كيف يدمر الخصام والعزل نفسية طفلك عند معاقبته؟
القبة نيوز - اعتمد خبراء التربية طريقة كرسي العقاب أو عزل الطفل وخصامه بوصفها إستراتيجية فعالة لتربية الأطفال على مدى سنوات طويلة، حتى أصبحت الطريقة الأكثر شيوعا التي يستخدمها الآباء، ويوصي بها أطباء الأطفال وخبراء تنمية الطفل، واعتمدتها كل من الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال والأكاديمية الأميركية لطب نفس الأطفال والمراهقين. لكن هل هي فعالة حقا؟ وهل نضمن آثارها على الطفل؟
الحقيقة، لا. واكتُشف ذلك بعدما ثبت تأثير بالغ السوء لتلك الطريقة على الأطفال الذين يعانون من اضطراب نقص الانتباه أو فرط الحركة، مما كان دافعا لمراجعة الأبحاث التي أثبتت من قبل سلامة وفعالية هذه الطريقة، وإثارة بعض علماء الأطفال البارزين للشكوك حول عزل الطفل بوصفه طريقة لمعاقبته سواء بإرساله إلى غرفته قهرا، أو منعه من التواصل مع آخرين من داخل الأسرة وخارجها.
شعور الطفل في عزلته
في معظم الحالات، فإن التجربة الأساسية التي يقدمها الخصام وبقاء الطفل وحيدا في الغرفة هي العزلة، حتى عند تطبيقها بصبر وحب وهدوء تعلمهم العزلة أنه عندما يرتكبون خطأ، أو عندما يواجهون صعوبة في حياتهم، سيضطرون لمواجهتها بمفردهم. وهو درس قاس يشعرهم بالرفض في هذه السن الصغيرة. يحدث ذلك في وقت يحتاج فيه الأطفال لمن يكرر على مسامعهم جملا مثل "أنا مهتم فقط بأن أكون معك، وأن أكون هناك من أجلك عندما تحتاج إلي، وفي كل وقت سنظل معا".
المشكلة هي أن الأطفال -وحتى سن المراهقة والبلوغ- بحاجة ماسة للتواصل. وأثبتت عقود من البحث على الأطفال والمراهقين في التعلق والاحتياج للأسرة، أنه يحدث على وجه الخصوص في أوقات الشدة، أن نكون متصلين بأشخاص نحبهم، ونهدأ من قبل الأشخاص الذين يهتمون بنا. ولكن ما يحدث في أوقات الشغب وما يتبعها من شعور الأطفال بالذنب واللوم والتأنيب، غالبا ما يرسلهم آباؤهم لغرفهم منفردين، أو يجلسون على "كرسي المشاغب" ليمر الإخوة والوالدان من أمامهم دون فتح حوار مع "المشاغب"، مما يعني أنه في هذه اللحظة من الاضطراب العاطفي عليهم أن يعانوا وحدهم.
الخصام طريقة سيئة للعقاب
يعتقد الآباء أن خصام الطفل بجانب أنه يمنحهم فرصة لضبط مشاعرهم، فإنه أيضا فرصة للطفل للهدوء والتفكير في الخطأ الذي ارتكبه وفي كلمات العتاب التي تلقاها، لكن ما يحدث في الواقع هو أن الخصام يجعل الطفل غضبانا ومشتتا وتقل قدرته على التحكم في نفسه أو التفكير فيما فعله، ويجمع تركيزه حول كيفية معاقبة والديه له.
فقد يلاحظ الوالدان اللذان يستخدمان طريقة العزل كعقاب لطفلهما أن سلوكه لا ينضبط بمقدار الجهد الذي يبذلانه في عدم الصراخ بوجهه، وضبط النفس لعدم جرح مشاعره. السبب في ذلك هو أن إرهاق الأطفال عاطفيا بعزلهم يدفعهم لإساءة التصرف أحيانا. فعواطفهم العنيفة وحاجتهم للوصال وقهرهم للبقاء بمفردهم أكبر بكثير من قدرتهم الحقيقية على فهم واستيعاب سبب ذلك. وبالتالي، وبسبب عجزهم عن التعبير عن حاجتهم ومشاعرهم، سيظل تصدر عنهم سلوكيات عدوانية وغير محترمة وغير متعاونة، مما يعد دليلا بسيطا على أن الآباء فشلوا في تنمية بعض مهارات السلوك السليم بداخلهم حتى الآن.
جاء تفسير ذلك في الأبحاث التي أجرتها تينا باين بريسون، المؤسسة المشاركة لمركز أبحاث الوعي الذهني بجامعة كاليفورنيا والمديرة التنفيذية لمعهد "مايندسايت"، واعتبرت هذا السلوك العدواني عند الأطفال صرخة منهم وطلبا لمساعدة أهلهم على تهدئتهم والتواصل معهم وضمّهم، في وقت يكون فيه رد فعل الآباء هو عزل الطفل وحده، وعدم تلبية الحاجة النفسية والشعورية لدى الطفل.
أثر الشعور بالرفض
في كتابه "العقل النامي.. كيف تتفاعل العلاقات الإنسانية مع الدماغ لتشكيل هويتنا؟"، جمع أستاذ الطب النفسي في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا دانيال سيجل مضامين أحدث الأبحاث حول العلاقات الأسرية ونمو دماغ الأطفال، وأثبت بالدراسات التي أجريت على اللدونة العصبية -قدرة الدماغ على النمو والتعافي في مرحلة الطفولة وحتى البلوغ- أن عقاب الطفل بعزله يغير البنية المادية للدماغ لأن التفاعلات المرتبطة بضبط السلوك بين الأطفال وذويهم تتم عبر الكثير من التجارب اليومية.
فيظهر تصوير الدماغ أن تجربة الألم الشعوري، مثل تلك التي يسببها الرفض والعزل، تبدو مشابهة جدا لتجربة الألم الجسدي من حيث نشاط الدماغ في الحالتين. وجاء ذلك في دراسة منشورة في مجلة "العلوم"، بعد تصوير الأعصاب بالرنين المغناطيسي، بناءً على الفرضية القائلة إن قواعد الدماغ للألم العاطفي والأذى الاجتماعي مشابهة لتلك التي تحدث مع الألم الجسدي.
أثناء الدراسة فُحص المشاركون في الدراسة من الأطفال أثناء لعبهم مباراة كرة قدم مع زملائهم، ثم جرى استبعادهم في نهاية المطاف. وبالتوافق مع دراسات سابقة على الألم الجسدي، كان هناك نشاط أكثر يتم في القشرة الحزامية الأمامية للدماغ أثناء الاندماج مع الآخرين بشكل إيجابي. في الحين الذي زاد فيه النشاط بالفص الجبهي الأيمن أثناء استبعادهم من المباراة.
ضبط السلوك دون إيذاء
قدمت الأستاذة المساعدة والطبيبة النفسية للطفل في مستشفى للأطفال بجامعة ميشيغن إيمي دريتون نصيحتها للآباء بأنه لا داعي للعقاب. فبدلا من جلوس الطفل في غرفته يفكر في مدى قسوة والديه، وحرمانه من فرصة ضبط سلوكه وتنمية مهاراته، يمكن وضع حدود واضحة له مع التأكيد على التعاون والحوار والاحترام، مما يمنح الطفل فرصة لتغيير سلوكه بنفسه واكتشاف خطئه واتخاذ قرار حياله.
يمكن بعد ذلك في المرة القادمة التي تتجدد فيها الحاجة إلى ضبط سلوك الطفل، أن يفكر الوالدان في اقتطاع جزء من وقتهما لقضائه مع الطفل، ويتضمن الجلوس معه، والتحدث بهدوء، وطمأنته وتعليمه ضبط نفسه وتوتره أو غضبه، ثم التفكير في الأضرار المترتبة على سلوكه الخاطئ، ولماذا عليه التوقف عنه.
يتم هنا التفكير في السلوك وطريقة ضبطه مع الطفل، وليس بتركه وحده. وكل هذا سيجعل دور الوالدين أكثر فاعلية وسيتلقون مكافأة على جهدهما على المدى الطويل.(وكالات)
الحقيقة، لا. واكتُشف ذلك بعدما ثبت تأثير بالغ السوء لتلك الطريقة على الأطفال الذين يعانون من اضطراب نقص الانتباه أو فرط الحركة، مما كان دافعا لمراجعة الأبحاث التي أثبتت من قبل سلامة وفعالية هذه الطريقة، وإثارة بعض علماء الأطفال البارزين للشكوك حول عزل الطفل بوصفه طريقة لمعاقبته سواء بإرساله إلى غرفته قهرا، أو منعه من التواصل مع آخرين من داخل الأسرة وخارجها.
شعور الطفل في عزلته
في معظم الحالات، فإن التجربة الأساسية التي يقدمها الخصام وبقاء الطفل وحيدا في الغرفة هي العزلة، حتى عند تطبيقها بصبر وحب وهدوء تعلمهم العزلة أنه عندما يرتكبون خطأ، أو عندما يواجهون صعوبة في حياتهم، سيضطرون لمواجهتها بمفردهم. وهو درس قاس يشعرهم بالرفض في هذه السن الصغيرة. يحدث ذلك في وقت يحتاج فيه الأطفال لمن يكرر على مسامعهم جملا مثل "أنا مهتم فقط بأن أكون معك، وأن أكون هناك من أجلك عندما تحتاج إلي، وفي كل وقت سنظل معا".
المشكلة هي أن الأطفال -وحتى سن المراهقة والبلوغ- بحاجة ماسة للتواصل. وأثبتت عقود من البحث على الأطفال والمراهقين في التعلق والاحتياج للأسرة، أنه يحدث على وجه الخصوص في أوقات الشدة، أن نكون متصلين بأشخاص نحبهم، ونهدأ من قبل الأشخاص الذين يهتمون بنا. ولكن ما يحدث في أوقات الشغب وما يتبعها من شعور الأطفال بالذنب واللوم والتأنيب، غالبا ما يرسلهم آباؤهم لغرفهم منفردين، أو يجلسون على "كرسي المشاغب" ليمر الإخوة والوالدان من أمامهم دون فتح حوار مع "المشاغب"، مما يعني أنه في هذه اللحظة من الاضطراب العاطفي عليهم أن يعانوا وحدهم.
الخصام طريقة سيئة للعقاب
يعتقد الآباء أن خصام الطفل بجانب أنه يمنحهم فرصة لضبط مشاعرهم، فإنه أيضا فرصة للطفل للهدوء والتفكير في الخطأ الذي ارتكبه وفي كلمات العتاب التي تلقاها، لكن ما يحدث في الواقع هو أن الخصام يجعل الطفل غضبانا ومشتتا وتقل قدرته على التحكم في نفسه أو التفكير فيما فعله، ويجمع تركيزه حول كيفية معاقبة والديه له.
فقد يلاحظ الوالدان اللذان يستخدمان طريقة العزل كعقاب لطفلهما أن سلوكه لا ينضبط بمقدار الجهد الذي يبذلانه في عدم الصراخ بوجهه، وضبط النفس لعدم جرح مشاعره. السبب في ذلك هو أن إرهاق الأطفال عاطفيا بعزلهم يدفعهم لإساءة التصرف أحيانا. فعواطفهم العنيفة وحاجتهم للوصال وقهرهم للبقاء بمفردهم أكبر بكثير من قدرتهم الحقيقية على فهم واستيعاب سبب ذلك. وبالتالي، وبسبب عجزهم عن التعبير عن حاجتهم ومشاعرهم، سيظل تصدر عنهم سلوكيات عدوانية وغير محترمة وغير متعاونة، مما يعد دليلا بسيطا على أن الآباء فشلوا في تنمية بعض مهارات السلوك السليم بداخلهم حتى الآن.
جاء تفسير ذلك في الأبحاث التي أجرتها تينا باين بريسون، المؤسسة المشاركة لمركز أبحاث الوعي الذهني بجامعة كاليفورنيا والمديرة التنفيذية لمعهد "مايندسايت"، واعتبرت هذا السلوك العدواني عند الأطفال صرخة منهم وطلبا لمساعدة أهلهم على تهدئتهم والتواصل معهم وضمّهم، في وقت يكون فيه رد فعل الآباء هو عزل الطفل وحده، وعدم تلبية الحاجة النفسية والشعورية لدى الطفل.
أثر الشعور بالرفض
في كتابه "العقل النامي.. كيف تتفاعل العلاقات الإنسانية مع الدماغ لتشكيل هويتنا؟"، جمع أستاذ الطب النفسي في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا دانيال سيجل مضامين أحدث الأبحاث حول العلاقات الأسرية ونمو دماغ الأطفال، وأثبت بالدراسات التي أجريت على اللدونة العصبية -قدرة الدماغ على النمو والتعافي في مرحلة الطفولة وحتى البلوغ- أن عقاب الطفل بعزله يغير البنية المادية للدماغ لأن التفاعلات المرتبطة بضبط السلوك بين الأطفال وذويهم تتم عبر الكثير من التجارب اليومية.
فيظهر تصوير الدماغ أن تجربة الألم الشعوري، مثل تلك التي يسببها الرفض والعزل، تبدو مشابهة جدا لتجربة الألم الجسدي من حيث نشاط الدماغ في الحالتين. وجاء ذلك في دراسة منشورة في مجلة "العلوم"، بعد تصوير الأعصاب بالرنين المغناطيسي، بناءً على الفرضية القائلة إن قواعد الدماغ للألم العاطفي والأذى الاجتماعي مشابهة لتلك التي تحدث مع الألم الجسدي.
أثناء الدراسة فُحص المشاركون في الدراسة من الأطفال أثناء لعبهم مباراة كرة قدم مع زملائهم، ثم جرى استبعادهم في نهاية المطاف. وبالتوافق مع دراسات سابقة على الألم الجسدي، كان هناك نشاط أكثر يتم في القشرة الحزامية الأمامية للدماغ أثناء الاندماج مع الآخرين بشكل إيجابي. في الحين الذي زاد فيه النشاط بالفص الجبهي الأيمن أثناء استبعادهم من المباراة.
ضبط السلوك دون إيذاء
قدمت الأستاذة المساعدة والطبيبة النفسية للطفل في مستشفى للأطفال بجامعة ميشيغن إيمي دريتون نصيحتها للآباء بأنه لا داعي للعقاب. فبدلا من جلوس الطفل في غرفته يفكر في مدى قسوة والديه، وحرمانه من فرصة ضبط سلوكه وتنمية مهاراته، يمكن وضع حدود واضحة له مع التأكيد على التعاون والحوار والاحترام، مما يمنح الطفل فرصة لتغيير سلوكه بنفسه واكتشاف خطئه واتخاذ قرار حياله.
يمكن بعد ذلك في المرة القادمة التي تتجدد فيها الحاجة إلى ضبط سلوك الطفل، أن يفكر الوالدان في اقتطاع جزء من وقتهما لقضائه مع الطفل، ويتضمن الجلوس معه، والتحدث بهدوء، وطمأنته وتعليمه ضبط نفسه وتوتره أو غضبه، ثم التفكير في الأضرار المترتبة على سلوكه الخاطئ، ولماذا عليه التوقف عنه.
يتم هنا التفكير في السلوك وطريقة ضبطه مع الطفل، وليس بتركه وحده. وكل هذا سيجعل دور الوالدين أكثر فاعلية وسيتلقون مكافأة على جهدهما على المدى الطويل.(وكالات)