لمَ ضقت بِنَا يا وطني؟
احترت وقلمي ونحن على أبواب أن نودع عاماً هرم و ابيضّ شعره وشارف على الرحيل .. هل نذكر لحظات الفرح التي سرقناها من عمره ؟ أم لحظات الحزن التي فرضها عنوة على أعمارنا ؟ ونحن من هللنا ورحبنا بقدومه ونحن نودع العام الذي سبقه علّ القادم يحمل بين أيامه ما نتمنى ...
وازدادت حيرتنا ونحن نسلط الضوء على حصيلة ذلك الزمن الذي ولّى وانقضى بلا رجعة ليسطر في سجله أحداث ووقائع من تاريخنا الإنساني بأشكالها وأنواعها واصدائها التي ستبقى تردد صدى وقعها في عمق ذاكرتنا التي لا تُمحى على كافة الصعد لانها لم تخلُ من القهر والعذابات على المستوى الإنساني ... وتدهورت إلى أدنى مستوياتها على الصعيد السياسي والاقتصادي أيضا... فقدت فيها الإنسانية مضمونها فتجرأ القوي على الضعيف وتبدلت الرحمة بالقسوة واختل ميزان العدل لترجح كفة الفاسدين والمنافقين وأصحاب المصالح الشخصية والولاءات الكاذبة التي لم تكن يوما إلا ولاءات لأنفسهم ومكتسباتهم وتقسيم غنائمهم .. وحيّد الصادق الصدوق والامين والكفء لأنه يسبح عكس تيارهم وأهوائهم ويكشف ويفضح عوراتهم... واحدودب ظهر المواطن من أحمال ثقيلة ألقت بها الحكومات ومجالس النواب المتعاقبة على ظهره بحجة الازمات الاقتصادية التي كان لهم اليد الطولى في وجودها فلم تجد بدّآ لسترعجزها إلا بفرض مزيد من الضرائب ورفع الأسعار عليه لنكون أمام طبقتين لا ثالث لهما طبقة المبشرين من الذوات وابنائهـم وأقربائهـم وانسبائهـم ومن لف لفهم ..أن لا يمسهـم ضيم ولا يخلو مركز مرموق منهم... وهؤلاء بينهم وبين العامة ومعاناتهم وهمومهم واوضاعهم المعيشيه حجاب ... فبات خطابهم وكأنهم من دولة شقيقة أو صديقه جاءوا الينا بقصد السياحة...
وطبقة العامة أبناء الحراثين الذين تقطعت بهم سبل العيش الكريم فضاقت بهم الحياة ..وضاقوا ذرعآ بها ...ومع ذلك لم يشكو حالهم إلا لرب العزة ليحسبهم الناس أغنياء من التعفف .. فمعيار الكرامة عند الفقير لا يجزّأ ..بينما قد يصبح شظايا عند أصحاب المصالح!!
وظلوا رغم ذلك ملح الأرض وحنائها يروونهـا بدمهم الطهور حين يحتاجهم الوطن وشواهد الوفاء كثيرة عليهم وآخرها شهداء الكرك الذين ارتقوا للعليين حين تردد صدى صوت علياء الضمور من قلعتها الشامخة ... ( بالعيال ولا بالأرض والعرض) فرددوا بعالي الصوت أطلب عيال يا وطن واتمنى.. فيما كان الذوات وابناؤهـم يجلسون في بيوتهم التي تشبه القلاع ينعمون بالدفئ ويحاربون على شبكات التواصل الاجتماعي باللايك والشير ويتسائلون أين تقع قريفلا.. والبعض الآخر مشغول بتقسيم غنائم المناصب والمواقع داخل حدود الوطن وخارجه كل حسب اللغات التي يتقنها ودرجة القرابه او الصداقة أو المصلحه من صانع القرار ..
تلك هي الصورة الحقيقية وان كان البعض لا يريد أن يراها ويعتبرها من باب اللوم والقسوة على الوطن أو الجحود ..فيتحفنا وجوقته الموسيقيه بعبارات الولاء والانتماء والأغاني الوطنية التي ما عادت تغني أو تسمن من جوع في هذه المرحلة..فمن يحمل الوطن وشمآ في الروح والقلب يخاف عليه من مشهد مماثل يدور حولنا لا سمح الله نشاهده صبح مساء على نشرات الأخبار سببه الظلم والقهر وعدم العدالة الذى كان أحد الأسباب المستقطبة للشباب للارتماء بحضن المنظمات الإرهابية لأنهم بلا طموح أو مستقبل ..
فليس بالتصفيق والشعارات الرنانة وأنصاف الرجال تُبنى الأوطان ونحافظ عليها ونصونها..
لا بد لنا مع بدء سنة جديده أن نقف وقفة تأمل صريحة ننظر إلى ما تحقق ونبني عليه أن كان خيرآ.. وما أخفقنا به بسبب تراكم أخطائنا وعدم جديتنا في إصلاح حقيقي ما أحوجنا وما أحوجهم إليه حتى لا نقول مع نهاية العام الجديد الذي نستعد لاستقباله ...
لمَ ضقت بنا يا وطني وقد كان حلمنا أن يزول الهم عنا عند بابك ؟ ؟ ؟
ويبقى الأمل في صحوة حقيقية ما دام في كل سنة عام جديد ....
وكل عام وانتم بخير
اخلاص يخلف