قرار منع التجول .. وماذا بعد
اللواء المتقاعد مروان العمد
القبة نيوز-في يوم الجمعة الماضي وبعد طول انتظار وبعد الكثير من المطالبات وبعد الكثير من التمهيد فقد اصدر دولة رئيس الوزراء امر الدفاع الثاني الذي ينص على منع التجول في عموم البلاد الا للأشخاص المخولين واعتباراً من الساعة السابعة من صباح يوم السبت . وقبل ان اتحدث عن هذا القرار اريد ان اتحدث عما حصل قبل صدوره وهو إقامة صلاة الجمعة في مسجد الملك الحسين طيب الله ثراه بإمامة وزير الأوقاف بناءاً على فتوى شرعية من دائرة الافتاء للمحافظة على هذه الشعيرة الدينية وبمشاركة أربعين مصلياً من عناصر الخدمات الطبية الملكية باعتبار ان هذا العدد هو الحد الأدنى لإقامة صلاة الجمعة حسب فتوى دائرة الافتاء ، ونقل هذه الصلاة عبر شاشة التلفزيون الرسمي بالرغم من صدور قرار سابق بعدم إقامة الصلوات في الجوامع بما فيها صلاة الجمعة حفاظاً على حياة وسلامة المصلين . و سبب تحفظي على إقامة هذه الصلاة حتى لا يُتخذ ذلك مبرراً لبعض المتشددين الذين يصرون على إقامة هذه الصلاة بالمساجد وذلك بعد ان شاهدت فيديو من داخل احد المساجد يظهر فيه العديد من المواطنين وهم في شجار مع شخص آخر ، هم يصرون على إقامة صلاة الجمعة وهو يحاول ان يقنعهم بعدم فعل ذلك حفاظاً على صحتهم ، ومشاهدتي لفيديو آخر وفيه مجموعة من المواطنين يقومون بأداء صلاة الجمعة امام باب مسجد مغلق وما يمكن ان يسببه ذلك من تشجيع لآخرين على إقامة صلاة الجمعة جماعة في المساجد في الأسابيع القادمة أو أمامها مع ما يمثله ذلك من خطورة على الصحة العامة . نحن نعيش في ظروف استثنائية تتطلب إجراءات استثنائية مهما بلغت لمحاولة السيطرة على هذا الوباء والقضاء عليه . ان الفرائض الدينية رُفعت عن البعض في ظروف خاصة وان رفع الضرر العام مقدم على أي اعتبار آخر ، ولا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة وان الدين يسر وليس عسر وان أفراد مرتبات للخدمات الطبية الملكية ليسوا فئران تجارب .
أما ما حدث في الساعات التي تلت اعلان حظر التجول وحتى ساعات فجر اليوم التالي موعد تنفيذه ، فقد كان كارثة بكل المقاييس حيث تدافعت أعداداً غفيرة من المواطنين إلى أماكن التسوق من مخابز وأسواق ومحلات لبيع المواد التموينية والخضار مصطحبين معهم عائلاتهم وابنائهم وحتى الأطفال منهم والذين تم وضعوهم على عربات التسوق والتي تعتبر اكثر الأشياء الموبوءة بالفيروسات والجراثيم وكأنهم ذاهبين للترويح عن أنفسهم . وأخذوا يتزاحمون داخل وخارج هذه المحال متلاصقين من غير اتباع أي وسيلة من وسائل الوقاية وكأنهم مستعدون للموت مع أفراد عائلاتهم نتيجة اصابتهم بهذا الفيروس في سبيل الحصول على بعض المواد التموينية .
وقبل ان يقوم البعض بتبرير تصرفهم هذا وقبل ان يقوم البعض بتحميل مسؤولية ذلك على الحكومة اريد ان أقول انه ومنذ الأيام الاولى لظهور هذا الفيروس في الاردن والحكومة تحذر من خطورته وترشد إلى وسائل الوقاية منه . كما كانت تتخذ إجراءات وتصدر قرارات تصعيدية في مواجهته فمن إغلاق المدارس والدوائر والمؤسسات والأماكن العامة وحتى دور العبادة إلى الطلب من المواطنين التزام بيوتهم لمدة أسبوعين ، إلى عزل المحافظات عن بعضها . وكانت في كل مرحلة تناشد المواطنين الالتزام باتباع ما تصدره من تعليمات لهم فيما كان معظم المواطنين يقابلون ذلك بلا مبالاة واستهتار إلى ان وصل الأمر إلى تفعيل قانون الدفاع . وقد صرح اكثر من مسؤول حكومي انه إذا لم يلتزم المواطنين بأتباع التعليمات الصادرة اليهم بموجب هذه التعليمات وأوامر الدفاع فأن قرارات وأوامر أخرى سيتم اتخذها بما فيها فرض حالة حظر التجول .
ومنذ ان صدرت تعليمات للمواطنين بالبقاء داخل منازلهم لمدة أسبوعين تكالب الكثير من المواطنون على المحلات التموينية لشراء مستلزماتهم منها كما لم يلتزموا بالبقاء داخل منازلهم وقاموا بالتجوال بسياراتهم وزيارة أقاربهم ، مما جعل فكرة فرض حظر تام للتجول مطروحة بقوة ، وقد جاء ذلك على لسان الناطق الرسمي للحكومة وعلى لسان رئيس الحكومة نفسه وقد تكررت هذه التحذيرات على مدار ثلاثة أيام على الأقل كان بإمكان المواطنين الذين لم يتزودوا بالمواد التموينية القيام بذلك خلالها ولكنهم لم يفعلوا ذلك الا بعد اعلان هذا القرار . مع العلم ان الشعب الاردني ومن تقاليده تخزين المواد التموينية ، ولا يوجد بيت يخلوا من مادة الزيت والزيتون والزعتر ومنتجات الألبان وبعض المعلبات والحبوب و البقوليات والمكرونة والسكر والأرز والشاي والقهوة وبعض أنواع المربى ، ناهيك عن بعض اللحوم وبعض الخضراوات المحفوظة في الثلاجات و الفريزرات . ولا يكاد يوجد بيتاً اردنياً لا يستطيع ان يكتفي ساكنيه ذاتيا من الطعام أو الشراب لبضعة أيام ، ولكن ما ان يعلن عن منخفض جوي مثلًا قد يصحبه هطول زخات من الثلج حتى يهرع غالبية المواطنين لشراء المواد التموينية والغذائية والتي يكتشفون بعد يومين انه لم يكن لهم حاجة بها .
وهذا ما حصل في يوم الجمعة الماضية فقد ذهب الكثيرون للحصول على المزيد من المواد الغذائية والتموينية فوق ما لديهم وأكثر من حاجاتهم بكثير وبطريقة فوضوية ومن غير مراعاة لأي احتياطات صحية وكأنهم يخشون ان لا يجدوا ما يأكلون اكثر من خشيتهم من الإصابة بالمرض
ولا يقول لي قائل ان الذين تكالبوا على الأسواق في هذا اليوم هم ممن لا يوجد في منازلهم ما يأكلون وأنهم من الطبقات المسحوقة لأن الذين كانوا في تلك الأسواق هم من اصحاب السيارات والذين قاموا بملئ صناديقها ومقاعدها الخلفية بهذه المواد والتي سيكون مصير الكثير منها فيما بعد حاويات القمامة . أما الطبقات المسحوقة فقد بقيت في منازلها لعدم توفر المال لديها للقيام بتخزين هذه المواد ، وهذه الفئة هي التي يجب على الحكومة ان تعمل على توفير اساسيات الحياة لها في مثل هذه الظروف .
سوف تكون عواقب يوم الجمعة هذا وخيمة واتوقع ان تظهر نتائجها خلال الأيام القليلة القادمة من خلال تزايد حالات الإصابة في الفيروس . وفي يوم الثلاثاء القادم والذي من المفترض ان تُتخذ فيه إجراءات تمكن المواطنين من الحصول على احتياجاتهم ، فأنه من المتوقع ان يتكرر نفس المشهد وربما اكثر منه وخاصة على ضوء التوقعات بان يمتد حظر التجول لفترات قد تطول ، ما لم تتخذ الحكومة الإجراءات السليمة في هذا اليوم كأن يتم رفع حظر التجول بشكل يتناسب مع التوزيع المكاني والزماني والسكاني بحيث تخصص لكل منطقة سكنية فترة من الوقت تختلف عن المناطق القريبة منها لمنع ازدحام السيارات والمواطنين في الشوارع . ويجب تنظيم الدخول إلى هذه المحلات دون اكتظاظ وان تكون هناك مسافة كافية بين كل مواطن وآخر . والأفضل ان يبقى حظر التجول سارياً إلى فترة أخرى من الوقت والاكتفاء بالإجراءات التي تقوم بها الحكومة لتوصيل الاحتياجات الضرورية للمواطنين في منازلهم .
ثم ماذا بعد فرض قرار حظر التجول ؟ هل حسمنا معركتنا مع هذا الوباء ؟ وهل نحن على الطريق الصحيح لمواجهته ؟ في اليوم الأول لسريان حظر التجول تم ضبط اربعمائة حالة خرق لهذا القرار وقامت إحداهن بتصرفات مشينة في الشارع العام وقام الكثيرون بنشر تسجيلات تتضمن إشاعات غير صحيحة ونشر فيديوهات مفبركة من شأنها ان تنشر الرعب والذعر بين المواطنين . صحيح انه كانت هناك الكثير الكثير من الإيجابيات والارتياح للإجراءات الحكومية ولما تقوم به اجهزتنا الأمنية وقواتنا المسلحة وكوادرنا الطبية المدنية والعسكرية والذين يغامرون بحياتهم لإنقاذ حياتنا وعلاج المصابين منا ، الا ان عدد الإصابات في ازدياد وهي مرشحة للمزيد من الازدياد إذا تراخينا بالإجراءات الوقائية و إذا لم ننفذ التعليمات التي تصدر إلينا بحرفيتها، وأن علينا ان نتوقع المزيد من التعليمات الجديدة التي ربما تكون اشد وأقسى ، والمزيد من أيام منع التجول حيث ان هذا المنع لن يكون مجدياً الا إذا استمر لمدة أربعة عشر يوماً من آخر إصابة بهذا الوباء .
يجب علينا كمواطنين ان نتحمل مسؤولياتنا في هذا المجال وعدم الركون على الحكومة لمحاربته وحدها ، وعدم إلقاء الحمل عليها لوحدها وتحميلها كافة المسؤوليات كما ذهب الكثيرون إلى القول بتعليقاتهم حيث حملوا الحكومة مسؤولية التزاحم في يوم الجمعة الماضية لإعلانها فرض حالة عدم التجول بصورة مفاجئة وغير متوقعة وعلى خلاف الواقع والذي يعرفه الجميع . ثم وعلى فرض ان بعض المواطنين فوجئ بهذا القرار فلماذا لم يخرج شخص واحد من كل عائلة للتبضع ، ولماذا احتشدت العائلات بجميع أفرادها بمن فيهم الرضع في الأسواق وهل الحكومة هي من أمرتهم بذلك ؟ لا بل لقد ذهب البعض إلى القول ان الحكومة بفرضها نظام منع التجول تهدف إلى تأزيم الموقف الصحي للشعب وتبرير القمع وتكميم الأفواه وتردي الاقتصاد وتبرير السطو على أموال الناس عبر تخفيض سعر صرف الدينار مقابل العملات الصعبة وغيرها من هذه التهم التي لا يمكن ان تكون صادرة الا عن نفسية مريضة حاقدة وغير سوية .
كما ان على الحكومة ان تعمل على استمرار حظر التجول ولا تقوم برفعه أبدا وان تكمل ما بدأت تقوم به من إجراءات لإيصال الخدمات الضرورية الى المواطنين في منازلهم بما فيها مادة الخبز والأدوية ، والسماح لبائعي الخضراوات بالسيارات بالتجوال بسياراتهم وبيع الخضار للمواطنين في منازلهم مع أخذ الاحتياطات الازمة لعدم انتقال الفيروس بهذه الطريقة .
ان القضاء على هذا الوباء لا يمكن ان يتم الا إذا مر أسبوعان على الأقل على آخر إصابة به مع استمرار عزل الاردن عن العالم الخارجي إلى ان يزول هذا الوباء من العالم كله بحول الله وقدرته وان على الحكومة ان تتخذ الإجراءات اللازمة في سبيل الوصل إلى هذه المرحلة حتى لو كان ذلك من خلال فرض الأحكام العرفية والتي بموجبها يتم تجميد العمل بالقوانين والعقوبات الحالية ويتم فرض غيرها من قبل الحاكم العسكري العام والمؤسسة العسكرية . وإذا كان من المعتاد ان تعلن هذه الأحكام في حالات الحروب أو الفتن الداخلية فأن ما نواجهه الآن هو اخطر من ذلك كله . حيث نواجه عدواً قوياً وشرساً وغير مرئي . كما ان على الحكومة ان تتخذ إجراءات اشد بحق مروجي الإشاعات وناشريها وان تتضمن هذه الإجراءات الكشف عن شخصياتهم والتشهير بهم وتقديمهم للمحاكمة ليس على أساس قانون الجرائم الإلكترونية بل بعقوبات اشد بموجب قانون الدفاع أو بموجب قوانين الأحكام العرفية في حال الوصول إلى مرحلة تطبيقها . أن مروجي هذه الإشاعات في ظل هذه الظروف لا يرتكبون جريمة مخالفة احكام قانون الجرائم الإلكترونية فقط ، بل جريمة اغتيال الوطن والمواطنين .
وأخيراً وعلى ضوء ما أعلن من انه تم التوصل إلى ان بعض الأدوية التي كانت تستخدم لمعالجة مرض الملاريا قد تكون فعالة في معالجة المصابين بفيروس كورونا ، فأن هذا وحتى في حالة ثبوته لا يجب ان يدفعنا للتساهل بالإجراءات الوقائية حيث ان هذه الأدوية قد تكون علاجية وكافية لشفاء بعض المصابين في هذا المرض وحسب حالاتهم ولكن الفيروس نفسه سوف يبقى وسوف تستمر الإصابة به ما لم يتم التوصل إلى مصل مضاد له يمنع الإصابة به ويقتله في اجساد المصابين به .
اننا لا زلنا في بداية الطريق وامام مفترق طرق ، إما الانحدار نحو الهاوية إما السير حثيثاً نحو السلامة والنجاة وكل واحد منا له دور في سيرنا نحو هذا الطريق أو ذاك .
وكل الشكر والاحترام والتقدير لأجهزتنا الأمنية وقواتنا المسلحة المنتشرة في الشوارع ولكل الموظفين والعاملين في القطاع العام أو القطاع الخاص المتواجدين في هذه الظروف على رأس عملهم للقيام بدورهم بمكافحة هذا الوباء أو لتسهيل حياة المواطنين الجالسين في منازلهم في امن وامان الا ان بعضهم يتأففون .
وحمى الله الاردن وحمى الأردنيين .
أما ما حدث في الساعات التي تلت اعلان حظر التجول وحتى ساعات فجر اليوم التالي موعد تنفيذه ، فقد كان كارثة بكل المقاييس حيث تدافعت أعداداً غفيرة من المواطنين إلى أماكن التسوق من مخابز وأسواق ومحلات لبيع المواد التموينية والخضار مصطحبين معهم عائلاتهم وابنائهم وحتى الأطفال منهم والذين تم وضعوهم على عربات التسوق والتي تعتبر اكثر الأشياء الموبوءة بالفيروسات والجراثيم وكأنهم ذاهبين للترويح عن أنفسهم . وأخذوا يتزاحمون داخل وخارج هذه المحال متلاصقين من غير اتباع أي وسيلة من وسائل الوقاية وكأنهم مستعدون للموت مع أفراد عائلاتهم نتيجة اصابتهم بهذا الفيروس في سبيل الحصول على بعض المواد التموينية .
وقبل ان يقوم البعض بتبرير تصرفهم هذا وقبل ان يقوم البعض بتحميل مسؤولية ذلك على الحكومة اريد ان أقول انه ومنذ الأيام الاولى لظهور هذا الفيروس في الاردن والحكومة تحذر من خطورته وترشد إلى وسائل الوقاية منه . كما كانت تتخذ إجراءات وتصدر قرارات تصعيدية في مواجهته فمن إغلاق المدارس والدوائر والمؤسسات والأماكن العامة وحتى دور العبادة إلى الطلب من المواطنين التزام بيوتهم لمدة أسبوعين ، إلى عزل المحافظات عن بعضها . وكانت في كل مرحلة تناشد المواطنين الالتزام باتباع ما تصدره من تعليمات لهم فيما كان معظم المواطنين يقابلون ذلك بلا مبالاة واستهتار إلى ان وصل الأمر إلى تفعيل قانون الدفاع . وقد صرح اكثر من مسؤول حكومي انه إذا لم يلتزم المواطنين بأتباع التعليمات الصادرة اليهم بموجب هذه التعليمات وأوامر الدفاع فأن قرارات وأوامر أخرى سيتم اتخذها بما فيها فرض حالة حظر التجول .
ومنذ ان صدرت تعليمات للمواطنين بالبقاء داخل منازلهم لمدة أسبوعين تكالب الكثير من المواطنون على المحلات التموينية لشراء مستلزماتهم منها كما لم يلتزموا بالبقاء داخل منازلهم وقاموا بالتجوال بسياراتهم وزيارة أقاربهم ، مما جعل فكرة فرض حظر تام للتجول مطروحة بقوة ، وقد جاء ذلك على لسان الناطق الرسمي للحكومة وعلى لسان رئيس الحكومة نفسه وقد تكررت هذه التحذيرات على مدار ثلاثة أيام على الأقل كان بإمكان المواطنين الذين لم يتزودوا بالمواد التموينية القيام بذلك خلالها ولكنهم لم يفعلوا ذلك الا بعد اعلان هذا القرار . مع العلم ان الشعب الاردني ومن تقاليده تخزين المواد التموينية ، ولا يوجد بيت يخلوا من مادة الزيت والزيتون والزعتر ومنتجات الألبان وبعض المعلبات والحبوب و البقوليات والمكرونة والسكر والأرز والشاي والقهوة وبعض أنواع المربى ، ناهيك عن بعض اللحوم وبعض الخضراوات المحفوظة في الثلاجات و الفريزرات . ولا يكاد يوجد بيتاً اردنياً لا يستطيع ان يكتفي ساكنيه ذاتيا من الطعام أو الشراب لبضعة أيام ، ولكن ما ان يعلن عن منخفض جوي مثلًا قد يصحبه هطول زخات من الثلج حتى يهرع غالبية المواطنين لشراء المواد التموينية والغذائية والتي يكتشفون بعد يومين انه لم يكن لهم حاجة بها .
وهذا ما حصل في يوم الجمعة الماضية فقد ذهب الكثيرون للحصول على المزيد من المواد الغذائية والتموينية فوق ما لديهم وأكثر من حاجاتهم بكثير وبطريقة فوضوية ومن غير مراعاة لأي احتياطات صحية وكأنهم يخشون ان لا يجدوا ما يأكلون اكثر من خشيتهم من الإصابة بالمرض
ولا يقول لي قائل ان الذين تكالبوا على الأسواق في هذا اليوم هم ممن لا يوجد في منازلهم ما يأكلون وأنهم من الطبقات المسحوقة لأن الذين كانوا في تلك الأسواق هم من اصحاب السيارات والذين قاموا بملئ صناديقها ومقاعدها الخلفية بهذه المواد والتي سيكون مصير الكثير منها فيما بعد حاويات القمامة . أما الطبقات المسحوقة فقد بقيت في منازلها لعدم توفر المال لديها للقيام بتخزين هذه المواد ، وهذه الفئة هي التي يجب على الحكومة ان تعمل على توفير اساسيات الحياة لها في مثل هذه الظروف .
سوف تكون عواقب يوم الجمعة هذا وخيمة واتوقع ان تظهر نتائجها خلال الأيام القليلة القادمة من خلال تزايد حالات الإصابة في الفيروس . وفي يوم الثلاثاء القادم والذي من المفترض ان تُتخذ فيه إجراءات تمكن المواطنين من الحصول على احتياجاتهم ، فأنه من المتوقع ان يتكرر نفس المشهد وربما اكثر منه وخاصة على ضوء التوقعات بان يمتد حظر التجول لفترات قد تطول ، ما لم تتخذ الحكومة الإجراءات السليمة في هذا اليوم كأن يتم رفع حظر التجول بشكل يتناسب مع التوزيع المكاني والزماني والسكاني بحيث تخصص لكل منطقة سكنية فترة من الوقت تختلف عن المناطق القريبة منها لمنع ازدحام السيارات والمواطنين في الشوارع . ويجب تنظيم الدخول إلى هذه المحلات دون اكتظاظ وان تكون هناك مسافة كافية بين كل مواطن وآخر . والأفضل ان يبقى حظر التجول سارياً إلى فترة أخرى من الوقت والاكتفاء بالإجراءات التي تقوم بها الحكومة لتوصيل الاحتياجات الضرورية للمواطنين في منازلهم .
ثم ماذا بعد فرض قرار حظر التجول ؟ هل حسمنا معركتنا مع هذا الوباء ؟ وهل نحن على الطريق الصحيح لمواجهته ؟ في اليوم الأول لسريان حظر التجول تم ضبط اربعمائة حالة خرق لهذا القرار وقامت إحداهن بتصرفات مشينة في الشارع العام وقام الكثيرون بنشر تسجيلات تتضمن إشاعات غير صحيحة ونشر فيديوهات مفبركة من شأنها ان تنشر الرعب والذعر بين المواطنين . صحيح انه كانت هناك الكثير الكثير من الإيجابيات والارتياح للإجراءات الحكومية ولما تقوم به اجهزتنا الأمنية وقواتنا المسلحة وكوادرنا الطبية المدنية والعسكرية والذين يغامرون بحياتهم لإنقاذ حياتنا وعلاج المصابين منا ، الا ان عدد الإصابات في ازدياد وهي مرشحة للمزيد من الازدياد إذا تراخينا بالإجراءات الوقائية و إذا لم ننفذ التعليمات التي تصدر إلينا بحرفيتها، وأن علينا ان نتوقع المزيد من التعليمات الجديدة التي ربما تكون اشد وأقسى ، والمزيد من أيام منع التجول حيث ان هذا المنع لن يكون مجدياً الا إذا استمر لمدة أربعة عشر يوماً من آخر إصابة بهذا الوباء .
يجب علينا كمواطنين ان نتحمل مسؤولياتنا في هذا المجال وعدم الركون على الحكومة لمحاربته وحدها ، وعدم إلقاء الحمل عليها لوحدها وتحميلها كافة المسؤوليات كما ذهب الكثيرون إلى القول بتعليقاتهم حيث حملوا الحكومة مسؤولية التزاحم في يوم الجمعة الماضية لإعلانها فرض حالة عدم التجول بصورة مفاجئة وغير متوقعة وعلى خلاف الواقع والذي يعرفه الجميع . ثم وعلى فرض ان بعض المواطنين فوجئ بهذا القرار فلماذا لم يخرج شخص واحد من كل عائلة للتبضع ، ولماذا احتشدت العائلات بجميع أفرادها بمن فيهم الرضع في الأسواق وهل الحكومة هي من أمرتهم بذلك ؟ لا بل لقد ذهب البعض إلى القول ان الحكومة بفرضها نظام منع التجول تهدف إلى تأزيم الموقف الصحي للشعب وتبرير القمع وتكميم الأفواه وتردي الاقتصاد وتبرير السطو على أموال الناس عبر تخفيض سعر صرف الدينار مقابل العملات الصعبة وغيرها من هذه التهم التي لا يمكن ان تكون صادرة الا عن نفسية مريضة حاقدة وغير سوية .
كما ان على الحكومة ان تعمل على استمرار حظر التجول ولا تقوم برفعه أبدا وان تكمل ما بدأت تقوم به من إجراءات لإيصال الخدمات الضرورية الى المواطنين في منازلهم بما فيها مادة الخبز والأدوية ، والسماح لبائعي الخضراوات بالسيارات بالتجوال بسياراتهم وبيع الخضار للمواطنين في منازلهم مع أخذ الاحتياطات الازمة لعدم انتقال الفيروس بهذه الطريقة .
ان القضاء على هذا الوباء لا يمكن ان يتم الا إذا مر أسبوعان على الأقل على آخر إصابة به مع استمرار عزل الاردن عن العالم الخارجي إلى ان يزول هذا الوباء من العالم كله بحول الله وقدرته وان على الحكومة ان تتخذ الإجراءات اللازمة في سبيل الوصل إلى هذه المرحلة حتى لو كان ذلك من خلال فرض الأحكام العرفية والتي بموجبها يتم تجميد العمل بالقوانين والعقوبات الحالية ويتم فرض غيرها من قبل الحاكم العسكري العام والمؤسسة العسكرية . وإذا كان من المعتاد ان تعلن هذه الأحكام في حالات الحروب أو الفتن الداخلية فأن ما نواجهه الآن هو اخطر من ذلك كله . حيث نواجه عدواً قوياً وشرساً وغير مرئي . كما ان على الحكومة ان تتخذ إجراءات اشد بحق مروجي الإشاعات وناشريها وان تتضمن هذه الإجراءات الكشف عن شخصياتهم والتشهير بهم وتقديمهم للمحاكمة ليس على أساس قانون الجرائم الإلكترونية بل بعقوبات اشد بموجب قانون الدفاع أو بموجب قوانين الأحكام العرفية في حال الوصول إلى مرحلة تطبيقها . أن مروجي هذه الإشاعات في ظل هذه الظروف لا يرتكبون جريمة مخالفة احكام قانون الجرائم الإلكترونية فقط ، بل جريمة اغتيال الوطن والمواطنين .
وأخيراً وعلى ضوء ما أعلن من انه تم التوصل إلى ان بعض الأدوية التي كانت تستخدم لمعالجة مرض الملاريا قد تكون فعالة في معالجة المصابين بفيروس كورونا ، فأن هذا وحتى في حالة ثبوته لا يجب ان يدفعنا للتساهل بالإجراءات الوقائية حيث ان هذه الأدوية قد تكون علاجية وكافية لشفاء بعض المصابين في هذا المرض وحسب حالاتهم ولكن الفيروس نفسه سوف يبقى وسوف تستمر الإصابة به ما لم يتم التوصل إلى مصل مضاد له يمنع الإصابة به ويقتله في اجساد المصابين به .
اننا لا زلنا في بداية الطريق وامام مفترق طرق ، إما الانحدار نحو الهاوية إما السير حثيثاً نحو السلامة والنجاة وكل واحد منا له دور في سيرنا نحو هذا الطريق أو ذاك .
وكل الشكر والاحترام والتقدير لأجهزتنا الأمنية وقواتنا المسلحة المنتشرة في الشوارع ولكل الموظفين والعاملين في القطاع العام أو القطاع الخاص المتواجدين في هذه الظروف على رأس عملهم للقيام بدورهم بمكافحة هذا الوباء أو لتسهيل حياة المواطنين الجالسين في منازلهم في امن وامان الا ان بعضهم يتأففون .
وحمى الله الاردن وحمى الأردنيين .