيعوا أن يكونوا طرفا فعالا وقويا في المعادلة الأميركية الجديدة.
(الرأي)