facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

القضاة يكتب: الحكومة والكورونا

القضاة يكتب: الحكومة والكورونا

سمير القضاة

القبة نيوز- يقول معروف الرصافي : لا يخدَعَنْكَ هتافُ الناسِ بالوطنِ فالقومُ في السرِّ غيرُ القومِ في العلنِ


على الحكومة التي نَعَمَتْ بمديح الناس لحسنِ إدارتها للأزمة، أن تتذكرَ بأن لا حبَّ دائمٌ، وأن باروميتر الرضا يتبدل بحسب حاجات المواطنين وأولوياتهم.


يبدو من المنحنى البياني لإصابات كورونا في الأردن بأننا استفدنا من خطة الغلق المحكم لكافة القطاعات لأسابيع ثلاثة بأكملها.


وهذا يُحسب للحكومة والشعب يدا بيد، وإذا تمعنّا في الأرقام الصادرة عن إيطاليا وألمانيا، وباعتبار أننا نشكل ما نسبته ثُمن عدد سكان إيطاليا، وعُشر المانيا، وبحسبة بسيطة نستطيع القول بأن الرقم الأقصى المتوقع لعدد الإصابات عندنا لن يزيد عن عشرين ألف حالة، وبما أننا نجحنا في تلافي صدمة العدوى العامة والمجتمعية، واستوعبنا باقتدار الموجة الأولى، واستطعنا حصرها في بعض البؤر والأعداد المحدودة، واطمأنينا نسبياً إلى عدم تكاثر وانتشار تلك البؤر بحيث نصبح في مستوى وباء، فإن علوم الرياضيات والإحصاء تقول بأن العدد الكلي عندنا لن يصل إلى أكثر من خانة 15000 حالة.

وإذا ما أخذنا بعين الإعتبار أننا مجتمع شاب قياسا للأوروبيين، فيمكننا أن نتنبأ بأن نسبة المصابين الذين سيحتاجون لدخول المستشفى للعلاج لن يزيد عن ثلث المصابين، أي 5000 مصاب، وقد نجحت خطة الحكومة في تقسيط العبء والضغط على المستشفيات التي تستطيع بالنهاية استيعاب عدد كهذا.


تتراوح نسبة الوفيات إلى عدد المصابين بين 2% - 11% ، وتتباين النسب بحسب معدلات أعمار المجتمعات ومستوى الرعاية الصحية. وإذا أخذنا نسبة متوسطة بينها، 6% ، فيكون عدد الوفيات - لا قدر الله - 900 وفاة، وهو عدد قريب من وفيات حوادث السيارات السنوية في الأردن.


هل كنا سنقوم بمنع حركة السيارات والناس والشاحنات والأعمال، لأنها تتسبب بحوادث ينجم عنها وفيات وآلاف الإصابات التي تنقل إلى المستشفيات للعلاج ؟!!


قد يبدو كلامي بعيداً عن معاني الإنسانية المطلقَة، ولكن إدارة الأزمات تتطلب بعض التوجهات المؤلمة، لدرء مفاسدَ أعظم، وتحديد أهون الشرور، فقلتُ هما أمرانِ أحلاهما مرُّ. وأعتقد أن الكلفة الأمنية والإجتماعية الناجمة عن هذا الشلل الإقتصادي لاحقاً ستكون فاتورتها أكبر من فاتورة كورونا الصحية، وهذا ما يجب أن يتنبه له صانع القرار، وأما تصريحات الحكومة حول حماية عمال المياومة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة فلا ترتقي لكونها رسائل تطمينات لا تطعم خبزاً.
نحن لا نتدخل في الرأي الطبي للجنة الوطنية للأوبئة، والتي أبلَتْ أحسنَ البلاء، ولكننا نتحدث هنا عن رياضيات وإحصاء واختلالات عميقة ستنخر في جسد المجتمع،
حيث سيفقد الآلاف وظائفهم، ولن تستطيع الدولة حمايتهم ولا دعمهم لاحقا، وما سيتبع ذلك من حالات التفكك الأسري وانتشار للعنف والجريمة.
أقترح هنا على الحكومة أن تسمي القطاعات التي لن يُسمح لها بالعمل وهي التي تحدث فيها تجمعات كبيرة واختلاط محتوم، وليس تسميةَ القطاعات التي سيسمح لها بالعمل، لأننا نظن بأن دورة الإنتاج تتطلب عودة الناس إلى أعمالها في بلد صغير بدأ محاولة الاعتماد الكلي على الذات، والانتقال بالتدريج من دور الدولة الريعيّة.
مثال : يسكن مئات الآلاف من العمالة الوافدة في مناطق وسكنات شعبية ضيقة، وهم يختلطون فيما بينهم ويختلطون في المخابز والمتاجر مع مئات آلاف الأردنيين، بدون تباعد والتزام بتعليمات السلامة، وليس لدينا بيانات عن مدى حصول إصابات بينهم، ويصبح من الأفضل خروجهم إلى الأعمال حيث يكون التباعد بينهم أكبر بحسب طبيعة العمل، ويسهل قيام لجان التقصي الوبائي بعمل فحوصات عشوائية بينهم للتأكد من عدم تفشي الوباء.
وبناء عليه، فإنني أقترح عودة الحياة إلى طبيعتها خلال أسبوع على الأكثر، باستثناء ما يلي :
1. المدارس والجامعات
2. الوزارات والدوائر التي لا تشترك في الشأن الصناعي والتجاري
3.المحاكم
4.دور العبادة
أقول قولي هذا، وأدعو لوطننا الحبيب بالعافية والسلام

سمير القضاة

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير